| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالجبار السعودي

basrahahwar@hotmail.com

 

 

 

الجمعة 8/2/ 2008

 

مبروك لكــــــــــم .. زانيتـــــــكم !

عبد الجبار السعودي

المشهد لا يزال نازفـــــاً منذ أكثر من أربعين عامــــاً .
المكان والزمان .. نادي الإتحاد الرياضي – عشار – البصرة - تشرين الثاني 1963 .
(أدوات الجريمة .. صوندات مدماة .. كيبلات مدماة .. سلاسل حديدية مدماة .. رصاص دموي .. أدوات تعذيب مبتكرة).

ما أن أعلنت السلطات الحكومية آنذاك عن تخفيض ساعات منع التجول نهاراً بعد يومين إثر الإنقلاب العسكري الذي قاده عبد السلام محمد عارف في 18 تشرين الثاني 63 ضد سلطات البعث وأدواتها الإجرامية المتمثلة بالحرس القومي الفاشي الذين أنتزعوا السلطة بأنقلابهم المعروف في 8 شباط 63 ، حتى هرعت جموع الناس من كل حدب وصوب في مدينة البصرة لترى وتشاهد جرائم الفاشيين وما إقترفوه طوال فترة تسلطهم على مقاليد الحكم والشارع من أفعال دنيئة و خسيسة و دموية بحق أبناء البصرة والوطن من الوطنيين نساءً و رجالاً وعائلات بأكملها لم ينجو من بطش المجرمين حتى الصغار منهم !

كانت أنظار الجميع وهمساتهم وصيحاتهم وأقاويلهم تتجه وتشير صوب نادي الإتحاد الرياضي الكائن في العشار في مركز مدينة البصرة ، والواقع بالقرب من ساحة أم البروم المعروفة ، خلف بناية سينما الكرنك التي شيّدت لاحقاً .. والملاصق لمعاونية شرطة العشار من جهته الجنوبية ، والذي يبدو أن فاشيي البعث قد إتخذوه وسلبوه عنوة هو وبناية المعاونية لتسهيل عملية التنقل و نقل الضحايا بعد إعتقالهم طوال أيام حكمهم الأسود المخزي !

هرعنا ونحن في أعمارنا اليافعة مع جموع الراكضين والمتزاحمين بدافع الفضول ، لنرى قصة كل هذا الزحام والتدافع الذي ينشده الناس آنذاك .. وكان وقع المشاهد علينا مفزعاً و مخيفاً وأليماً .. أهتزت له أبداننا الصغيرة وأرتجفت لمشاهد وحشية .. لم نشهد لها مثيلاً ، حتى في أفلام (فرانكشتاين) المرعبة التي كانت تعرض آنذاك في دور السينما في البصرة !

كل غرف و منازع الرياضيين وقاعات الرياضة والتدريب و ممرات النادي كانت قد تحولت الى أماكن للتعذيب الجسدي والنفسي ولعمليات الإغتصاب الجنسي للكثير من الفتيات والشابات الوطنيات وغيرهن اللاتي أعتقلن في 8 شباط الأسود وما تلاه من أيام مخيفة عاشها الجميع آنذاك !

حيطان مدمّـــاة .. سلاسل حديدية مختلفة الأحجام صُبغت بلون الدماء النازفة .. ! (كيبلات) و (صوندات) مطاطية هي الأخرى مدمّاة ..! (جناكيـــل) حديدة مدماة مثبتة في الحيطان ، آلات مبتكرة ومستوردة لقطع الأصابع ، خوازيق حديدية يجري إجلاس المعتقلين عليها وتعذيبهم حتى النهاية .. أســّرة (قريولات) معدّه لأغتصاب الفتيات والسيدات ملطخة بالدمـــاء .. ملابس نسائية داخلية ممزقة .. كَــصايب شعر محروقة !

شعرٌ متناثر .. هنا .. وهناك لفتيات ونساء ضحايا ، لم يبق أي أثر لهنّ ، إلا بعض من بقايا شعر رؤوسهن ..! و مقاص للشعر مرمية هنا وهناك ! كتب محروقة .. و بُرك لمياة آسنة إختلطت مع ما تم حرقه من ملابس ! شعارات على الحيطان .. تسب و تشتم بدون خجل أو حياء أو وازع أنساني !

وتعالت صرخات (الزائرين والمشاهدين) ولعناتهم .. يا للهـــول .. يا رب السماوات ! ما الذي فعلتموه يا أولاد ....... ، مالذي فعلتموه أيها الفاشست الدمويون بتلك الأجساد الغضة الطاهرة والبريئة ؟! وأين أنتم الآن .. وكيف سنجدكم وقد ضاع أي أثر للكثير منكم وهرب ، وتخفى بعضكم بين صفوف الناس .. !! ومنكم من لبس (بشتــــاً) و (عباءة ً) و (ناحَ) مع الآخرين ولطـــــــــم ! أين أنتم إيها العراقيون من هؤلاء القتلة .. وماذا أنتم بفاعلون !؟

صرخت إحدى النســـوة وهي تفترش الأرض بعباءتها السوداء أمام فناء النادي .. مبروك لكم .. ثورتكم .. مبروك لكــــــــم (......) زانيــــــة الثــــــورات .

و ســـــاد المسرح .. ولفّ الزمان .. صمت ٌ مخيف ٌ.. و معيبٌ و أليــــمٌ ، حتى يومنـــــا هذا !

لم تســـــدل الستــــارة بعد ، فالمشاهد تلك كثيرة ومطبوعة في ذاكرة العراقيين حتى يومنا هذا .. والقتلــــة وأعوانهـم يُبعثون من جديد !

 

بصرة – أهــــــــــــوار
شــــــــــباط – 2008



 

Counters