| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالجبار السعودي

basrahahwar@hotmail.com

 

 

 

الأحد 3/5/ 2009

 

حتى لا يبقى ( البرحيّ ُ) أخضــــرَ !

عبد الجبار السعودي

لربما أقول، قد هدأت العاصفة ! فموجة الأحتجاجات والأستنكارات والبيانات التي نددت هنا وهناك والتصريحات الحكومية المتتالية حول حادثة مدينة الطوبجي التي راح ضحيتها بعضا من أخوتنا المندائيين و وفود الأحتجاجات وغيرها، كل هذه الأعمال الأنسانية تأتي طبيعية كردّ فعل مباشر على ما حدث من أفعال دامية كالتي حدثت، غير أن تساؤلاً ما ، يجتاحنا دوماً في دواخلنا، يتردد فينا ويصرعنا ويدفعنا الى الأحباط  المُر واليأس في كل مرة وحتى النسيان لاحقاً، دون أن ندري .. ماذا عن التالــي ؟!

ما يُقال عن مظاهر التضامن الأنساني المتواصل أمر لا شائبة أو مأخذ عليه ولا تشكيك فيه وفي نواياه ، فالأحداث المتتالية ومنذ أن ألقت أوضاع العراق بعد عام 2003 تحديداً بضلالها الأكثر أسوداداً وقتامــة على أبناء الشعب العراقي و مكوناته العديدة، قد أكدت أن لصوت الرأي العام المحلي العراقي وبعضٌ من تضامن المنظمات الدولية قد أتى بثماره المحدودة في جانب ما .. رغم أزدياد الأنتهاكات التي تتعرض اليها قطاعات واسعة من عموم الناس في داخل الوطن حتى اللحظة، لذا فإن البحث عن وسائل جديدة لأنعاش هذا الصوت التضامني يبدو أمراً يستحق التوقف عنده، حتى لايخبو هذا الصوت أو يهفت، بل ويتناساه الكثيرون عند أول محطة عبور وأنتقالة الى محطات أخرى تشهد أحداثاً جديدة ..

أمكانات القوى التي تتضامن معنا وهي وطنية وأنسانية في توجهاتها وأهدافها ومشاريعها لا تزال محدودة في ساحات العمل داخل العراق، وتأثير فعلها المباشر على سير الأحداث وعلى ما يجري هناك لا يزال ضعيفاً، بل ومحاصراً بشتى الأساليب .. وأمكانات المندائيين أنفسهم في داخل الوطن معدومة تماما ، بل أنهم يعيشون أوضاعاً حرجة ومعقدة للغاية تهدد وجودهم الحياتي اليومي، لذا تبرز الحاجة الى فعل آخر، مصاحباً وأكثر تأثيراً تتبناه التجمعات المندائية الشرعية تحديداً خارج العراق وبالتنسيق المتعدد الجوانب مع المنظمات العراقية الوطنية والدولية المتعددة وبآليات عمل جديدة متفق عليها تتخطى الحواجز النفسية وتلك التي تحمل رؤىً سياسية مسبقة !

المندائيون وعلى مختلف ثقافاتهم و رؤاهم وأنتماءاتهم السياسية وهم المعنيون قبل غيرهم بما يُحيط بهم و بمستقبل وجودهم كمجموعة بشرية ، تتطلب الحال التي هُم عليها وبما ينشدوه، أن تتظافر جهودهم وهي كثيرة ومتنوعة ، ثقافية ومادية وتحديداً في خارج العراق بالأنفتاح على القوى الوطنية وتلك المدنية التي ساندتهم ولا تزال، من أجل تشكيل تحالف عمل للتضامن الفعال والمباشر، يتخطى بيانات الأستنكار والشجب والتنديد و يتعداها الى فعل ملموس عبر تشكيل مجموعات عمل مشتركة دائمة غير منفرطة، تتعدى المناسبات والأحداث العابرة ، يتردد حضورها وتواجدها أمام أسماع السلطات العراقية والمنظمات الدولية.

لم يعُد أحدنا ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين وفي مجمل هذه التحولات السياسية المحلية التي عصفت بالوطن وأدمته، وتلك الدولية منها، أن يخفي بما يريد الأجهار أو البوح به على الملأ وعبر وسائل الأعلام المتعددة من صحافة وتلفزيون وأذاعات و أنترنت وغيرها ! لم يُعد هناك ما هو مخف ٍ في ظل هذا الصراع المحتدم والمتسارع الذي يسحق فينا وفي تفاصيل حياتنا اليومية و يتجاوز المعتاد من المخلفات العالقة في أذهان وسلوكيات الكثيرين منــــا !!

لم يعُد المخبر البوليسي و دوائر الأمن تبحث عن كُتيب أو منشور لمعارض سياسي يدعو لبناء حياة مدنية، حرة ،كريمة أو عن آخر يدعو لبناء وطن حر و شعب سعيد ! أو عن قارئ يطالع مؤلف ( رأس المال ) لكارل ماركس أو آخر يُنشد لجيفارا، فقد أنتقل الصراع الى معاني أخرى .. والجميع في عالمنا الدامي هذا ومنهم المندائيون يبحث عن أهداف أنسانية عادلة كهذه التي ينشدونها أو لربما قرأوا بعضاً من معانيها المقاربة لما جاء في أدبياتهم الدينية وتلك التي تربوا عليها  في أوساط مجتمعاتهم التي تنشد السلام لا غير ! جميعهم يبحث عن حياة تحفظ للفرد كرامته المهدورة في العيش والمأكل والمسكن والوجود ( وهو ما حاصل الآن لهم وللقوى التي تساندهم ) وتحفظ له أمنه وسلامته ومستقبله ومستقبل أولاده وتحفظ له حرية ممارسة معتقداته وطقوسه ومساواته مع الآخر على أساس المواطنة لا غير، دون أنتقاص أو مزايدة !

ما طالعناه عبر الصورة من وفود مندائية قدمت مذكرات الأحتجاج لمكاتب المنظمات الدولية في هذا البلد أو ذاك .. كان بالأمكان أن يكون أكثر تأثيراً وفاعلية لو ساهمت فيه وبشكل مشترك وبتنسيق مسبق المنظمات العراقية الأخرى للقوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني في الخارج!

المندائيون قبل غيرهم  وهُم أصحاب الهـم الكبير والمحنة المتواصلة التي تواجههم في وجودهم مدعوون الى الأنفتاح على القوى الخيرة في مجتمعنا والشخصيات الوطنية التي وقفت ولا تزال معهم في مواجهة هذه الأخطار وأستثمار هذا التضامن المتواصل معهم وبأدق معانيه، فلم يعد أحداً ما في أيامنا هذه يعيش في جزر منعزلة لا يسمع فيها سوى صدى أصواته وينام معها وحسب !   

 تلك العثوق المثمرة تنتظر من يُزيل الغبـــــــار عنها لكي تكون أكثر نضجاً وأحلى مذاقـــاً !   

 

بصـــرة - أهـــــوار
 آيــــار/ مايس 2009
 

         

        


 

Counters