| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الثلاثاء 12/6/ 2012 أمين يونس كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
المراحيض الغربية والشرقية
امين يونس
في بريدي الالكتروني ، أرسل أحد الأصدقاء .. نُكتة رُبما تكون قديمة ، لكنها مُعّبِرة وذات مغزى .. النكتة تقول : " ان الفَرق بين الرؤساء الغربيين ورؤساءنا ، في حالة الإستبدال أو التغيير.. كالفرق بين المراحيض الغربية والمراحيض الشرقية ! .. فالأولى يمكن تبديلها بِكُل سهولة ويُسر .. مُجرد ان تَفُك براغي قليلة ، ثم ترفع القديم وتضع الجديد ... في حين ان تبديل الثانية أي الشرقية ، يتم بتكسير القاعدةِ تكسيراً ، وتحطيم مايحيط بها تحطيماً .. حتى يتوفر الوضع المناسب لتركيب مرحاضٍ جديد !! " .
وأقرب مثالٍ على الحالة الأولى .. هو [ التبديل ] السهل ، الذي جرى بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ، والرئيس المُنتَخَب الجديد هولاند .. حيث تَمَ " فتح البراغي " بِكُل سلاسةٍ ويُسُر .. وإعترفَ ساركوزي ، بعد إنتهاء العملية الانتخابية ب [ ساعات فقط ] ، بالهزيمةِ ، وقَدمَ التهاني الى خصمهِ الفائز ، بِرحابة صَدر .. وتَقَبَل الخسارةَ بِروحٍ رياضية عالية ... بل وطلبَ من الشعب الفرنسي في خطابٍ قصير ، التعاون مع الإدارة الجديدة من أجل الجمهورية الفرنسية . من الطبيعي ، ان وزارتَي الدفاع والداخلية ، الفرنسية .. لم تتأثرا مُطلقاً ، وبقِيَتا مؤسستَين مِهنيتَين لاعلاقة لها بتغيير رئيس الحكومة والإدارة ... ولا الوزرات والمؤسسات الخدمية ، أصابَتْها الصدمة بسبب الرئيس الجديد ، بل إستمرتْ في عملها بصورةٍ طبيعية .
أما المِثال الآخر ، الذي يُمّثِل الحالة الأخرى .. فهو الوضع العراقي الآن .. فكما هو واضح ، ان عملية تبديل رئيس الوزراء " نوري المالكي " .. شبيهة فعلاً بعملية تبديل المرافق الصحية الشرقية .. وتعتريها صعوبات كثيرة ، من قبيل تكسير الكونكريت المُحيط بالقاعدة ، وما يتبعه من ضَررٍ يلحق بالكاشي أو الموزائيك ، ناهيك عن الفوضى العامة والأنقاض التي تُرافق العملية والضجيج والصخب المُصاحِب، والمصاريف والتكلفة المُحتاجة لتثبيت قاعدة جديدة ، وفترة إنتظار ضرورية بعد ذلك ، حتى تكون مُهيأة للإستخدام ! .
ان تكسير قاعدة التحالف الذي يرأسه المالكي ، قد بدأ بخروج التيار الصدري او كتلة الأحرار ، وإصطفافه الى جانب الداعين لتغيير رئيس الوزراء ... وعمليات الضرب المُتبادل تحت الحزام ، من قِبَل أطراف العملية السياسية ، أدتْ الى تَصّدُع معظم الإئتلافات والتحالفات التي كانتْ قائمة .. فالعديد من أعضاء القائمة العراقية ، خرجوا عنها ، وتبَنوا مواقف مُغايِرة لمواقف قادة العراقية ... ولاسيما بعض نواب كركوك والموصل .. وحتى في جبهة النواب الكُرد ، فان بعض الإنقسامات في المواقف ، ظهرتْ مؤخراً .. في حين ، ان التصدُع في التحالف الوطني اي قائمة نوري المالكي الشيعية ، كان الأبرز ، من خلال إنسلاخ التيار الصدري ، وبعض النواب المستقلين ... ان هذه الإهتزازات في الكيانات السياسية .. أشبه بِتَكسُر الكاشي والموزائيك المُحيط بالقاعدة ! ... أنها بإختصار ، عملية صعبة ومُعقدة ومُكلِفة ، ترافقها الفوضى والأنقاض والروائح الكريهة ، وتَعّطُل الخدمة ! .
................................................
ما كان أسعَدَنا .. لو كانَ مرحاضنا غربياً .. فعندما نريد تغييره أو تحديثه ، بواحدٍ أكثر كفاءة .. هي مُجّرَد أربعة براغي .. ولكن " مِنينْ يا حَسْرة " !!.
11/6/2012