| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

الأربعاء 8/12/ 2010

 

عن الخمر... و رسائل نفاق تهدد عراقنا

عبد الصاحب الناصر

مع شديد الأسف نلاحظ أن كثيراً من الناس قد مرت عليهم هذه الأيام رسائل الشر، و لم يلاحظوا نواياها أو توقيتها و بالأخص ما هي الأهداف التي ورائها.
مرت رسالة الخمر وغيرها فحطت في أرضنا بعد أيام قليلة من انفراج أزمة تشكيل الحكومة وانتصار صف السيد المالكي ورفاق الخير الذين صمدوا في وجه اشمل حملة تسقيط بالعراقيين الشرفاء وبعد انكشاف الانقلاب البعثي في مجلس النواب. خرج علينا هذه الأيام كتاب تعتاش على المشاكل و تدور في أروقة الهموم وترتزق من صناديق القمامة و النفاق. هذا يسب الشيوعيين وآخر يلوم و يسب المالكي أو دولة القانون، وثالث يؤشر الى ضعف إيمان العراقيين و بوطنيتهم وعروبتهم، ورابع، يشكك بإخلاص مسيحيي العراق الشرفاء ويدعو إلى تهجيرهم، و ذاك يتباكى على المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية، ورئيسه المرتقب قد هرب من العراق إلى لندن، منذ أكثر من عشرين يوما تاركاً رفاقه من القائمة العراقية حتى دون أن يشعرهم بتركهم و عدم الرغبة بالمنصب.
فلماذا هذا الخلط بين الخمر واتحاد الأدباء والشيوعيين العراقيين؟ و ما القصد من توريط دولة القانون بهذا الإشكال؟ ولماذا هذا الخلط وفي هذا الوقت بالذات وبالأخص بعد نمو نشاطات و شعبية منظمات المجتمع المدني التي يتبناها اثنان من أقدم واصلب واخلص المناضلين العراقيين، ألا وهما: حزب الدعوة والحزب الشيوعي العراقي.
أجل، ما علاقة اتحاد الأدباء و الكتاب العراقيين بالخمر؟ ومن جمعهم في صندوق واحد مع محلات بيع الخمور والمراقص الرخيصة؟ و من خلط بين اتحاد الأدباء وبين النوادي الليلية؟ لماذا لم يلاحظ كثير من الناس أن في صميم هذه الدعوة هو تقليل وربما إذلال لاسم اتحاد الأدباء؟
من ساوى بين الشعراء و زبائن الرقص الشرقي الذي غطى أكثر البلدان العربية بآلاف من بنات الهوى من بلدان قد تحررت لتوها من الأنظمة الشمولية والتي ضاقت بهم مثل مدينة دبي و أبو ظبي والقاهرة و بيروت و عمان و قطر.
فمن أشار على مجلس محافظة بغداد ومجالس محافظات عراقية أخرى في أخذ قرارات متسرعة و في هذا الوقت بالذات ولصالح من؟ إذ من نافلة القول أنه ليس كل من يتظاهر بالتزامه بالدين يقصد الحق والأيمان ، لأننا نعرف كثيراً منهم من يلتحف بتلك العباءات كمدافع عن الشرع و الدين والأخلاق زورا ونفاقاً. إنها في رأيي المتواضع عملية وضع العصي في درب السيد المالكي وحكومته قبل تشكيلها وما علينا إلا الانتباه و أخذ الحيطة و الحذر من هذه اللعبة الخطيرة.
أن شعراء و أدباء العراق هم في الصف الأول في مجابهة النفاق والتبعيث والتسلط. كيف إذْن نعاملهم كما نعامل المتشردين و العاطلين عن الخير والسكارى من أيتام صدام وخفافيش لياليه المظلمة؟ بالتأكيد لا يجوز هذا الخلط . وأني اعترف باني كنت أراقب هذه الزلة بكثير من الخوف لأنني ولأول مرة ألاحظ كيف أننا لم نتعلم الاحتراز بعد، وأننا ما زلنا في مهب الريح تتلاعب بنا شهوات ومخططات الشر. هذه هفوة لا يجب أن نهتز برياحها لأنها تفرق الصف الذي عليه أن يكون متحدا و صامدا أمام كل المؤامرات التي تقف أمامنا في طريق الأمان .
هناك ثلاث جهات يجب التفرقة بينها و بين الخمر و الملاهي الليلية و التشرد وذلك لأهميتها و لقدسيتها وهي: اتحاد الأدباء و كتاب العراق، والحزب الشيوعي، وحزب الدعوة الذي يقود عملية التصحيح في بناء مجتمع خال من العفلقية والظلامية والانحطاط الاجتماعي .
لماذا لا نجمع بين هذه المؤامرة و بين لعبة نشر وثائق وكيليكس التي نشرت بالأطنان ولم يتفهم كثير من الناس أهدافها الحقيقة ومن يقف ورائها، ولم يتفحص الناس دقائق تنفيذها الذي يصعب على أكثر المؤسسات العالمية نشرها بهذه السرعة وبهذه السعة. هل يتصور الناس كم من الوقت اللازم لاستنساخ ونشر ٣٩٥٠٠٠ وثيقة بحجم A4؟؟
وكم تستغرق من الوقت و من الجهد و سعة ذاكرة الكومبيوتر الذي ينشرها و من نقلها و هي بالأمتار المكعبة حجما الى مؤسسة وكيليكس ومن جمعها في بيت واحد من كل تلك المؤسسات التجسسية قبل نقلها الى هذه الدار؟ وكم من الوقت استغرق لجمع هذه الوثائق؟ أجل هناك ألف سؤال وسؤال يدور ولا يجد له الجواب العملي والعلمي عن هذه المؤامرة الذكية، و التي مرت وتمر على كثير من العرب. ولأننا نحن العرب نهتم بمنع أو السماح بشرب الخمر ولا نهتم بالمؤامرات الكبيرة التي تحاك ضدنا.
ان فتح موضوع شرب الخمر، يثير الكثير من الشكوك ولن يدخل في باب (أن بعض الظن إثم) . لان توقيته مفضوح و يهدف التضليل ووضع العراقيل أمام تشكيل الحكومة الوطنية، ومن هنا قد بدأت حملة التخريب الفكري والتشكيك بالوطنيين العراقيين، ووضع العراقيل أمام من يهدف إلى بناء عراق قوي متحد موحد، وبناء الدولة المدنية التي هي من صلب أهداف دولة القانون، ورئيسه الأستاذ المالكي.
إن على الكتاب والمفكرين من كل الأطراف الوطنية العراقية، وبالأخص من الكتاب اليساريين والعلمانيين، وحتى الشيوعيين والإسلاميين المخلصين، أن ينتبهوا الى هذا الشر الفكري القادم من بقايا الطغمة البعثية، ومن مخاوف القادة الرجعيين العرب من تطور العراق في الاتجاه الديمقراطي. وان عليهم ان يهدِّئوا الوضع و يكتبوا بلسان العقل والمنطق وأن يعترفوا بحق الكل في الحرية التي لا تتعارض مع القوانين ولا مع حرية الآخرين طالما هي لن تضر بالمجتمع .
الشيوعيون ليسوا بدون أخلاق و ولا هم كفاراً كما يحب البعض أن يلصق بهم من كتاب الإسلام المتطرف الظلامي الوهابي أو الإيراني أو السوداني. وليس كل كتاب العراق سكارى ولا كل من شرب الخمر هو بدون أخلاق، إن تعميم هكذا حكم هو ظلم فاحش. فلا تزروا وازرة وزر أخرى.
وعلى الحكومات المحلية في المحافظات ان تنتبه الى من يحيك تلك المؤامرات و يخرجها تحت أغطية دينية او اجتماعية و لأسباب ليست حقيقة.
أرجو أن لا يضعوا العراقيل أمام الرجل قبل ان يشكل حكومة العراق، إذ ليست لكل الأمور أهمية واحدة .

 

* مهندس معماري / لندن

 

free web counter