| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

الأثنين 8/2/ 2010



الصمود الذي حوّل اللحظة الحرجة الى انتصار

عبد الصاحب الناصر *

تبلور في الاسبوع المنصرم رأيان سياسيان مختلفا الاتجاه في السياسة العراقية ، الاول عند صدور بيان الهيئة القضائية المشؤوم، و الثاني يوم الثامن من شباط المشؤةم، كذلك يوم موقف مجلس النواب . الاول عندما تصوّر البعثيون المغرورون  انهم انتصروا وهم في طريقهم لاستلام العراق عن طريق الانتخابات ليهيئوا لانقلاب ابيض كما حدث في سنة ٦٨ ( نشير لهم هنا بالخط الاول ) ، فتبسمت وجوههم و من كان يتعاطف معهم في العلن و من كان يتمنى هذا في السر . والثاني يوم وقفت كل القوى الخيرة في العراق في صف متوحد قلما وقفوا مثله في الفترة الاخيرة من عمر المجلس النيابي (سنشير لهم بالخط الثاني )، وقفوا ضد كل افكار و مشاريع البعث المشؤوم وضد كل اختبار خارجي للنيل من المسيرة الديمقراطية في العراق . وبالرغم من اهمية تبلور هذه المواقف الصحيحة، الا اني ارى حدث أهم ، وهو كشف من كان يقف مع البعث ومع التدخل الخارجي في شؤؤن العراق في السر (سنشير لهم بالخط الثالث).

لقد توهم هؤلاء بان الوضع اصبح آمناً ليكشفوا عن موقفهم الحقيقي الذي تعودوا عليه في السابق و مثلهم انكشف من كان يتوقع طويلا تدخل الامريكان لصالح قوى البعث بحجة التعصب الطائفي والتدخل / الاحتلال / الايراني للعراق وهكذا . شعر كل هذا الجمع العجيب بامان هذه المرة و تخيلوا ان الوضع مقبل على فترة مشابهة لأيام الزعيم الوطني الراحل عبد الكريم قاسم ، اي فترة التحضير لانقلاب البعث في شباط المشؤوم . و في رأيي (المتواضع) تخيل كل هؤلاء ان التاريخ سيعيد نفسه، فما عليهم الا ان يعلنوا تضامنهم مع البعث و اصحابه ليضمنوا السبق السياسي و الموقف المتضامن مع البعث متمنين منافع لا حدود لها، ربما اكثر من كوبونات النفط هذه المرة، و بالاخص حينما تخيلوا ان الامريكان اصبحوا يقفون مع البعث رسميا و بكل قواهم وتذكروا كل الاشاعات التي كانت تدور في سماء السياسة في العراق وكذلك تصريحات بايدن و كلنتن و الجنرال ( العراقي الوطني ) بتريؤس و السفير هلل مع تواجد القوات الامريكية في قواعدها في العراق / بحدود مئة واربعين الف جندي . . و لم ينسوا الموقف ( الجماعي ) للدول العربية فركت لهاثهم للدولارات السعودية التي تصرف ببذخ وبالملايين كل يوم وأمام اعينهم ، اي تصوروا ان التفكير الحالم (
wishfull thinking) قد اصبح حقيقة . فتأكدوا ان كل هذه مؤشرات لا يمكن الا الاخذ بها، بل يجب الاستفادة منها حالا، وهذا تفكير من لم يهضموا واقع استتباب الخطوات الديمقراطية في العراق، وتخيلوا ان الشعب العراقي كثيراً ما ينسى و يخضع بسهولة للاقدار كما يقول السيد علاوي للسادة الامريكان دائما .

كان من ضمن هؤلاء في الخط الثالث من هم مؤازرون للبعث صراحة وهؤلاء متواجدون في الخارج بعيدين او قريبين من الحدود العراقية، كتاب او انصاف كتاب و محللون سياسيون كما يدعون، و متخصصون في الشؤون العراقية و مدّعو انصار منظمات حقوق الانسان زورا ، ويمكن جمع من هذه الالقاب ما ترغب. و خلال الاسبوع المنصرم (اسبوع عسل عرس الواوية) ازدادت وتكاثرت المقالات والتصريحات والرغبة او التسابق في التنبؤات كسبق تحليلي سياسي . ومن اهم هؤلاء واخطرهم على الشعب العراقي هو من كان يتبرقع في غطاء الوطنية والديمقراطية والعقلانية اليسارية، اي من كان يستفيد من كونه سياسي ديمقراطي معتدل . وكان هناك كذلك من هم من (الخط الرابع) اصحاب النيات الحسنة والقلوب الطيبة التي استفاد منهم البعثيون ايما فائدة . لم يكتشف هؤلاء الناس اهم عنصر في اخلاقية البعثيين (الخبث و التلون) ، فغرهم ان يتخذوا موقف الانسان المحايد، ومن هم شديدي العزيمة لحبهم للانسانية بالرغم من مرارة تجربتهم مع البعث.

ما يهمني هنا، هو موقف الخط الثالث لان هؤلاء كانوا يعملون من الداخل و بصفة وطنية و لهم مناصب مؤثرة في الدولة العراقية و ضمنوا مكانتهم بين المجتمع على انهم (وطنيون اقحاح) و ليس من السهل على هذا الشعب ان يخوّن او يشكك بالوطنيين في هذا الوقت وبمن أأتمنهم لسبع سنوات مضت. لانها لو حدثت لخلقت ردة و هزة نفسية في نفوس العراقيين لا نعرف عمقها ولا نعرف طرق شفائها. اي حين يفقد الشعب الثقة بكل السياسيين الوطنيين الذين ربط مصيره بايديهم. لانها ستخلق ما يدعى بسلسلة الانفعالات (
chain reaction) السالبة التي تأخذنا للانحدار السريع . لكن ومن حسن حظ هذا الشعب المظلوم ومنذ عقود، ان كشف هؤلاء قبل الوقت عما يضمرون، لطمعهم بالسبق الانتمائي للبعثيين حين يعودون هذه المرة بدبابات امريكية و معبئة بغازولين عراقي من داخل العراق . فكان هذا كتحذير للشعب العراقي مما هو آت .

حالتان متشنجتان ومتزامنتان تسيران على خطين متوازيين. حالة الامل المرتبك المؤقت الذي تحول بسرعة الى حالة احباط ويأس (الخط الاول)، وحالة الخوف والشك بخيانة الاصدقاء، الذي تحول بسرعة الى حالة التصدي والعزيمة ورفض القبول بالامر الواقع . و من حسنات طالع الشعب العراقي ايضا ان ماكنة (جهاز) التغيير الديمقراطي متوفرة و قريبة ، بعد شهر من الآن، وضمن الدستور العراقي ( الامل الأهم ) اي ان الانتخابات قريبة. وسيطرد الخطان، الاول و الثالث، ببصمة بنفسجية على ورقة الانتخابات.

سأكتب بتفاصيل اكثر عن ابطال الخط الثالث في كتابة لاحقة . انتظر قرار هيئة القضاة بتدقيق صحة اوعدم صحة اسماء المشمولين بقرار اجتثاث البعث/ لاحظ اصراري على استعمال التسمية الاصلية لهذه اللجنة ، لان هذه التسمية ستفرض نفسها من واقع المؤامرة البعثية، التي صرح و حذر منها السيد المالكي، و استسخف بها كثير من ابطال الخطان الاول و الثالث .

ملاحظة - سيكون الثامن من شباط ( 2010 ) لصالح الشعب العراقي هذه المرة . فلنحافظ على كريمنا الجديد. ولنتذكر شهدائنا الاحرار .

 


* مهندس معماري / لندن

 

free web counter