| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    السبت 17/12/ 2011

 

جاك شيراك المُدانْ

امين يونس

أصدرَ القاضي " دومينيك بوث " رئيس الغرفة 11 في محكمة باريس ، يوم أمس الخميس 15/12 ، حُكماً بسجن الرئيس الفرنسي السابق ( جاك شيراك ) ، سنتَين مع وقف التنفيذ ... حيث وجدَتْه المحكمة مُذنباً ، بجريمة (إستغلال السُلطة من خلال بضعة وظائف وهمية لِمُقربين له في بلدية باريس ، عندما كان رئيساً للبلدية في مَطلع التسعينيات) ! .

- هذا الدومينيك الأرعن ، لم يحترم كُل تأريخ شيراك الباهر ، ولا كونه كان منذ سنوات قليلة رئيساً لجمهورية فرنسا ، وشخصية ذات وزنٍ على المستوى الدولي .. وترجمَ القاضي الباريسي عملياً ، مقولة ان العدالة [ عمياء ] .. فلا تنظر الى الشخص او مركزه ومنصبه .. بل الى الوقائع والادلة والقرائن والبراهين .. وتحكم وفقاً لذلك .

- الجريمة الكبرى التي إقترفها جاك شيراك ، قبل عشرين سنة ، عندما كان رئيساً لبلدية باريس ورئيساً لحزب التجمع من أجل الجمهورية .. أنه صرف بعض الفرنكات كرواتب لعدة أشخاص أعضاء في حزبهِ ، على حساب البلدية !! . في الحقيقة ، أنا العراقي لا أفهم هذهِ اللغة على الإطلاق ... شخصٌ مُنتخَب من قِبَل الشعب ، لكي يصبح أهم مسؤول في المدينة الكبيرة باريس ، وتحت يده مليارات الفرنكات وجيشاً من العاملين ، ومئات المشاريع ... وفوق هذا انه زعيم حزبٍ صاعد ، سيتنافس بعد ثلاث سنين في الإنتخابات الرئاسية ، على منصب رئيس الجمهورية .. هل هذا الرجُل ، ممنوعٌ عليهِ ان يستخدم منصبه الكبير كرئيس لبلدية باريس ، في تعيين ستة او سبعة أنفار من مؤيديه في البلدية ؟!! ... علامات التعجب ليستْ مُفتَعَلة .. فأنا متعجبٌ فعلاً .. لأنني منذ ان وعيتُ الدُنيا .. أرى وأسمع ، بأن " الخَيْر " يعُمُ عائلة المسؤول بعد تسلمه المنصب بفترةٍ وجيزة .. ويمتد الى أقرباءه ثم الى أصدقاءه وبالطبع الى بعضٍ من أعضاء حزبه المُقربين ... وبما انني لم أرَ أحداً من هؤلاء المسؤولين ، يُحاسَب على ذلك .. فلقد إنطبعَ في ذهني ، بأن الأمر طبيعي وشرعي وجائز ! . والآن في العراق الجديد .. أصبحتْ هذه الأخلاقية " او رُبما اللاأخلاقية " ، من أبرز سِمات المرحلة ... ففي عهد صدام مثلاً ... كان من الشائع ان لايُداوم بعض الجنود الأغنياء ويقوم الضابط بإستلام رواتبهم ، او بعض الموظفين بالإتفاق مع المدير .. لكن اليوم .. تجد ان مُدير شرطة مُحافظةٍ ما ، يستلم رواتب عشرات وأحياناً مئات ، من المنتسبين " الوهميين " ، ويتفاخر أمامَ مُدراء الشرطة في المحافظات الاخرى ، بأن عدد الوهميين عنده أعلى من الذين عندهم ! . .. لدينا ، مُحافظين كانوا قبلَ إستلامهم المسؤولية ، لايملكون شروى نقير ، لاهُم ولا عوائلهم .. وبِقُدرة قادر ، أصبحوا أثرياء بسرعة الصاروخ ، هُم وأخوانهم وأخوالهم واعمامهم وجميع ملحقاتهم ! .

- هؤلاء الفرنسيين الحمقى ، لا يدركون نعمة "النسيان" .. شيراك الان يقترب من الثمانين من عمره .. وكان قبل فترة رئيساً للدولة العظمى فرنسا .. أهدرَ قبل عشرين سنة بعض الخردة البسيطة من ميزانية بلدية باريس ، واعطاها لبعض مريديه في الحزب من خلال تعيينهم في وظائف وهمية ... ثم ماذا ؟
تصوروا هيئة من ألمع المحامين ، لم تستطع ان توقف المحاكمة او تلغي القرار .. طوبى لك ايها القاضي العادل .. أنحني للعدالة الفرنسية !.

- يُقال ان طيب الذكر جاك شيراك ، كان صديقاً مُقرَباً لسيئ الذِكر صدام حسين ، منذ مطلع الثمانينيات ، وان صداماً هو الذي عّلمهُ مبادئ الإختلاس وتجاوز القانون .. والله أعلم !

...................................

متى ستصبح السلطة القضائية ، عندنا ، مُستقلة فعلاً ؟ متى سنمتلك قُضاةً شامخين شجعان نزيهين .. يُجرجرون أكبر المسؤولين أمام المحاكم ، ويحاسبونهم على كُل ما أقترفوه ؟


16/12/2011
 

 

free web counter