| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عبدالواحد محمد

 

 

 

الخميس 11/12/ 2008

 

الأهمية المستقبلية للسياسة العراقية ما بعد الإتفاقية

علي عبد الواحد محمد

تصوري المتواضع للأمر ، يتلخص في إن الناظر لمسألة الإتفاقية ، عليه ان يضع في حساباته ، الظروف والملابسات التي سبقت تاريخ التاسع من نيسان 2003 م ، والتي دعت الولايات المتحدة الأمريكية الى غزو أفغانستان والعراق وأسقاط نظامي الحكم فيهما ( يهمنا هنا العراق )، وما تلا ذلك من إسراع القوى الوطنية وإلإسلامية والكردية العراقية لإقامة نظام حكم عراقي ديمقراطي فدرالي موحد يضم كل أطياف ومكونات الشعب العراقي ، حكماً ليس على شاكلة ، الحكم السابق .
في سياق الحرب الباردة وعندما كان العالم منقسماً الى نظامين رئيسين ، دأب المنظرون لكل نظام ، في إبداء تصوراتهم لإنهاء النظام الآخر ، فكانت وجهة النظر السائدة في اديولوجية النظام الإشتراكي تقول ( ان النظام الرأسمالي نظاما آيلاً للسقوط ، وإن سمة العصر هي الإنتقال من الرأسمالية الى الإشتراكية بالمقياس العالمي ) وأعتقد إن هذه الموضوعة قد أشبعت دراسات وتحليل من قبل مؤيديها ومنتقديها ولا اجد ضرورة للخوض فيها ، بينما دأب منظرو النظام الرأسمالي على إبداء رأيهم في النظام الإشتراكي ودوله والدول الحليفة له ، فأسموا أنظمتهم بالدول الديمقراطية ، ورفعوا شعارات الديمقراطية وحقوق الأنسان ، وفتحوا باب الهجرة امام مواطني الدول الأشتراكية وحليفاتهاعلى مصراعيه، ثم توالت التسميات والنعوت ، والممارسات العملية لدفع هذه البلدان الى سباق التسلح وبالتالي إضعافها إقتصاديا ، والتأثير على سير مواقفها الداعمة للبلدان النامية او ما سمي بحينه بلدان التحرر الوطني ! ، وكان من ابرز هذه النعوت ما جاء على لسان الرئيس الأمريكي رونالد ريغن في وصفه للإتحاد السوفيتي حينذاك ( محور الشر ) .

إن ابرز وصف للدول التي أظهرت نوع من التمرد على إرادة امريكا ، وخاصة تلك التي ابدت إصراراً على برامجها النووية هو ( الدول المارقة ) ، وشمل الوصف كلاً من إيران ، كوريا الشمالية والعراق ( قبل الغزو وسقوط صدام )، وما زال الصراع محتدما مع الدولتين الباقيتين . ومن الجدير بالذكر ، رأي الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن ، عندما سؤل في مؤتمر صحفي ، عن سبب قلقه من إمتلاك إيران وكوريا الشمالية للسلاح النووي ؟ ، وعدم قلقه من إمتلاك إسرائيل له ؟ جواب بوش على هذا السؤال يضعنا امام المحرك العام للسياسة الدولية الأمريكية في العالم ، إذ اوضح " إن هاتين الدولتين يقصد إيران وكوريا الشمالية لا ضامن لهما ، بينما إسرائيل دولة مضمونة ": أي إن إسرائيل دولة خاضعة للإرادة الأمريكية ولا تستعمل هذا السلاح إلا بمقتضى المصلحة العامة للنظام الراسمالي العالمي . بينما لا ينطبق هذا الوصف على الدولتين الأخرييتين.

بكل تأكيد إن المتتبع لسير الأحداث لاحظ الجهد الذي بذله كولن باول الوزير السابق للخارجية الأمريكية في جلسة مجلس الأمن للأمم المتحدة ليثبت إمتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ، لتبرير الغزو الأمريكي له ، وكيف عرض اكداس الوثائق والخرائط الكاذبة ليثبت ذلك امام الرأي العام العالمي ، وهذه الحادثة تؤكد بما لا يقبل الجدل الحقيقة التالية ( إن العالم يصاغ وفق مبدأ البلد المضمون او الحركة المضمونة ) ، من هذا المنطلق ولكون العالم الآن احادي القطب تلعب فيه امريكا دور الجاذب والطارد بنفس الوقت ، فإن إرادتها تفسر على إنها إرادة المجتمع الدولي ، رغم ظهور بوادر للتغيير على شكل مراكز قوى جديدة إلا إنها ما زالت تدور في فلك النظام الر أسمالي العالمي ، ولكن بشروط جديدة ! ، وهذا القول لا يعفي النظام العراقي البائد والمنظمات الإرهابية من مسؤلياتها عن الكوارث التي حدثت ولا يضعها في مصاف القوى المناضلة من اجل الحرية , ولنا في التجربة التاريخية العالمية الأمثلة الساطعة على ذلك ، وابرزها تجربة الفاشية ، التي نبعت من النظام الرأسمالي نفسه فهي السلطة الرجعية لأكثر عناصر الرأسمال يمينية ، ومع ذلك حدث الصدام المروع معها ابان الحرب الكونية الثانية ، ولكن بإرادة دولية هذه المرة .

ماهي الأسس التي تجعل العراق بلدا مضمونا ؟
هناك جملة من العوامل التي تجعل العراق بلدا مضمونا وفق المنظور الأمريكي وغيره ، وهذه الأسس تشكل المستقبل الضامن لنظام الحكم ، وفق نفس المنظور ، وبالتالي مما يضع الأتفاقية موضع التنفيذ .

جدولة الأنسحاب وبالتالي الإنسحاب الكامل للقوات الأمريكية وغيرها وفق المدة التي حددتها الإتفاقية .
التطبيق الدقيق للبنود المعلنة منها بما يتلائم والمصلحة العراقية وفي المقدمة منها البنود المتعلقة بتقوية الجانب العسكري العراقي ، والجانب الإقتصادي والإسراع بالتنمية ومكافحة الفقر والبطالة.
تعزيز الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ، والعمل على علمانية الدولة ، ومحاربة الفساد والتخلف في المجتمع .
انهاء نفوذ دول الجوار في الدولة العراقية وفي سلطتها المركزية وسلطاتها المحلية ، وحل التناقض ما بين المركز والأقاليم .
تعزيز توجهات العراق في سياساته العربية والإقليمية والعالمية المستقلة والمبنية على اساس المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وإحترام سيادة وإستقلال كل دولة .
إقامة الإتفاقيات مع الدول المختلفة بما يضمن استقلال كل بلد وعدم الإعتداء وحل المسائل المختلف عليها بالطرق السلمية ، وإقامة اتفاقيات حرية السفر والسياحة ، للمواطنين دون تمييز ,
نبذ الطائفية والتعصب القومي وإطلاق مبدأ المواطنة فوق كل شئ ، والفرص المتساوية في تبوء الوظائف للكفاءات ، بغض النظر عن إنتمائهم السياسي والديني والطائفي ، من خلال رفع شعار الدين لله والوطن للجميع.

إن الإلتزام الجاد بهذه المقومات وما يتفرع منها لهو كفيل بوضع بلادنا في مكانها الملائم ويتيح لها ، الفرص لتعزيز استقلالها وسيادتها الوطنية ، وإن مستقبل بلادنا مرهون بوحدتنا وبتغليب المصلحة العراقية على المصلحة الحزبية الضيقة ، وعلى ضوء ذلك ادعو الى ان تقوم الكتل السياسية العراقية بعقد مؤتمر مشترك لها لتوحيد رؤيتها بمجمل القضايا العراقية الملحة بما فيها المصالحة الوطنية ، ومد اليد الى القوى التي ترى بأن مستقبل العراق مرهون بالتعاون الكامل بين كل سياسيه ، وإن هذا المستقبل مرهون اولاً وقبل كل شئ بالديمقراطية وإحترام التعددية.


 

Counters