| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. عامر صالح

 

 

 

الأحد 15/11/ 2009

 

نحو فهم عواقب المصادقة على قانون الانتخابات البرلمانية في العراق!!!

 د.عامر صالح

"ليس ثمة مكان أغلى من الوطن"
                                  
هوميروس

أثارت المصادقة على قانون الانتخابات ومواده في جلسة البرلمان المنعقدة بتأريخ 08 ـ 11 ـ 2009 الكثير من الحنق والغضب المتزايد, حيث أقصى هذا القانون المجحف الكثير من مكونات شعبنا في الداخل والخارج وفرض مزيدا من التضييق والحصار على فسيفسائه التي طالما افتخرنا بها, وبهذا شكلت هذه الواقعة نذيرا بفرض مزيدا من الإقصاء وتضييق الخناق على مساهمة شعبنا في الحياة السياسية ,والذي بدأت طلائعه تظهر في الأفق منذ الانتخابات البرلمانية السابقة وانتخابات المحافظات التي أعقبتها وحتى قبل ذلك ,وبهذا تتضح ملامح المشروع الأثنوـ طائفي في تحويل عراق المستقبل إلى دويلات أو شبه دويلات أثنو ـ طائفية مستقلة لا تربطها في العراق كدولة للجميع أي رابط ,سوى المسمى الجغرا ـ تأريخي الذي تتموضع فيه هذه الكيانات , وستتحول هذه الكيانات بفعل عوامل التدخل الخارجي ونزوع ردة الفعل إلى كيانات عدوة للدولة العراقية تضعف الدولة في الداخل وتعبث في الأمن والاستقرار, وتلجأ عبر حلفائها في الخارج إلى افتعال عدو خارجي كأمريكا وإسرائيل والامبريالية العالمية أو مشكلات بين دول الإقليم أو الجوار.

ويذكرنا ذلك جليا بالدولة اللبنانية حيث العداء الذي لاشك فيه لإسرائيل من قبل حزب الله والذي لا نعرف دوافعه بهذا الحجم الذي يفوق قدرات الدولة نفسها باعتبارها المسئول الأول عن الأمن الخارجي, يقابله في الطرف الآخر إضعاف للدولة اللبنانية وتحديدا لساعة المعركة مع إسرائيل من طرف سياسي واحد تنهار فيه الدولة اللبنانية وتخرج إسرائيل قوية من جديد !!!.وعلى نسق ذلك يتحول المشروع الوطني الكبير في بناء الدولة العراقية الاتحادية المعاصرة إلى مشروع رهان تمتد تفاصيله إلى ما وراء الحدود, وعندها يكون الأمن والاستقرار والتقدم الاجتماعي حلما لا يمكن تحقيقه بسهولة كحلم شعبنا في إزالة الدكتاتورية !!! .

أن الأضعاف المستمر لدور المهجرين والمهاجرين ومواطني الأقليات الدينية والمكونات القومية والكيانات السياسية الصغيرة وعبر القانون هذه المرة,باعتبارهم جزء من البوصلة الأمينة للتأكد من صحة توجهات الكتل السياسية الكبيرة,سوف يسهم بما لاشك فيه إلى تحول أجزاء العراق السنية والشيعية والأثنو ـ سنية إلى كيانات استحواذية خالية من التنوع والمراقبة الذاتية وعلى طريق تحولها إلى ترسانات أسلحة,وأجهزة استخبارات مستقلة وشرطة لا تعرف مفهوم الدولة الاتحادية العصرية والى امتلاك أذرع إقليمية في دول الجوار.

وبهذا المعنى تكون هذه الأحزاب المناطقية استوفت شروط ومقومات الدولة من الناحية الشكلية في أمكنة تواجدها الجغرافي, من خلال سلوك الانفراد في السلطة,الأمر الذي له انعكاساته الخطيرة على الدولة العراقية ,حيث أن الدولة الاتحادية وأجهزتها وقوى أمنها تعاني من فقدان الهيبة بسبب عدم احتكارها للقوة الرادعة من جهة ولوجود أجهزة مرادفة لها من جهة أخرى, وهذا من شانه أن يفقد ثقة الناس بالدولة ومؤسساتها وبالتالي إلى انتشار مفهوم " الأمن الفردي ",أي أمن الحارة وأمن الشارع وأمن المدينة,حيث رجل أمن الدولة غير قادر على حمايتهم.وعندها يكون فائض القوى الذي ستمتلكه هذه المدن المحاصصية من أجهزة أمنية وشرطة وجيش يعطي شعورا بالقوة والتفوق على الدولة العراقية وأجهزتها ومؤسساتها,وعلى مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية الأقل تمثيل ,ويعزز لديهم مزيدا من الشعور بالحصانة على كل الأفعال التي يرتكبونها من فساد إداري ومالي وسياسي,إلى جانب صعوبات تقديمهم للعدالة.

أن المصادقة البرلمانية على هذا القانون هو خطوة أخرى على طريق اختراق الديمقراطية كطريقة لإدارة الحكم وتكريس استحواذ السلطات بيد الكيانات السياسية الكبيرة,وإقصاء جزء من مكونات شعبنا وبعث عدم الاستقرار في النظام السياسي إلى ما لا نهاية واعتبار ذلك واقعا عبر القانون.وبهذا نهيب بكل الحريصين على مستقبل العراق وديمقراطيته,أولهم شعبنا ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات العالمية ذات الصلة بترسيخ قيم العدالة والديمقراطية في الضغط على رئاسة الجمهورية لرفض هذا القرار وأعادته مجددا إلى البرلمان لدراسته في جلسة استثنائية وبحضور برلماني عند مستوى المسؤولية.
 

 

free web counter