| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عودة وهيب
aoda50@hotmail.com

 

 

 

الأحد 30/3/ 2008

 

فشل الأسلام السياسي في العراق...قتال البصرة مثالا

عودة وهيب
aoda50@hotmail.com

هي التجربة العراقية التي قالت كلمتها : فشل الأسلام السياسي في الانسجام مع المشروع الوطني العراقي وتحديدا مع موضوعة الديمقراطية التي هي ركن اساسي من اركان هذا المشروع ..
ليس معروفا عن احزاب الاسلام السياسي جميعا ايمانها بالديمقراطية كوسيلة للحكم ولكنها في العراق( كما في بلدان اخرى ) اعلنت تبنيها للنهج الديمقراطي ودخلت في لعبة الديمقراطية ووصلت الى سدة الحكم بواسطة صناديق الأقتراع (او هكذا يرددون باستمرار). غير ان ما افرزته التجربة في العراق اكد بوضوح أن موافقتها على الأشتراك في اللعبة الديمقراطية وفوزها بكراسي الحكم لم يغير من طبيعتها المعادية للديمقراطية ، ولم تفرز مفردات هذه التجربة مايؤكد ايمانها الحقيقي بالديمقراطية ،فهي قد استخدمت الديمقراطية للوصول الى الحكم دون الألتزام بمباديء الديمقراطية المعروفة ، فالديمقراطية لديها مجرد صناديق اقتراع يمكن من خلالها الوصول الى السيطرة على الدولة والمجتمع دون الالتزام باستحقاقات النظام الديمقراطي والتي في مقدمتها التخلي عن استخدام السلاح والعنف في العمل السياسي فضلا عن اشاعة الحريات ونشرالعدالة واحترام مباديء حقوق الانسان..
احزاب الاسلام السياسي في العراق حولت نفسها الى كيانات عسكرية لها جناح سياسي يمارس عمله (السياسي- الديمقراطي ) تحت اسنة الحراب .
فهي ، وحتى بعد استلامها للسلطة (عن طريق الديمقراطية) وامتلاكها لاجهزة الدولة العسكرية الا انها لم تتخل عن تشكيلاتها الميليشيوية ( السرية والعلنية ) لاستخدامها في ارهاب المجتمع وخرق القانون حيثما عجز القانون عن تلبية حاجاتهم السلطوية.لقد افرزت تجربة الاحزاب الاسلاموية في العراق الظواهرالخطيرة التالية:

اولا : ظاهرة الأحزاب المسلحة (جيوش باجنحة سياسية ).
أن الديمقراطية كما هو معروف لا تلغي الصراعات المتنوعة في المجتمع بل تجعلها سلمية ، ومن اجل ذلك فان السلاح يظل بيد الدولة فقط كي تستخدمه لفرض القانون ،غير ان الأحزاب الاسلاموية العراقية ورغم تبنيها العلني والصريح للديمقراطية فانها استمرت بامتلاك ميليشيات مسلحة ،وبعضها
تمكن من ادخال اعداد كبيرة من عناصر ميليشياته في تشكيلات القوات المسلحة العراقية المتنوعة وتحولت بذلك بعض( او جزء من ) هذه التشكيلات العسكرية الوطنية الى اداة حزبية ولاءها لهذه الاحزاب وليس للمشروع الوطني العراقي، في حين بادر كيان اخر من كيانات الأسلام السياسي الى تأسيس جيش علني وكبير وبأمكانات غير متواضعة ، وبهذا كرست هذه الأحزاب نفسها كجيوش لها اجنحة سياسية وليست احزاب سياسية عادية.ان هذه الظاهرة ادت الى عدم استقرار المناطق الواقعة تحت سيطرة الأحزاب الاسلاموية وتكرر نشوب قتال الشوارع بين هذه الأحزاب اثر أي خلاف او صراع على السلطة وغنائمها بدلا من اللجوء الى الوسائل الديمقراطية لحل الخلافات.

ثانيا : ظاهرة الصراع على اقتسام دوائر ومؤسسات الدولة العراقية.
يفترض من خلال النظام الديمقراطي ان تظل مؤسسات الدولة ودوائرها (غير السياسية على الأقل ) متاحة لكل ابناء الوطن حسب كفاءاتهم، في حين سارعت الأحزاب الاسلاموية الحاكمة الى توزيع هذه الدوائر والمؤسسات على منتسبيها ضمن مبدأ المحاصصة وهذا التوزيع وما جرّه من فساد اداري ونهب للمال العام واحتكار لابسط الوضائف الحكومية ، فضلا عن سرقة وتهريب النفط ، ادى الى اثارة الصراعات المسلحة الدامية بين هذه الاحزاب بين الحين والحين .

ثالثا : ظاهرة التطرف الديني
ان ظاهرة التطرف بمختلف اشكاله موجودة في كل المجتمعات، غير انها تشكل خطرا كبيرا على بلد كالعراق حديث العهد بالديمقراطية وبمباديء التسامح والقبول بالرأي الاخر وتنتشر بين ابنائه مظاهر الفقر والتخلف والامية السياسية، لأنها ستتضخم على حساب الأفكار والتيارات المعتدلة ، وتصبح خطورتها قاتله عندما تمتلك السلاح وعندما تتهاون الدولة مع سلوكها المتطرف .
ومثلما نرى فقد انتشر التطرف الديني( وهو اخطر انواع التطرف) بعد سيطرة الاحزاب الاسلاموية على السلطة ،وصارت المجموعات الدينية المتطرفة تفرض رؤاها على المجتمع. وخلافا للقانون، وفي ظل لامبالاة الحكومة ، قامت هذه المجاميع المسلحة المتطرفة بفرض الحجاب ( وصل احيانا الى قتل غير المحجبات ) ومهاجمة محلات الحلاقة ودور السينما ومحلات بيع الاشرطة الغنائية ومحلات بيع الخمور والنوادي الليلية ونسفها او اغلاقها بالقوة ، وبسبب تصرفات المتطرفين الاسلامويين تحولت مدن العراق الى مدن اشباح تخلو من مظاهر الفرح ومن أي شيء مبهج ، واصبحت بسبب ذلك مفردات الديمقراطية وحرية الرأي والحريات الأجتماعية مجرد نصوص غافية بين طيات الدستور لا احد يلتزم بها بصورة فعلية .

رابعا : ظاهرة الفساد الأداري
الفساد الاداري موجود في كل دول العالم تقريبا ،وقد شهد العراق في ظل النظام السابق مستويات عالية من الفساد ، غير ان مستويات الفساد الاداري في ظل حكم الأحزاب الاسلاموية في العراق بلغ مستويات علنية خطيرة غير مسبوقة التهمت معظم الواردات العراقية فضلا عن المساعدات الدولية .
أن اهم اسباب الفساد الاداري في العراق هو المحاصصة الحزبية التي ابعدت الاكفاء والنزهاء عن دوائر الدولة ومرافقها، وارهاب الميليشيات (الأسلامية) التي تحمي المفسدين وتتصدى لمن يحاول فضحهم  .
أن هذه الظواهر المعادية للديمقراطية التي افرزتها تجربة الأحزاب الأسلاموية في العراق تؤكد أن هذه الأحزاب لا تؤمن بالديمقراطية الا بالقدر الذي يوفر لها السيطرة والحكم،وانها تعتبر الديمقراطية مجرد وسيلة متاحة للوصول الى السلطة لتنفيذ اجنداتها الرامية الى اقامة دولة دينية او نصف دينية .

القتال في البصرة مثالا
في البصرة تتواجد كل الظواهر الاربع السابقة بشكل صارخ. فالاحزاب الدينية المسيطرة على البصرة مسلحة بشتى انواع الاسلحة ، وكل حزب له ميليشياته التي لها مناطق نفوذ محددة، وتم تقاسم المرافق الحيوية السياسية والاقتصادية بين هذه الاحزاب، وتعاظمت ظاهرة التطرف الديني الذي جعل من البصرة الجميله كأحدى مدن افغانستان ايام حكم طالبان .ونتيجة لهذه الاوضاع انتشر الفساد الاداري واتسعت ظاهرة نهب وسرقة خيرات العراق ووصلت الى ارقام خيالية ،فحسب تصريحات رئيس هيئة النزاهة العراقية لفضائية الشرقية في 28 اذار 2008 فأن كميات النفط المسروق والمهرّب من البصرة بلغت بأقل التقديرات (7.2) ملياردولار امريكي في السنة.انه مبلغ لا يصدق يجعل من السيطرة على البصرة ليس فقط مفتاحا للثرء الفاحش بل مفتاحا للسيطرة على العراق ، ولهذا تكتسب معركة ( الانتخابات) المحلية القادمة في البصرة اهمية قصوى( تستحق) ان يذهب ضحيتها ليس فقط الاف البصريين الابرياء بل كل استقرار العراق.

ان ما ينقذ البصرة من محنتها احد امرين :
الأول : مناسب فقط للأحزاب الدينية المتصارعة على السيطرة على البصرة،وهو ما سيعمل به على الارجح ، وهذا الحل يتمثل بإعادة توزيع الكعكة البصرية على الأحزاب الاسلاموية بصورة ترضي من يشعر الان بالغبن ، وعندها ستظل البصرة اسيرة لاطماع اللصوص واهوائهم .

اما الامر الثاني : فهو الحل الذي سيرضي كل العراقيين عدا الأحزاب المتصارعة على البصرة ، وهذا الحل يتمثل بحل كل الميليشيات وتجريدها من السلاح وتشكيل هيئة تحقيق وطنية لكشف كل العصابات والاشخاص والاحزاب التي ساهمت بسرقة وتهريب النفط العراقي ثم اجراء انتخابات محلية في اجواء تخلو من الأرهاب الميليشيوي الذي اجبر البصريين على انتخاب العصابات المتصارعة حاليا في البصرة.. انه حل سوف لن يرى النور كباقي الحلول الوطنية الاخرى التي تم استبدالها بحلول المحاصصة الحزبية والطائفية .



 

Counters