|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت 11/8/ 2012                                                       أمين يونس                                          كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

هل ينبغي أن يثق الكُرد بتركيا ؟

امين يونس

هل ينبغي للقادة الكُرد في أقليم كردستان العراق .. الوثوق بالسياسة التركية وبناء إستراتيجيات على وعود أردوغان وأوغلو ؟ . هذا السؤال يؤرِق المراقبين للأوضاع في المنطقة عموماً .

أعتقد ان الإجابة ، ينبغي ان لا تكون مُبسطة ولا تقتصر على نعم أو لا . فالأمر أكثر تعقيداً مما يبدو للوهلة الاولى . أقترح ان نتعامل مع الموضوع من خلال النقاط ادناه :

- يجب ان لاننسى ، انه ومنذ بداية السبعينيات من القرن الماضي ولغاية 2003 [ وعلى الرغم من وجود إختلافات كبرى بين الانظمة الأربعة وتأريخ من الصراعات فيما بينها ] .. فأن إجتماعات دَورية كانتْ تُعقَد بين وزراء داخلية تركيا وايران والعراق وسوريا .. للتنسيق حول كيفية الوقوف بوجه التطلعات الكردية في هذه الدول !.

- هنالك تجارب مريرة .. مّرَتْ بها الحركة التحررية الكردية ومنذ مراحلها الاولى .. حين كان الدين والولاء العشائري ، يلعبان الدَور الأبرز في الإنتفاضات والحركات المسلحة . فكمال أتاتورك ، لم يُنّفِذ أيٍ من وعوده للكُرد في تركيا .. بل بالعكس من ذلك ، قمعهم بِكُل قسوة في العشرينيات ، رغم وقوفهم معه ومساهمتهم الحاسمة في إنتصاره . حتى ستالين ، تخلى عن دعمه لجمهورية مهاباد الفتية في ايران وتركها عرضة للإنهيار . صدام حسين نكث كل العهود التي قطعها على نفسه ، ومَزق إتفاقية آذار ، واكملَ مشوار الحكومات العراقية المتعاقبة في محاربة الكرد . وأثبتتْ الأحداث ، ان إعتماد الكرد على شاه ايران وشركائه الأمريكان .. لم يكن في محله أبداً .. فحدثت كارثة 74/ 75 . وفي الثمانينيات وما بعدها ، أثبت النظام البعثي مُجّدداً، بأنه ليسَ أهلاً لثقة الكرد مطلقاً . وأخيراً وبمساعدة ومساندة من الغرب عموماً والأمريكان خصوصاً .. بزغً [ أقليم كردستان العراق ] في 1991 .

- ساهمَ الحصار المزدوج على اقليم كردستان في التسعينيات ، بالتضافُر مع جشع الأحزاب الحاكمة في الاقليم .. في التشجيع على التعامل مع أنظمة الحكم في الدول الأربعة ، بدرجاتٍ متفاوتة . ف [ رئة ] الأقليم التي يتنفس من خلالها ، أي مَعبَر إبراهيم الخليل خصوصاً والمنافذ الحدودية مع ايران .. لعبتْ دوراً مُرّكباً : فمن ناحية أتاحتْ الفُرصة للعراق الرازح تحت طائلة العقوبات الدولية ، ان ( يُهّرِب ) النفط والمنتجات النفطية بكميات كبيرة ، عبر زاخو الى تركيا ، والحصول على أموال ضخمة ، ليسَ لمصلحة الشعب العراقي ، بل لحساب مافيا صدام وعائلته فقط .. وإستفادتْ تركيا على مستوياتٍ عِدة ، وكان تهريب النفط الرخيص وإستيراد البضائع المختلفة ، هو البداية الفعلية ، ل " نهوض " تركيا وإنتعاش إقتصادها ! . إيران أيضاً إستغلتْ الظروف ، وإشترتْ كل ما يخطر على البال من [ الحواسم ] والغنائم عبر منافذ الأقليم في التسعينيات .. التي تُقّدَر بمليارات الدولارات ، إشترتْها بسعر التراب .. إضافةً الى تصديرها لمختلف انواع البضائع . ولأنه لايوجد طريق بري مباشر بين الاقليم وسوريا ، فأن التهريب والتجارة عبر فيش خابور كان محدوداً .

من نافلة القول .. ان وسط هذه الأجواء المشحونة بالمافيات والتهريب المُنّظَم والتواطؤ المتبادل ، فأن طبقة عُليا من الحزبَين الحاكمَين في أقليم كردستان ، نشأتْ منذ بداية التسعينيات ، ووجدتْ نفسها تحوزُ على كميات خرافية من الأموال ، لم تكن تحلم بها .. ولأن هذه العمليات برمتها ، كانتْ غير قانونية ولا تُدرَج في سجلات نظامية ولا تخضع لأي رقابة .. فيمكن إعتبارها التأسيس الحقيقي لمجمل الفساد المُستشري .

ولأن الأنظمة والفئات العُليا من الطبقات الحاكمة في الدول الأربعة المُحيطة بالأقليم " وينطبق ذلك جزئياً على الأقليم نفسه " ... هي المستفيدة الحقيقية من هذا النوع من التعاملات الإقتصادية ، ويُشكل زوغاناً من الحصار والعقوبات في ، حالة العراق وايران وسوريا ، وإستفادة قصوى للإقتصاد التركي .. فأن [ الجميع ] كانوا متواطئين .. والدول الكبرى ولا سيما الولايات المتحدة الامريكية .. أغمضتْ عينيها عن ذلك متعمدةً .. مُكتفية بجمع الوثائق والوقائع ، من أجل إستخدامها للضغط وفرض الشروط ، حسبما تتطلب مصالحها !.

لو إفترضنا ، ان تركيا وايران أغلقتا حدودهما ، مع الأقليم في بداية التسعينيات ، وبغداد كانتْ فرضتْ حصارها بالفعل .. ولم تسمح هذه الدول الثلاث ، بعبور البضائع في الإتجاهين .. لإختنق الأقليم الوليد في مهدهِ وماتتْ التجربة مُبكِراً . لكن [ مصالح ] الطبقات الحاكمة أقوى من السياسة والمبادئ .. وينبغي التَمّعُن في " التنازلات " التي قّدمها قادة الأقليم و " الشروط " التي وقعوا عليها .. التي بموجبها ، وافقَ النظام العراقي حينها ، على " تهريب " النفط عبر الأقليم ! .. وكذلك التنازلات المُقدمة الى الحكومة التركية ، من اجل إنسيابية مرور النفط والبضائع .. وكذا الحال مع الجانب الايراني . كُل ذلك كان يحدث ، والعراب الامريكي يُراقب عن كثب !.

- ان تراكُم التجارب في الاقليم .. خلال السنوات العشرين الماضية .. وتَرّكُز المال عند فئةٍ محدودة من الحزبَين الحاكمين .. والتوسُع المُضطرد للمشاريع التجارية ، بين هذه الفئات وبين مراكز المال والتجارة في دول الجوار ولا سيما تركيا .. بل وحتى مع شركاتٍ في دولٍ بعيدة .. والتشابُك المُعقد ، خاصةً بعد دخول " النفط والغاز " كرُكنٍ أساسي من المُعادلة .. كُل ذلك يقودنا كما أعتقد ، الى مُحّصلة مفادُها : ( القضية اليوم ، ليستْ بالدرجة الاولى سياسية ، ولا تتعلق بتقرير مصير الشعب الكردي ، سواء في العراق او سوريا او غيرها .. وإنما " المصالح " التي تجاوزتْ مؤخراً ، المحليةَ والأقليمية ، لتصبح دولية ، من خلال كُبرى الإحتكارات النفطية ، مثل اكسن موبيل وتوتال وحتى الشركات الروسية والصينية ، التي عينها جميعاً ، على أقليم كردستان النفطي والغازي ) ... أرى ان الطبقة الحاكمة في الأقليم " وبضمنها زعيم حركة كوران نوشيروان مصطفى" .. قد دخلتْ [[ اللُعبة ]] وأصبحتْ شريكاً صغيراً لللاعبين الكِبار .. والكبار هُم الغرب عموما وتركيا ثم دول الجوار الاخرى .. وما " الشعارات " القومية والوطنية التي تُرفع بين الحين والحين .. إلا وسيلة للتلاعب بعواطف الجماهير قليلة الوعي . وليسَ من المُستحيل ، ان تؤدي اللعبة ، بشكلٍ عَرضي ، الى تشكيل " دولة كردية " في العراق .. بشرط ان تكون ( مُعتدلة ) ومتوافقة مع الإستراتيجية التركية ، التي لها إشتراطات على أي كيان ذو حكمٍ ذاتي ، سواء في كردستان سوريا او كردستان تركيا !.

 

9/8/2012
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter