| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عودة وهيب
aoda50@hotmail.com

 

 

 

الثلاثاء 9/12/ 2008

 

من اين لك هذا ؟

عودة وهيب
aoda50@hotmail.com

1 - قد نختلف حول تسمية التغيير الذي جرى في العراق ربيع عام 2003 تبعا لاختلاف مصالحنا ورؤانا ، ولكن احدا لا ينكر ان العراقيين، بعد التغيير،قد ذاقوا طعم شيء جديد لم يألفوه سابقا هو حرية الصراخ.
ونعمة الصراخ، نعمة ،يعرف اهميتها من ذاق فضاعة الصمت في مواضع الصراخ،واحسب ان كل العراقيين قد ذاقوا طعم الحرمان من الصراخ . اما من يحاججنا بصراخ العراقيين داخل بيوتهم فنقول له ان ذلك الصراخ هو تعويض سلبي عن حرمانهم من الصراخ خارج البيت، رغم ان كل شيء حولهم كان يستوجب الصراخ والاحتجاج.
قد ننكر تحقق أي انجاز في عراق ما بعد التغيير، ونصرخ بمليء حناجرنا نافين حصول اي تحسن في أي مجال، ولكن اليس مجرد القدرة على الانكار والاستنكار العلنيين هو صرخة ما كان يسمح لها، قبل التغيير، ان تتمدد بين فضاءات حنجرتها؟

2 - بعد التغيير صرخ جميع العراقيين حتى اوشك المؤرخون،على ما افترض، ان يسمّوا سنوات ما بعد التغيير بمرحلة الصراخ ، فقد صرخ الجميع بمليء تقلباتهم حتى اختلط حابل صراخ الحق بنابل صراخ الباطل . وزاد طين الصراخ بلّة ان المصروخ بوجوههم شاركوا ( الصرّاخ ) صراخهم فأختلطت اوراق الصراخ ببعضها فصعب التمييز بين الصارخ والمصروخ..

3 - نعم انت على حق فليس بالصراخ وحده تحيا الشعوب. ولكن أليس ان يؤكل حقك فتصرخ خير من ان يؤكل حقك فتتعشّى بصمتك، رغم ان قدرك ، على ما يبدو ، هو ان حقك مأكول الى حين صرخة البوق الكبرى؟

4 - سياسيو ما بعد التغيير ادركوا قبل عامة الناس قيمة الصراخ فشجعوا الناس على الصراخ ثم نزلوا مع الجماهير الى ساحة الحناجر ماشقين سيوف صراخهم لاطمين وجوه الاشباح التي منعتهم من تحقيق أي انجاز للمواطن يعيد اليه بعضا من ادميته التي اهدرها سيف الصمت الطويل .. .
ولكن اذا كنا نفهم سبب صراخ المواطن المحروم من كل شيء فكيف نفسر صراخ المسؤول الذي يتمتع بكل شيء ؟
المواطن يصرخ (مذبوحا من الالم) ، فلماذا يصرخ المسؤول وهو الذي قد غنم المال والسلطان؟ ليس ثمة غير احتمال واحد وهو ان المسؤول يصرخ كي يبريء نفسه من تهمة حرمان المواطن من التمتع بخيرات وطنه، وهي تهمة لا يردها الصراخ مهما كان حادا ومدويا.

5 - بما اننا، نحن المغلوبين على امرنا ، لا نملك حق منع أي عراقي من الصراخ ،فلابد لنا ،كي لا يخدعنا المفسدون بصراخهم، ولكي نجعل لصراخنا فعلا مؤثرا، ان نتبنى صرخة جديدة نرددها ليل نهار وهي :( من اين لك هذا ) ..
ادعوك اختي الصارخة
ادعوك اخي الصارخ
ادعو كل الحناجر الشريفة، وبمناسبة قرب الانتخابات المحلية، الى ترديد صرخة واحدة، ولكنها متواصلة، تقول وبحروف حمراء كبيرة ( من اين لك هذا)
لنصرخ بوجه كل غني : من اين لك هذا المال، وكيف تحولت بطرفة عين الى صاحب املاك وعقارات وسيارات فارهه ؟
لنصرخ بوجه كل مسؤول :كيف تمكنت براتبك المحدود ان تملك وتبني وتؤثث؟
لنصرخ بوجه كل سياسي بدت على وجهه اثار نعمة حديثة : من اين لك كل هذا وقد عرفناك معدما ؟
لنصرخ بوجه الأحزاب ، كل الاحزاب :من اين لكم هذه الاموال المليونية التي تغطون بها نفقات نشاطاتكم الواسعة وتحركاتكم الكثيرة..؟ ارونا مصادر تمويلكم يرحمكم الله.
لنصرخ بوجه مجلس النواب والحكومة وكل السياسيين ،موالين كانوا او معارضين ، كي نرغمهم على جعل ( من اين لك هذا ) قانونا وطنيا فعالا لا يستثني احدا، فردا كان او تجمعا او منظمة او حزبا.
عندها سنميز بين المال ( المحوسم ) وعرق الجباه الشريفه.
وعندها،عندما نلزم جميع المعنيين بالاجابة على (من اين لك هذا )، سنميز بين السياسي الوطني النزيه الذي جنّد نفسه لخدمة الناس وبين السياسي الفاسد الذي يجند الناس والافكار لخدمة مصالحه الشخصية ، ونميز بين الحزب الوطني النزيه الذي يمول نشاطاته انصاره ومريدوه، وبين الحزب الفاسد الذي تأتيه اموال مشبوهه كي يشتري بها الانصار والمريدين.
وعندها، عندما نعرف من سرقنا في رابعة النهار، سيكون لصراخنا اثر عظيم.
وعندها سنكشف المفسدين ونجبرهم على الكف عن سرقة ثمار صراخنا او (وهذا اضعف الايمان) ان يكرمونا بسكوتهم ويكفوا عن مشاركتنا الصراخ.

وكل صرخة وانتم بخير





 

Counters