| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    الجمعة 15/12/ 2011

 

المالكي في واشنطن

امين يونس

من أكثر العبارات لفتاً للإنتباه ، التي قالها " اوباما " خلال لقاءه مع " نوري المالكي " يوم الثلاثاء 13/12/2011 في واشنطن ، ( ... أنه مُتأكد من شجاعة المالكي في إتخاذ أصعب القرارات ، حتى لو كانتْ هذه القرارات لاتعجب بعض دول الجوار ..!) . ترى ماهي القرارات الصعبة ، التي يتوقع اوباما ، ان يتخذها المالكي في الأشهر القادمة ؟ وأي من دول الجوار الستة  لن تعجبها هذه القرارات ؟ أستطيع المُجازفة بالقول ، ان الكويت والسعودية والأردن ، بعيدة نوعَما ، في هذه المرحلة ، عن الأولويات الرئيسية لمباحثات اوباما / المالكي .. والتركيز جرى على [ الدَور ] الذي يُمكن ان يلعبه العراق ، في الملف السوري ، خلال النصف الاول من العام الجديد ، وفي المدى الأبعد ، في العلاقات الامريكية / الايرانية . ومن الطبيعي ان تركيا لن تكون غائبة عن هذه المُعادلة . أرى ان التهيئة لهذا الدور العراقي ، كانتْ قد بدأتْ منذ مطلع العام 2011 ، اي مع بداية المظاهرات الاحتجاجية في سوريا ضد النظام .. وكان من المنطقي ، ان تتحمس الحكومة العراقية ، للمُعارضة السورية وتدعمها بِكُل قُوة " حيث ان المالكي وغيره من اركان الحكومة ، كانوا قد إتهموا سوريا صراحة ، في عدة مناسبات ، بوقوفها خلف العمليات الارهابية في العراق ، وإستضافتها للعديد من المطلوبين من رجالات عهد صدام " .. لكن الذي جرى كان بعكس ذلك تماماً .. فبدءاً بالرئيس الطالباني ومروراً بوزير الخارجية ووصولاً الى نوري المالكي ، فأن الجميع أعربوا عن وقوفهم الى جانب نظام بشار الأسد ، او على الأقل عدم تأييد المظاهرات في الداخل السوري ولا دعم المعارضة في الخارج .. من الطبيعي في هذه الحالة ، التفكير بالضغط الايراني ، على الحكومة العراقية من أجل الإصطفاف معها ، لمساعدة سوريا في أزمتها ... لكن ينبغي عدم القفز من فوق حقيقة واضحة ألا وهي : ان الطالباني او المالكي ، لم يكن في مقدورهما ، رغم الضغوطات الايرانية عليهما .. إتخاذ هكذا موقف .. [ من غير أخذ موافقة ضمنية من الولايات المتحدة الامريكية ] . فُكُل الطبقة السياسية الحاكمة اليوم في العراق ، موالية للأمريكان أكثر كثيراً من موالاتها لإيران او اي جهةٍ اُخرى " رُبما عدا التيار الصدري " . ومن ناحيةٍ اُخرى ، لو كان التأثير الإيراني على حكومة المالكي ، كبيراً الى الدرجة التي يُرّوجها البعض .. لِما سمحتْ إيران للمالكي حتى نهاية 2010 ، بالتهجم المُباشر على النظام السوري وإتهامه بأنه هو الداعم الاساسي للمجاميع الإرهابية العاملة في العراق ... لكن نقطة التحول في موقف المالكي من سوريا ، كانتْ بعد تصاعُد المُظاهرات بصورةٍ مضطردة في سوريا ضد النظام ، والتخّوف الجدي من إستحواذ تيارات سنية مُتطرفة ، على الحُكم بعد زوال نظام الأسد .. وهنا إلتقتْ توجهات المالكي ، مع السياسات الايرانية .. والولايات المتحدة الامريكية ، شّجعتهُ ضمناً من خلال صمتها عليهِ .. لسببَين : الاول ، لكي تترك إنطباعاً ، بأن الحكومة العراقية مُستقلة وحُرّة في إنتهاج سياساتها المُغايرة ، والثاني لإستثمار هذا الموقف لاحقاً ، بما يخدم المصالح الامريكية .

 - من المَشاهِد الدراماتيكية .. تبادُل المواقع ، بين المالكي وحلفاءه عموماً (الذين كانوا ضد النظام السوري قبل سنة ونصف) ، وبين القائمة العراقية ومؤيديها (الذين كانوا مع النظام السوري) ... مع خصوصية موقف أقليم كردستان من سوريا ، وإرتباط ذلك بالمُعادلة الكردية في المنطقة . حيث نجد اليوم ان القائمة العراقية متحمسة لدعم المعارضة السورية وتدعو الى رحيل الأسد.. والمالكي يدعو الى حل المشكلة عن طريق التفاوض والإصلاحات!.

- بعض أطراف المعارضة السورية المدعومة مِنْ قِبَل تركيا ، تّدعي ، ان هنالك كثير من عناصر ( جيش المهدي ) العائدة الى مُقتدى الصدر ، تُشترك في ضرب المتظاهرين وقمعهم ، لاسيما في حَماه وحُمص .. ولكن ذلك لم يتأكد من مصادر مُستقلة .. " علماً انه سبق لبشار الأسد أن إستقبلَ مقتدى الصدر عدة مرات خلال السنتَين المنصرمتَين "

- هنالك ملامِح لعبةٍ كُبرى : تصاعُد الضغط على إيران ، الى درجة أما دفعها الى التنازُل الكُلي عن مشروعها النووي والرضوخ لشروط الغرب " وهو إحتمالٌ مُستبعَد " .. أو دعم وتشجيع قيام إنتفاضة كبيرة في ايران تؤدي الى تغييرٍ من الداخل .. وما الحصار الاقتصادي والمالي والبنكي الغربي ، إلا مظاهر لهذا الضغط المتواصل .. ولكي يكتمل الخِناق على ايران ، ينبغي تجفيف المنابع التي تُساعدها على المقاومة والإستمرار .. من خلال تحييد سوريا وبالتالي حزب الله اللبناني وحماس . أعتقد ان المالكي بدأ في تنفيذ خطة ، للتقريب بين المعارضة السورية والنظام السوري ، ومحاولة إقناع الجامعة العربية بتأجيل المقاطعة ، واللجوء الى حل المشكلة عن طريق المباحثات والتفاوض .

- الولايات المتحدة الامريكية ، تُحاول جاهدة ، إقناع المالكي ، وبالتالي الشيعة في العراق .. التخلي نهائياً عن إيران ، وإفهامه بأن الغرب مُصِر على زوال النظام الايراني مَهما كان الثمن .. وبالتنسيق الاستراتيجي بين امريكا والعراق .. فأن العراق سيلعب دوراً محورياً في المرحلة المقبلة في المنطقة .. ليسَ مثل عهد صدام ، بتهديده للجيران .. بل بكونه عنصر توازن مُعتدِل وقوة سياسية وإقتصادية كبيرة .. وكذلك تشجيع المالكي على لعب دورٍ موازٍ لدَور تركيا ، بالنسبة للملف السوري .. من خلال السماح لنظام الاسد بالبقاء ، بشرط تنفيذ مجموعة من الشروط والاصلاحات .. لعل منها ، فك الإرتباط بين سوريا والنظام الايراني وملحقاته اللبنانية والفلسطينية .. ورُبما إشراك بعض قوى المعارضة في الحُكم .. وتنفيذ بعض المطالب الكردية في سوريا ، بشرط ان لايكون لها تداعيات على كردستان تركيا . هذا السيناريو إذا تم .. فأنه سيُسبب بمزيد من العزلة لإيران .. وبالتزامن مع الحظر الاوروبي لإستيراد النفط الايراني ، وحث الصين واليابان على إيجاد بدائل مؤقتة للنفط الايراني .. فأن إحتمالات سقوط النظام الايراني سوف تزداد !. ومن النتائج العرضية لهذا السيناريو ، ان تصبح سوريا دولة " ضعيفة " شبيهة الى حدٍ ما ، بالعراق من 1991 لغاية 2003 .. وذلك أفضل للغرب في هذه المرحلة .. وبالتأكيد مصدر إرتياح لإسرائيل وتركيا وربما للعراق ايضاً !.

- هنالك مُشكلة ، لابُد ان تُواجه المالكي قريباً ، وهي : التيار الصدري . أعتقد انه لا مَفَر خلال السنة القادمة ، من حَسم هذه المُعضلة .. فحسب معظم القراءات ، فأن المواجهة قادمة لامَحالة بين التيار الصدري والمالكي .. فالصدريون يتصرفون في كثير من الأحيان ، بمعزَل عن توجهات الحكومة " رغم مشاركتهم فيها " ، وبعيداً عن سياسات المالكي .. وعلاقات زعيمهم مقتدى الوثيقة ، بإيران ، وتحركاته في دول الاقليم ، تُثير شكوك المالكي ومخاوفه ... أرى ان على المالكي ان يُجازف ويتخذ قراراً صعباً ، بفك الشراكة مع التيار الصدري .. وتعويض ذلك بالتحالف مع بعض مكونات القائمة العراقية .. والتهيؤ لتصفية حساب نهائية مع التيار الصدري !.

القرار الصعب الآخر الذي على المالكي ان يتخذه قريباً ، هو الإبتعاد عن المحور الايراني .. والتنسيق مع تركيا لإيجاد مخرجٍ للأزمة السورية .. والدولة التي لن يعجبها ذلك على الإطلاق .. هي ايران بالطبع .


15/12/2011
 

 

free web counter