| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

أمين يونس

 

 

 

                                                                                    الخميس 12/1/ 2012

 

إطلالة على اللوحة الكُردية

امين يونس

- ان تأثير الأحزاب الكردية العراقية ، كبير ، على جميع الساحات التي يتواجد فيها الكُرد ، في بُلدان الجوار .. ولقد إتسعَ هذا التأثير الى مدياتٍ بعيدة ، بعد بدأ الثورة المُسلحة في 1961 في أعقاب الهجوم العسكري الذي شّنه عبدالكريم قاسم ضد الكُرد ، والتي كانتْ المرّة الاولى التي تبرز فيها حركة كردية شُبُه مُنّظمة ، وذات أهداف سياسية واضحة وشعارات قومية . ولقد كان التأثير اُحادي الإتجاه الى حدٍ ما ... فجميع الأحزاب الكردية والحركات والجمعيات التي ظهرتْ في سوريا وإيران ولاحقاً في تركيا ، كانتْ تعتبر " الملا مصطفى البارزاني " رمزاً للكفاح الكردي في كُل مكان ، وتسترشد بنهج الحزب الديمقراطي الكردستاني ، بدرجةٍ أو بأخرى .. ولكن حدثتْ بعض التغييرات ، على هذه اللوحة ، منذ أواسط الستينيات ، حين إنشقَ ابراهيم أحمد وجلال الطالباني ، عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الأم ... فكان لذلك تداعياته على الأحزاب الكردية في كُل من سوريا وايران ، بدرجات مُختلفة ، ونُثِرتْ بذور مؤيدي الطالباني ، ولو على إستحياء وبأعداد متواضعة .. وبعد بيان 11آذار 1970 وما أعقبه من حرب ، وإنتكاسة 1975 ... وولادة الإتحاد الوطني الكردستاني وأحزاب أخرى .. تصاعَدَ تأثير الأحزاب الكردية العراقية ، على أحزاب ايران وسوريا ، وأمتَدَ التنافس الحاد بين الحزب الديمقراطي الكردستاني ، من جهة ، والإتحاد الوطني الكردستاني ، من ناحية أخرى .. ليصل الى ساحات دول الجوار .. فتورطتْ أحزابها الكردية ، بين الحين والآخر ، في الصراعات الداخلية فيما بينها ، في العديد من المواقف ..

ولِحد اليوم ، ورغم " الإتفاق الإستراتيجي " بين الحزبَين الرئيسيين ، الديمقراطي والإتحاد .. فأن هنالك أحزاب كردية في سوريا وإيران ، محسوبة بالكامل على أحد الحزبَين ، وتتلقى الدعم المادي والمعنوي منهما .

- نقطة التبّدُل الرئيسية في المشهد الكردي ، كانتْ ظهور " حزب العمال الكردستاني " في كردستان تركيا ، مطلع الثمانينيات .. ولم يكُن تأثير الأحزاب الكردية العراقية ، كبيراً ، لا في تشكيل حزب العمال منذ البداية ، ولا في النهج الفكري والمرجعية التأريخية بعد ذلك . وهذه النقاط مُهمة في المعادلة الكردية .. ونتجَ عنها فيما بعد ، ان حزباً فَتياً ذو شعبية مُتصاعدة ، بدأ بالتشكل ، في كردستان تركيا ، وسُرعان ما إمتَدَ تأثيره الى محيطه الأقليمي . ولم تكن أحوال الحزبَين الكرديين العراقيين ولا الظروف ، تسمح لهما .. بالإكتشاف المُسبَق .. لخطورة هذا الوافد الجديد ، وقدرتهِ على منافستهما بجِدية .. ولما بدآ بإستشعار ذلك في نهاية الثمانينيات .. كان الوقت قد فات ، ولم يعودا يستطيعان القضاء عليهِ أو تحجيمهِ " كما فعلا مع العديد من الاحزاب الاخرى ، في فترات متعددة " !.

- من البديهي ، ان العراق وايران وتركيا وسوريا ، وهي الدول التي يتواجد فيها الكُرد ، وهي الدول التي طالما إضطهدتْ حكوماتها ، الكُرد ... هي نفسها التي تلاعبتْ [ وما زالتْ ] تتلاعب ، بالورقة الكردية ، وتتقاذفها فيما بينها ، حسب مصالح تلك الدول ، ولأن هذهِ المصالح مُتشابكة بشدة .. فأحياناً تتوازى ، وأحياناً تتقاطع .. فترى إحدى الدول " تستضيف " أحزاباً كردية مناوئة للدولة الجارة .. ومن الطبيعي ، ان طيف " الإستضافة " يمتد من توفير الملجأ والإقامة ، الى الدعم المعنوي والمادي ، الى التسليح والتدريب والدعم اللوجستي ... حسب الظروف التي يتطلبها الموقف ! . ولعل تواجد اللاجئين الكرد العراقيين ولفترات متقطعة ، في ايران ، من منتصف الستينيات لغاية 1991 .. وما تخّللها " أحياناً " من أخطاء وتصرفات الحزبَين الديمقراطي والإتحاد ، غير مقبولة ، و " بضغطٍ من المُضيف الايراني " في العهدَين الشاهنشاهي والاسلامي على السواء ، وإستخدامهما أحياناً كعصا غليظة ضد المعارضة الايرانية ... هي دليل على إستغلال ايران ل " إستضافتها " للمعارضة الكردية العراقية ، لمصالحها الخاصة . وكذلك فعلتْ سوريا ، بل وما زالتْ .. حيث تستثمر ، إحتضانها ل " حزب العمال الكردستاني " منذ مطلع الثمانينيات .. ثم التوقف عن الدعم وتجميده ، في السنوات الاخيرة [ عندما تحسنتْ العلاقات التركية السورية ] ... والآن بعد ان ساءتْ هذه العلاقات مؤخراً .. أعادَ النظام السوري ، دعمه لحزب العمال الكردستاني ، وتوظيفه لِلحَد من الإنتفاضة الشعبية السورية ! ... عموماً ، ان فترة التسعينيات في اقليم كردستان العراق ، التي شهدتْ معارك شرسة بين الأحزاب الكردستانية فيما بينها ( الحزب الديمقراطي الكردستاني ، حزب العمال الكردستاني ، الإتحاد الاسلامي الكردستاني ، الاتحاد الوطني الكردستاني ، الجماعة الاسلامية الكردستانية .) ... خيرُ دليل على إنسياق هذه الأحزاب ، الى تنفيذ أجندات دول الجوار ، سواء بصورةٍ متعمدة او غير متعمدة .

- ان سيطرة الحِزبَين الديمقراطي والإتحاد ، على مُقدرات الأقليم خلال السنوات العشرين الماضية ، ولا سيما الزيادة المُطردة في الموارد التي يتحكمان بها ... أتاحتْ لهما ، كسب المزيد من المؤيدين في المناطق الكردية ، في تركيا وسوريا وايران ، من خلال تقديم الدعم المالي المتواصل ( وكذا في داخل الأقليم ، حيث يلعب المال السياسي دوراُ هاماً في حشد التأييد ) .

في حين ان حزب العمال الكردستاني ، ومن خلال سياساته المُختلفة عن الحزبَين ، تلك السياسات التي إستهدفتْ منذ البداية ، " كردستان الكبرى " المتخطية للحدود .. والعنفوان الثوري الذي طبعَ حزب العمال الكردستاني ، خلال السنوات الماضية ... نفس السنوات التي شهدتْ تراجعاً في " ثورية " و " كوردايتي " حِزبَي الديمقراطي والإتحاد " اللذان إنشغلا بممارسة السلطة وجمع الاموال " ... جعلَ حزب العمال الكردستاني ، رغم كُل شئ .. يكسب المزيد من المؤيدين ، ليسَ في تركيا فحسب ، بل في ايران وسوريا والعراق ايضاً !.

- ينبغي ، الإشارة الى الظهور القوي ، لحركة التغيير " كوران " في اقليم كردستان .. والإعتراف بأنها حققتْ الكثير في فترةٍ قصيرة .. وكسرتْ حاجز الإحتكار الذي فرضَتْه أحزاب السلطة طيلة السنوات الماضية . ففي حين ظّنَ الكثيرون في البداية " وأنا منهم " ، بأن حركة التغيير سوف تضمحل سريعاً ولن تستطيع الصمود بوجه الحصار المفروض عليها ... أثبتتْ الحركة جدارتَها وحنكتها السياسية ... بحيث ان الاطراف الأخرى الحاكمة ، هي التي تسعى اليوم الى التفاوض والمساومة ، معهم !. [[ أعتقد ان حزب العمال الكردستاني ، يُفّضِل التعامل والتفاهُم ، مع الديمقراطي والإتحاد " إذ يعتبرهُما أسهل ! " ، على التفاهم مع حركة التغيير كوران " إذ يعتبرها أصعب وتُشكل خطراً مستقبلياً " ]] .

..................................

الخلاصة ، ان الوضع الكردي عموماً ، بالغ التعقيد ، وليسَ كما يبدو أحياناً من خلال خُطب السياسيين ، التي تُدغدغ العواطف فقط . وأرى ان الحزبَين الديمقراطي والإتحاد ، لن يتخليا بسهولة ولو عن جُزءٍ من السلطة والنفوذ والإمتيازات ، هنا في الأقليم .. ولا حزب العمال الكردستاني ، مُستعدٌ للتنازل عن شئ من نفوذه ولا سيما في كردستان تركيا ، ولا حتى عن مواقعه في قنديل وغيرها .. ومع كامل الإحترام ، لكل الأحزاب الكردية في سوريا وايران ، فأن معظمها ، كما أعتقد ، تدورُ في فلك الأحزاب الثلاثة القوية : الديمقراطي / الإتحاد / العمال !.

 

10/1/2012
 

 

 

free web counter