| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالجبار السعودي

basrahahwar@hotmail.com

 

 

 

 

الثلاثاء 3/4/ 2006

 

 

جيوب من نوع آخر .. !


عبد الجبار الســـعودي

بعدَ أيام قلائل ، سأدخل مرغمــــاً لأجراء عملية جراحية ، أرتآها الطبيب الأخصائي بعد مرحلة علاج ومتابعة أستمرت لأكثر من ستة أشهر ، أستخدم فيها مختلف ما أنتجته علوم الطب والكيمياء من أدوية ومستحضرات صيدلانية متطورة ، لم تنفع ، إلا للحظات أو دقائق في إيقاف هذه الأنغلاق التام لمجاري التنفس العلوية في الجهاز التنفسي . وقد تبدو العملية أمراً أو حلاً لابد منه لأستئصال ما يمكن أستئصاله ، أو فسح المجال للهواء ( وهو نعمة الطبيعة بلا ضريبة ) لكي يأخذ طريقه الى الرئتين المتعبتين من هموم الحياة والأيام ! وكل هذا قادني لكي أبحث بشغف فيما يقوله العلماء لا أصحاب الجيوب ، عن سر هذه الأنغلاق القسري الذي يسببه ما يسمى بالجيوب الأنفية ، فوجدت أنها عبارة عن فراغات هوائية تتوزع في الجمجمة حول منطقة الأنف و تتألف من أربع مجموعات رئيسية هي : - الجيوب الجبينية ( فوق الأنف و العينين) – الجيوب الغربالية ( بين الأنف و العينين ) – الجيوب الوجنية ( تحت العينين على جانبي الأنف ) – الجيوب الأسفينية ( خلف الأنف في وسط الرأس ) . للجيوب الأنفية عدة وظائف نذكر من أهمها ( المساعدة على تخفيف وزن الجمجمة نظرا لأنها ممتلئة بالهواء , إعطاء الرنين المطلوب في بعض مخارج الحروف , المساعدة في ترطيب هواء التنفس و ترطيب الأغشية المخاطية ..... ) . تتصل هذه الجيوب مع مجرى الهواء في الأنف بفتحات صغيرة . قد تتسبب عوامل كثيرة في تضخم الأغشية المخاطية داخل الأنف كالاصابة بالزكام أو نوبات الحساسية أو تغير الجو بشكل مفاجئ مما يؤدي الى انسداد تلك الفتحات وذلك يساعد على تجمع الافرازات داخل الجيوب وتكاثر البكتيريا فيها مسببا التهاب الجيوب. وكما هو واضح أن السبب الرئيسي للالتهاب هو انسداد فتحات الجيوب .
علاج هذا الألتهاب يكون بالتنظيف المستمر للأنف بالماء الفاتر النظيف و استخدام بخاخ للأنف أو قطرات لإزالة الأنسداد اضافة إلى المسكنات و المضاد الحيوي المناسب . وفي حال استمر الألتهاب الحاد لمدة تزيد عن ثلاث أسابيع بدون علاج أو عدم استجابته للعلاج يمكن أعتبار الألتهاب في هذه الحال بأنه مزمن . ويتميز التهاب الجيوب المزمن بأعراضه المتواصلة و التي تعتبر نوعا ما مشابه لأعراض الألتهاب الحاد و لكن أخف شدة . وعادة ما يحتاج الألتهاب المزمن إلى وقت أطول في العلاج , وفي الحالات المتقدمة قد يحتاج إلى تدخل جراحي لفتح الجيوب و تنظيفها أو إفراغها ! وللأسف ليست هذه العملية التي سأخضع لها بمثل تلك البساطة التي يتصورها البعض ، وهي تقضي بتخدير كامل للمريض وإدخال أنبوب مجوّف بين عظمة الأنف داخل المجرى حيث يتم ضخّ مياه معقمة وسحبها من الفم !
إذن هي ( العملية الجراحية ) التي لابد منها كما أوصى بها الطبيب الأخصائي ، وقد قادتني هذه القراءة أعلاه ، لأن اتحسس جيوب البنطلون والقاط ، فوجدتها والحمد لله نظيفة من كل الألتهابات أو الخراج أو أي فتحات أخرى قد تنفذ منها حتى أصغر العملات التي ( ترن دوماً في جيوب الآخرين ) الى بطانة السترة أو مباشرة الى الأرض لكي تتدهور وتضيع !
تلمست كل الجيوب التي لم أستخدمها منذ سنوات طوال ، لأنها خاوية تماماً ، وتعهدت مع نفسي أن لا أحتفظ بها بعد الآن بعد أن إنتفت الحاجة اليها ، ولأنها تثقل عليّ كثيراً مادامت بهذا الشكل المأساوي من الخواء ! ولأنها تضعني في موضع نفسي وأجتماعي صعب لا يمكن أن يتصوره ( جيب ثقيل ) ! ولهذا فإني أقترح كما تصورأحدهم أن يتم صناعة ملابس خاصة للمعوزين والمحرومين ، الأتقياء الأنقياء ، بلا جيوب مادام أستعمالها غير مجد أو غير ممكن أوغير مفيد ومريح لبعض الأنفس !
حمداً للــــّه أن الجيوب الأنفية تنتفخ وتلتهب في مجرى التنفس العلوي ، سيلوحها التشذيب والتنظيف والتطبيب بعد طول عناء . وسيغدو الطريق أمام نسمات الهواء التي تتلاعب حرة وبالمجان في فضاءات الكون ، حراً وآمنــاً و دون منغصات أو إزعاجات ، و دون أية إملاءات أو تقييد يريد أن يفرضها هذه الأيام أصحاب ثقافة الأقصاء ومن يقف وراءهم من أصحاب الجيوب المكتنزة !
لا ، للجيوب المريضة ..
لا ، لثقافـــــة الجيوب ..
نعم ، لوطن بلا جيوب !
* * *
بصرة – أهـــــــــوار
03 نيســــــــــان 2007