| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالجبار السعودي

basrahahwar@hotmail.com

 

 

 

                                                                                     الأحد 15/5/ 2011

 

عقاراتٌ تـُنهب و بيوت الفقراء تـتهدّم!

عبد الجبار السعودي

العملية السياسية الجارية في الوطن تواصل أطراف معينة منها كما يبدو تسييجها وأحاطتها لو صح التعبير وأغلاقها بأحكام، وأغلاق المنافذ الشرعية لمشاركة الآخرين فيها، لتصبح حكراً على تواجد تلك الأطراف من خلال الألتفاف حول القوانين والتعليمات والأتفاقات التوافقية المعلنة من أجل خدمة وأرضاء لمصالح سياسية وحزبية وأقتصادية منفعية خاصة . وهذا يبدو واضحاً و جلياً في واحدة من ساحات التواجد الفعلي وفرض سياسات الأمر الواقع الجارية على قدم وساق. فالأخبار المتتالية تتحدث عن عمليات نهب ٍ للمال العام والملك العموميين و مراكمة الثروات وتحويل بعض المنتخبين والمنتفعين الى ملاكين عقاريين و مستثمرين و رجال أعمال بفضل ذكاءهم وسطوتهم وأجتهادهم وحظوتهم من خلال عمليات الفساد المتلونة والأحتيال وأستثمارهم ( وهو الأهم ) لهذا الصمت الغير مفهوم من قبل بعض أصحاب القرار في الدولة والحكومة العراقية في محاسبة المقصرين والسراق من الذين تسلقوا الى المراكز الحكومية المهمة مستغلين السطوة المذهبية الطائفية والقومية الواضحة.

لقد أتضح ومن خلال العمليات الأنتخابية البرلمانية التي جرت لحد الآن من أن بعض الأطراف السياسية قد خاضت تلك الأنتخابات في لحظة أعلانها وزمنها لا غير طمعاً بالمكاسب ، وأفرزت تلك الأنتخابات نتيجة لذلك أفراداً وعناصراً و فئات أنتخابية خرجت من رحم الكائنات السياسية مما أسهم في تسلق عناصر هزيلة وعديمة الحضور السياسي ومحترفة في الوصول الى المجالس المحلية للمحافظات العراقية و للبرلمان و وظيفتها الأساسية كانت ولا تزال هي تأمين الأستغلال المكثف للأصوات والزج بها في مستنقع الحرمان والتفقير والأقصاء السياسي والأجتماعي لاحقاً، وما تلى ذلك من خلال تنكرها لكل الوعود التي قطعتها للناخبين ولعموم قطاعات الشعب العراقي الواسعة .

ففي مسلسل النهب الواضح للعقارات في بغداد على سبيل المثال، تتحدث الأخبار المنشورة للآن والتي تطالعنا بها المواقع الألكترونية تباعاً عن الأستيلاء الغير مشروع وعبر (صلاحيات حكومية و بشرعية توافقية بين الجهات المتنفذة ) لأشخاص مقربين من السلطة والحكومة على عقارات تعود إما لمسؤولين من النظام السابق أو لعائلات هاجرت قسراً وخوفاً من البطش و التقتيل على الهوية الطائفية والدينية أو لعقارات تابعة لدوائر الأمن والمخابرات والجيش الشعبي ومقرات حزب البعث المنحل. وتقدر تلك العقارات كما ترد التقارير المنشورة بمليارات الدولارات. وتؤكد معلومات متسربة نشرت أخيرا من أن شخصاً يُصنف الآن من أنه من أغنياء البلد وتربطه علاقات مع كثير من البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين قد أمتلك لوحده (40) عقاراً تقدر أثمانها بأكثر من مليار دولار حصل عليها بطريقة غير مشروعة و بتواطئ بينه وبين بعض موظفي التسجيل العقاري. فيما أمتلكت (عمــّـــة) أحد المسؤولين ( والدة زوجته ) لوحدها (11) عقاراً في قلب مدينة بغداد يتجاوز ثمن بعضها المليار دولار أيضاً، فيما لم تكن تملك تلك السيدة طوال عمرها أي عقار كان ، بل وكانت تسكن في دار مستأجرة كما مثبت ذلك في سجلات التسجيل العقاري، فيما أمتلكت ( الزوجة ) عقارات أقل مما أمتلكت والدتها تحوطا وأبعاداً للشبهات وكذلك بالنسبة للأولاد!

هيئة النزاهة المغلوب على أمرها و التائهة وسط هذا التلاطم المنهك لقواها، تملك وثائقاً حول كل عمليات الأستيلاء والنهب كما تقول الأخبار، لكنها تقف عاجزة ومكتوفة الأيدي للقيام بأجراءات المقاضاة والمساءلة ، لأسباب أصبحت بسيطة ومعروفة للجميع لا تتعلق بالهيأة ذاتها، بل و بطبيعة القوانين النافذة التي لا تزال تحمي السرّاق وكذلك التستر الواضح وسطوة بعض المتنفذين في أجهزة السلطة والدولة.

في شأن متصل و ذو أهمية قصوى بكل ذلك الذي نطالعه، يبدو أن الحلول الموضوعة لمعالجة أزمة السكن المستفحلة تراوح هي الأخرى في مكانها، بل و تتراجع مع تقادم السنوات دون أن تصدر أية توجهات حكومية جدية لهذا الغرض من خلال التخصيصات المالية الكافية أو تخصيص الأراضي وما أكثرها لأنشاء مجمعات سكنية واسعة و كذلك تشريع القوانين الخاصة بتحويل بعض من الأراضي والممتلكات المستولى عليها ، الى عائدية الدولة العراقية دون الإضرار أو التحايل الغير مشروع على المصالح أصحابها مالم تكن قد صودرت من قبل النظام السابق خلافاً للقانون، وذلك من أجل تنفيذ المشاريع السكنية على مساحاتها و لعموم المستحقين من أبناء الشعب العراقي وفي مقدمتهم الملايين الواسعة من الفقراء و ذوي الدخل المحدود.

هذه الحلول وغيرها الموضوعة على الرفوف يجري تناسيها وسط عمليات النهب والأحتيال المستمرة وأرضاء الفئات المقربة من الأحزاب والجهات الحكومية المتنفذة وما يصاحب كل ذلك من تقليص لمساحات الأراضي وغلاء أسعارها وأرتفاع بدلات أيجارات الدور والشقق السكنية والتي لا يصلح أغلبها لمتطلبات العيش الصحي اللائق والآمن، والتي تتآكل هي ذاتها نتيجة لقدمها وغياب أية عمليات صيانة مستمرة لها ولو بالقدر المعقول، بسبب جشع الملاكين أنفسهم وغاياتهم المعروفة والقوانين التي تحميهم، الأمر الذي أدى ويؤدي من حين لآخر الى تهدم وتساقط تلك الوحدات السكنية القديمة لتعرضها للمتغيرات الجوية الطارئة كالأمطار الغزيرة والرياح العاتية والسيول وغيرها كما حدث في الأسابيع المنصرمة في محافظات شمالية و جنوبية من العراق عندما تهدمت مئات المنازل و تشرد أصحابها وقتل بعضهم وتساقط آخرين من الجرحى، من أفراد عائلات عراقية كادحة كانت تحتمي ببيوت من الطين و تعيش فيها، مقهورة و ذليلة وتحت أبصار الحكومات المحلية للمحافظات والحكومة العراقية الحالية وغيرها التي سبقتها والتي أغدقت وأغرقت ومن ثم فاضت على عموم أبناء الشعب العراقي بسيولها الجارفة من الوعود والتطمينات التي تلوكها الألسن و تفندهــــا الوقائع.

خبــــر ذو صلــــة :
آخر تصريح نشر قبل أيام لوزير الأعمار والأسكان في الحكومة العراقية الحالية محمد الدراجي يؤكد حاجة العراق الى أكثر من مليوني وحدة سكنية.

* * *
 

بصــــــــــــرة - أهــــــــوار
آيـــــــــــار من عام 2011

 

 


 

Counters