| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
السبت 14/7/ 2012 أمين يونس كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
المالكي والهروب الى الأمام
امين يونس
عندما كان العراق في التسعينيات ، خاضعاً للعقوبات الدولية ولم يكُن بإستطاعة نظام صدام ، تصدير النفط بِحُرية ولا أن يستورد البضائع التي يريدها .. فأن النظام أوجَد منافذ يستطيع من خلالها ، الإلتفاف على العقوبات " عبر الحدود مع الاردن واقليم كردستان ومن ثم تركيا ، لاسيما في تهريب النفط وإستيراد مختلف البضائع الممنوعة " .. وبالتأكيد لم تكن هذه الخروقات ، خافية على الامم المتحدة او الولايات المتحدة .. لكنهما كانتا تتجاهلان الأمر وتتعاميان عنه ! .. ومن نافلة القول ، ان تلك العقوبات والحصار الظالم المفروض على العراق حينها ، لم يُؤثِر مُطلقاً على [ النظام ] .. بل ان الذي عانى في الحقيقة ، هو الشعب فقط ... حيث انه في سنوات الحصار تلك ، قام صدام ببناء قصوره الضخمة الباذخة وأقام إحتفالات أعياد ميلاده الخُرافية في بذخها .. في حين كان الأطفال يموتون يوميا من شحة الدواء والغذاء .
واليوم هنالك عقوبات دولية مفروضة على كُل من ايران وسوريا .. واليوم تتكرر الصورة ، ويترسخ نفاق وكذب المؤسسات الدولية والولايات المتحدة الامريكية .. فالحصار والعقوبات ، لاتؤثر كثيراً في انظمة الحكم المستبدة في ايران وسوريا .. بل ان الشعبَين الجارَين .. هما مَنْ يدفع الثمن الفعلي . وهاهو النظام الإيراني يخرق الحصار ويتجاوز العقوبات ، كما فعل صدام قبل ذلك .. ومن سوء حظنا .. اننا في العراق ، في موقعٍ جغرافي بالغ الحساسية ، يتأثر بمحيطه سلباً وإيجاباً .. بل على الاغلب سلباً ! . فرغم التعتيم واللاشفافية ، فهنالك الكثير من التسريبات حول تهريب كميات ضخمة من العملة الصعبة ، والدولار الامريكي خصوصاً ، من العراق الى ايران .. وكذلك التعامل التجاري والنفطي والغازي ، حيث أمكن بين البلدَين .. وحتى هنالك انباء غير مؤكدة ، عن تحويل أسلحة وعتاد من ايران الى سوريا ، عبر الاراضي العراقية .. بل وحتى تهريب اموال كبيرة من العراق وتسليمها الى حزب الله في لبنان .. رُبما تكون هذه الإخبار ، مُجرد إشاعات أو فيها الكثير من المُبالغة .. لكن هنالك إحتمالات أيضاً ، ان تكون صحيحة جزئياً . وفي هذه الحالة .. لا اتصور ، ان الولايات المتحدة الامريكية ، بسفارتها العملاقة الأكبر في العالم وآلاف العاملين فيها ، ومُخابراتها وأذرعها المبثوثة على طول الحدود مع ايران وسوريا .. ان تكون غافلة عّما يجري أو ماذا يعبر من هذا الإتجاه او ذاك .. ولكن سياستها الخبيثة والمواربة ، هي التي تُشّجِع كما في السابق ، على الفساد وخلق المشاكل وتأزيم الأوضاع .
من ناحيةٍ اُخرى ، فان " نوري المالكي " الطامح بوضوح ، ليسَ الى الإستمرار في الحكم لأطول مدة ، فقط .. بل الى لعب دَورٍ أقليمي في المرحلة القادمة .. والحصول على [ إعترافٍ ] ضمني لهذا الدَور ، من الولايات المتحدة الامريكية والغرب وكذلك من دول الجوار . والأدلة على ذلك كثيرة : فمن تهالكه على عقد القمة العربية العرجاء في بغداد .. الى إستضافته لإجتماع خمسة زائد واحد الخاص بالملف النووي الايراني .. الى إستعداده للوساطة في الأزمة السورية المتفاقمة . كُل ذلك يشير الى إهتمام المالكي ، بصورةٍ كبيرة ، بالوضع الأقليمي ، ولاسيما .. إيجاد موطأ قدم لِدَورٍ له بالذات في المشهد . انه نوعٌ من " الهروب " من الأزمة الداخلية العراقية وإستحقاقاتها.. هذه الأزمة المتصاعدة ، التي هو .. أي المالكي أحد أهم أسبابها !.
12/7/2012