| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 11/7/ 2012 أمين يونس كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
" ديكارت " كانَ مُحِقاً
امين يونس
يقول رينيه ديكارت [ عليكَ .. لكي تعرُف ما يُفَكِر فيه الناس حقاً .. أن تنتبِه الى ما يفعلونه لا ما يقولونه ] . والإثباتات مُتوفرة يومياً على صِحَة كلام ديكارت . والساحة السياسية العراقية .. تعُج بالأمثلة على ذلك : ففي كُل خطابٍ لرئيس الوزراء " نوري المالكي " وفي كُل زيارةٍ له ، يورد عشرات المرات .. كلمات الديمقراطية والعدالة والتوزيع المتوازن للثروات والامن ومُحاربة الفساد وتوفير الخدمات .. ان " ما يقوله " كلامٌ جميل ومُريح .. لكن " ما يفعلهُ " في الواقع مُختلفٌ تماماً . فحزبه وحلفاءه المتحكمين بالسلطة في بغداد ، غارقون بالفساد حتى أعناقهم .. والخدمات في أدنى مستوياتها والأمن غير مُستتِب .
أما رئيس أقليم كردستان " مسعود البارزاني " .. فأن " كلامهُ " منذ سنوات ، عن مُحاربة الفساد والحد من النهب وتَوّعُد الفاسدين بالمُحاسبة والعقاب القاسي والوعود بالإصلاحات الجذرية .. لقد كان " كلامه " عندما سمعتهُ حينها .. بلسماً شافياً لجراحنا الناتجة عن الفساد المُستشري .. أو إعتقدنا انه سيكون بلسماً شافياً .. وأملاً في تغيير الاوضاع نحو الأفضل . لكن " ما فعلهُ " الرئيس خلال السنوات الماضية .. لم يكن إلا ترقيعات بسيطة لم تُعالج الفساد ولا إحتكار السلطة والنفوذ والمال .
" اسامة النُجيفي " رئيس مجلس النواب .. دّوَخنا قبل ثلاث سنوات بشعارات بّراقة و " قال " بأنه سيكون مثالاً للنزاهة والوسطية وعلى مسافة واحدة من الجميع .. وذلك قولٌ جميلٌ وحكيم ، لكنه " فعلَ " خلاف ذلك على طول الخط .. فأن الرائحة الفاسدة لمشاريعه التجارية في الداخل والخارج ، فاحتْ وأزكمتْ الانوف .. وإنغماسه في مشاريع سياسية مشبوهة ، أجهزتْ على البقية من مصداقيته المُفتَرَضة .
حتى قادة الولايات المتحدة الامريكية والغرب عموماً .. هُم من أكثر الناس " كلاماً " عن الديمقراطية وحقوق الانسان .. وان أقوالهم وكلماتهم بديعة وجميلة في الشكل .. لكم " أفعالهم " مُعاكسة لِكُل ذلك . فأسلحتهم تقتل الناس يومياً في أرجاء العالم وهم يصنعون الحروب والأزمات والمشاكل صنعاً . وشركاتهم العملاقة المُحتكرة .. تسرق خيرات الشعوب في افريقيا وآسيا وامريكا الجنوبية وغيرها .. وتُكّدس الاموال الخُرافية ، مُجّوِعةً ملايين البشر حولَ العالم .
ان الغرب حين يتحدث عن " حقوق الانسان " بمُناسبةٍ او بدونها ويُبالِغ في ذلك.. فأنه يشبه المرأة التي تتحدث دوماً عن " الشرف " بمناسبةٍ او بدونها ! . فكما ان المرأة التي تفعل ذلك بمُبالغة .. تُثير حولها الشكوك .. فأن الولايات المتحدة والغرب عموماً ، الذين يسهبون في " الحديث " عن حقوق الانسان ، يثيرون الريبة .. لأن " أفعالهم " يتناسىون من خلالها ان من ضمن حقوق الانسان : الحق في العيش الكريم ، والسكن اللائق والرعاية الصحية والتعليم .. الخ .. وان سياساتهم الاحتكارية الجشعة ، هي التي تحرم الملايين حول العالم .. من هذه الحقوق ! .
.........................
كان " ديكارت " مُحقاً في قولهِ تماماً .
8/7/2012