| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عبدالواحد محمد

 

 

 

الأحد 18/11/ 2007



أهمية التنظيم في حركة التاريخ

علي عبد الواحد محمد

التنظيم المقصود به هنا هو المعنى الضيّق له وليس بالمعاني المتعددة التي تشمل كل شئ من تنظيم ألإسرة وتنظيم الأشياء أي ترتيبها ، وبرمجة حفظها ، او تنظيم ألأسواق وألإقتصاد ، وتنظبم ألأفكار وغيرها الكثير، فالمقصود في هذه الخاطرة ، هو التنظيم بمعناه الهيكلي البنائي ، أي بناء المنظمة التي تحقق لأفرادها غاياتهم .
 
وبهذا المعنى يكون مبنياً على أسس وقواعد ولوائح ، مكتوبة أو غير مكتوبة حسب الفترة الزمنية التي ظهر فبها الى الوجود ، إذ  إن من نافل القول ، إن الفترات الزمنية لها الدور الفاصل في تحديد ذلك .يعنينا هنا الحديث كما تبين ، عن المنظمات أو ألإتحادات السياسية التي كان لها الدور في ألأحداث الكبيرة في العالم.
 
في المشاعية البدائية لم يكن واضحاً دور المنظمات السياسية ، لانه لم يكن لدى الناس هدفاً سياسياً محدداً فالكل كان يعمل في جمع القوت والكل كان يحصل على حصته منه ، وهي حصة لا تكاد تسد الرمق ، فالمجتمعات البدائية كانت تعيش على حافة الجوع ، ولذا وقعت أنظارها على أراضي غيرها ، مما تطلب أن يبرز إناس بينهم لهم القدرة على توجيههم عسكرياً لمحاربة الآخرين، يستمر الحال هكذا لسنوات طويلة تكون فيها ألأراضي أكثر غلة من حاجة المجموعة الأصلية ، فيتم ألإستغناء عن قتل ألأسرى ، وألإحتفاظ بهم للقيام بدلاً عنهم بالأعمال، هنا إنقسم المجتمع الى طبقتين رئيسيتين هما العبيد ، واعضاء المشاعة ألأصليين ومن ثم العبيد وملاكهم من أعضاء المشاعة ، وهكذا مع التطور وزيادةالفائض من ألإنتاج نصبح أمام وضع جديد بل أمام تنظيم جديد للمجتمع تسوده أعراف وقيم لايمكن الخروج عنها .
 
ذكر لنا التاريخ مجموعة من الحوادث المتفرقة  لنضالات العبيد ، للخروج من  المأسات المتمثلة بفقدان حريتهم وإنسانيتهم ، فكانوا يوجهون غضبهم الى الآلة التي يشتغلون عليها ، أو الى الحيوان الذي يستخدمونه ، فيكسروها أو يقتلون الحيوان المسكين ، مما حدى بالمالكين الى سن التشريعات التي تضع حياة العبد مقابل حياة الحيوان ، أو إختراع آلآت ضخمة غير قابلة للكسر هذا الشكل من النضال أثر سلباً على العبيد وعلى الملاك في ذات الوقت . ولكن التاريخ يذكر لنا دور التنظيم في توجيه نضالات العبيد ، ونذكر مثال ثورة سبارتاكوس ، العبد الذي أستطاع تنظيم العبيد في ما يشبه الحزب هدفه تحريرهم من أغلالهم ، فمن خلاله إستطاع من إحتلال أراضٍ شاسعةٍ من ألإمبراطورية الرومانية . ومثال ثورة الزنج في العراق ، حيث كان للتنظيم دور كبير في لم العبيد حول قائدهم . وهناك أمثلة كثيرة عن الحركات الفكرية ، كالقرامطة ، والبابكية وألإسماعيلية وغيرها في تنظيم  أنصارهم، ويجدر الملاحظة إن هذه الحركات لم تكن نتائجها مباشرة ، وإنما وضعت الأساس للتحول التاريخي ألآخر ، لأن رعاية العبيد وقمع إنتفاضاتهم وتمرداتهم حتى وإن كانت عفوية أو منظمة ، كلفت ملاكهم غالياً ، ففضلوا النظام الجديد الذي ظهر كحل بالترافق مع كثرة الفائض من ألإنتاج ،وهو نظام ( المعمرون ) ، ثم النظام الإقطاعي ، الذي نسميه في العراق شبه ألإقطاعي .
 
في هذا النظام وفي أوربا خصوصاً حدثت تمردات فلاحية ضد النبلاء ، وتزخر قصص العصور الوسطى ، وقصص الفرسان ، وروبن هود ، وآيفين هو ، بنماذج منها ، وفي هذا النظام تيلور تكوين البرجوازية وهم سكان المدن ، وأكتمل التطور الصناعي / والذي أطلق عليه عن حق بالثورة الصناعية / بنفس الوقت إكتملت الطبقة العاملة كطبقة . كل ذلك إستدعى وجود تنظيم ، للبرجوازية ، يمكن إتخاذ فرنسا كنموذج واضح لذلك ، على إعتبارها بلد الثورة البرجوازية ألأولى ، إن تنظيم البرجوازية إستند الى أفكار التنوير ، ومبادئ  جان جاك روسو ، في الديمقراطية وضد ألإستبداد.
 
ومن الطبيعي إن نجاح الثورة البرجوازية لم يكن ممكناً دون توفر الظروف الذاتية والظروف الموضوعية للثورة ، فالظرف الذاتي هنا تمثل في تبني البرجوازية الصاعدة لمبادئ الحرية والديمقراطية ، ونضالها داخل البرلمان الفرنسي ( اليعاقبة ) لاحظ إن إطلاق إسم معين عليهم يدل على تمتعهم بصفات مشتركةمما يدل على وجود تنظيم وبالمناسبة من اليعاقبة ظهر مصطلح اليسار في السياسة لأنهم كانوا يجلسون الى اليسار في الجمعية التأسيسية الفرنسية، وحتى جلوسهم هذا لم يكن بعيداً عن التنظيم ، أما الظرف الموضوعي فيتمثل بالوضع الثوري الذي عاشته فرنسا ، والذي عبر عن إفلاس التشريعات والهيئات الإقطاعية عن تلبية متطلبات المجتمع ، وتأييد الجماهير العاصف للثورة ، كان نتيجة واضحة لمجمل الأوضاع الإقتصادية التي كان النظام الإقطاعي يعبر عنها ، وهي تلبية رغبات ونزوات النبلاء (الإقطاعيين ) الإقتصادية وغيرها، ونتيجة لدور الفلاسفة والمفكرين والسياسيين ، الذي كان لن يتم لولا تنظيم هؤلاء السياسيين في أحزابٍ تنظم توجهاتهم.
 
الخلاصة في مجمل حركة التاريخ لوحظ الدور المهم للتنظيم وإن هذا الدور لايكتمل إذا لم تتفاعل معه العوامل ألأخرى وأهمها وجود الفائض في ألإنتاج ، فعلى ذلك فإن للحزب ( التنظيم ) أهمية في صياغة السياسة العامة للجماعة المنظوية فيه وفق الظرف التاريخي الملموس
 

Counters