| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالجبار السعودي

basrahahwar@hotmail.com

 

 

 

السبت 12/4/ 2008



أيّ وحدة وطنية هذه يا وزارة الداخلية ؟!

عبد الجبار السعودي

يقول الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء ومنها الوكالة المستقلة للأنباء ( أصوات العراق ) اليوم السبت الموافق 12 نيسان 2008 وتحت عنوان :

( تشكيل مديرية للشرطة النهرية وقوة لحمايات الشخصيات "الهامة" في البصرة )،ما مفاده أن وزارة الداخلية ( قد شكلت مديرية للشرطة النهرية وقوة خاصة لحمايات الشخصيات "الهامة" في البصرة، شملت التعيينات فيهما عناصر من مختلف الديانات والطوائف في المحافظة ). ويتابع الخبر ليقول :

( وذكراللواء عبد الأمير عباس، مدير البنية التحتية في الوزارة، في مقابلة مع الوكالة المستقلة للأنباء ( أصوات العراق)، السبت، أن الداخلية ( شكلت، خلال الأيام القليلة الماضية، مديرية للشرطة النهرية في المحافظة لمنع عمليات التهريب والتسلل عبر شط العرب. "). و جاء في تفاصيل الخبر ايضاً :

( أشار عباس إلى أن التعيينات في هذه التشكيلات والأجهزة الأمنية الجديدة "شملت مواطنين من جميع الأديان والطوائف، بما فيهم المسيحيين والصابئة المندائيين." ) .

وعند هذا سأتوقف لأترك للقراء متابعة تفاصيل الخبر في صفحات المواقع العراقية المختلفة .. لكني ومعي البقية المتبقية من المندائيين وأبناء الأقليات الدينية في داخل الوطن وخارجه قد نفاجئ بهذا الخبر الذي لا يأتي بالجديد في واقع ما يجري في العراق ولايضيف شيئاً جديداً ،سوى الكثير من التساؤلات المحيّرة حول مبدأ المواطنة الذي تعتمد عليه أغلب دول العالم التي يهمها مصير شعوبها ومستقبل بلدانها وحريتها في كل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة.

أبناء الأقليات الأخرين وعلى مرّ التاريخ الحديث للعراق وكما يعرف الجميع وكما هو موثق بالأحداث والأرقام ،لم يكونوا بعيدين عن الأحداث التي عصفت بالعراق ومناحي حياته السياسية والأقتصادية وما تركته من آثار ، بل أن المتابع لفصول تلك الأحداث التي واكبت تشكيل الدولة العراقية يجد أن تلك الأقليات  قد ضخت الى الدولة العراقية بمختلف الكفاءات المتمكنة و النزيهة وتلك التي تعني بشؤون العلم و الأقتصاد والتربية والتعليم بمختلف درجاته وكذلك بمختلف الكفاءات العسكرية الوطنية و النزيهة و المتقدمة في تعليمها العالي ، وغيرها من الكفاءات المتنوعة التي ساهمت في تشكيل السوق الأقتصادية من تجار و كسبة و حرفيين وغيرهم من أدباء وفنانين و رياضيين وصحفيين و دبلوماسيين وغيرهم من أصحاب الوظائف الأدارية والفنية !

وكل هذا ليس جديداً على دولة العراق منذ العشرينيات وليومنا هذا ، لكن أزاء ذلك كله وكما تؤكده الوقائع الموثقة ، دساتيراً و تعاملاً ومنذ عقود أن هناك تمييزاً وأنتقاءاً في التعامل مع أبناء الأقليات إلا في حالات نادرة للغاية ! بالأضافة الى ما لحق بهم من أضطهاد واضح لم تخلو منه كل العقود الماضية ، بدءاً بضحايا الأنقلابات الدموية السوداء من الشهداء الوطنيين العراقيين وحتى غيرهم من ضحايا الحروب التي أشعلها النظام السابق المدحور والذين سيقوا اليها كوقود لمحرقة لم تبق ولم تذر، حتى أحالت الوطن الى خربة كاملة في كل زواياه الممتدة من زاخو وحتى الفاو و مملحته التي شهدت سقوط عشرات الآلاف من الجنود والضباط العراقيين أرضاءاً لنزوات الطاغية والذي كان يدفع بالأفواج تلو الأفواج لكي يسترد أرضاً لا تزال ليومنا هذا تعج بعظام القتلى والقنابل والألغام !! كما أن الفتاوى والحملات الأيمانية التي أبتدعها النظام السابق والتي أجبر فيها حتى التلاميذ الصغار من أبناء الأقليات للأنتظام في دروس تعلم القرآن دون أحترام لمشاعرهم وخصوصيات معتقداتهم و غيرها من الممارسات التي كانت تمتد الى الجوامع لتكفير هذه الطائفة أو تلك ، وعمليات القتل في المحلات للصاغة والكسبة نساءً و رجالاً و غيرهم من أبناء الأقليات والتي قامت بها عصابات منظمة وتابعة لأجهزة النظام السابق ، كل هذه الممارسات وغيرها لا تزال مستمرة وليومنا هذا ، بل وأتخذت خلال السنوات الخمس الأخيرة بعد عملية سقوط النظام ، مناحي أشد خطورة ، تمثلت في تكفير أبناء الأقليات عبر وسائل عديدة و مبتكرة وأجبارهم على أعتناق الديانة الأسلامية عنوة ، متناسين أنهم أبناء و خمرة العراق الأصيلة وكذلك عمليات القتل على الهوية ، مما أضطر عشرات الآلاف منهم الى الهجرة مع غيرهم من أبناء الوطن الى الدول المجاورة والسكن والعيش هناك تحت أوضاع مزرية للغاية يعانون منها وبأعتراف المنظمات الدولية نفسها .

أن التعامل مع القضايا الملحة لأبناء الأقليات لن يكون بهذه الطريقة الأنتقائية التي نقرأها في خبر وزارة الداخلية المذكور وكأن المسيحيون والصابئة المندائيون طارئون على الوطن وغرباء عنه ، وكأن وطنية هؤلاء تحتاج الى دماء جديدة تسكب من أجل أن يقال أنهم دافعوا عن مياه و تربة الوطن !!

كما أن الحال التي عليها أبناء الأقليات عموماً تستدعي أصدار الفتاوى من المرجعيات الدينية الأسلامية على مختلف مذاهبها للحيلولة من أتساع عمليات القتل والتشريد والأغتصاب والترهيب بقوة السلاح لأعتناق غير ديانتهم ، كما يتطلب الأمر على الدولة العراقية و مؤسساتها الدستورية تعديل الفقرات التي تضمنها الدستور العراقي الأخير وتعديل قانون الأنتخابات العراقية ، لكي يضمن لهؤلاء مشاركة أوسع في الحياة السياسية أسوة بالبقية المتبقية من أبناء الأقليات والقوميات والمشاركة في صنع القرارات المصيرية والملحة وما أكثرها ، دون النظر الى أعدادهم المتبقية والتي تعيش في العراق حالياً و نخص منهم الصابئة المندائيون الذين لم يتبق منهم سوى بضعة آلاف محدودات ! فالدماء التي سكبها هؤلاء أبان عقود مضت وحتى الساعة وما سيسقط من ضحايا جدد لهؤلاء كمواطنين عراقيين، تستدعي التعامل معهم كمواطنين أيضاً في الحقوق التي توجب على الجميع من مؤسسات تشريعية و تنفيذية و من مرجعيات دينية أسلامية ذات الثقل الأجتماعي المعروف أن يقولوا كلمتهم الفصلى في التعامل على أساس مبدأ المواطنة الذي يجمع بين الواجبات والحقوق وعلى أساس مبادئ النزاهة و الكفاءة في تولي الوظائف والمناصب و المسؤوليات لا غير، بما فيها المؤسسات العسكرية والأمنية.

الوحدة الوطنية لا تحتاج الى هكذا تسميات أو هكذا مشاركات وهكذا هيكلية ! أبنـوا الوطن على أساس المواطنة الحقيقية والعدالة وأزالة التظلمات و تحقيق الرفاه الحقيقي لأبناء الشعب عموماً و دون تمييز ، وعندها ستجدون أبناء الأقليات و كما كانوا جنباً الى جنب مع باقي أبناء الشعب في أعمار الوطن و الدفاع عنه !

بصــرة – أهــــوار
12- 04 – 2008






 

Counters