| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

الأحد 7/2/ 2010



لماذا ( يُرفض ) كل ما يقوله المالكي ؟

عبد الصاحب الناصر *

عن الفساد السياسي مثلا ولماذا لم تتفهم او تنتبه بعض القوى السياسية في العراق عندما حذر الرجل من الفساد السياسي و الاداري قبل سنة ؟ فوصفه باخطر من الارهاب
تعني كلمة ( فساد ) (
corruption) في القاموس الانكليزي ( Oxford dictionary on-line y )( corrupt ) و الشرح :

adjective
1. willing to act dishonestly in return for money or personal gain.
2. evil or morally depraved.
3. (of a text or computer data) made unreliable by errors or alterations.
4. archaic rotten or putrid.

verb
1. make corrupt.
2. archaic infect; contaminate.)

و يعبر عنها كذلك (bribe) الرشوة . وتؤدي كذلك الى- التعفن ( rotten ) او ( putrid ) الأسن وهو مرض اجتماعي يبتدأ بتصرف شخصي و تنتهي مضاعفاته لتشمل مضار عظيمة لكل المجتمع . و لا يعني الفساد بالضرورة ، فساد مادي فقط، بل يشمل فساد اخلاقي يؤدي الى تعفن العادات لتصبح كأفات اجتماعية تتفاعل بين اعضاء المجتمع لتخربه من الداخل و من الخارج .

و من مطالعاتي و خبرة سابقة ، يكون اخطر الفساد في الدول الشمولية او الدول احادية المركز او احادية التنفيذ . حين يأتي الفساد بضرر عظيم على ذلك البلد لا يتناسب و المنافع الشخصية التي استفاد منها شخصيا ذلك المرتشي ( لا يتسع الوقت لذكر امثلة هنا مع الاسف ) . ولكن يمكن الاستشهاد مثلا ، بقضية شراء اجهزة كشف المتفجرات ، لانها لو صح خبر عدم كفاءتها لكان الضرر بالمجتمع اعظم من الاستفادة المادية للمرتشين . و هذه من اسوء الآفات التي تواجه المجتمع النامي ، اي المجتمعات التي هي احوج للبناء و التأسيس .

كذلك المثال الحي الذي مازال يشل العملية الانتخابية في العراق اليوم . اي لو صح الخبر الذي يدّعي ( ؟ ) ان سياسيين امريكان قد اشاروا على هيئة القضاة باتخاذ هكذا قرار . ولو فرضنا من منطق حسن (النية ) ان هدف الامريكان هو لتمشية مسيرة الانتخابات و عدم ايقافها، وهدف القضاة المرتشين ( لو صح الخبر ) هي الفائدة المادية بدون ذنب . الا ان الضرر الذي ترتب عن هذا الفساد ادى الى اعظم تشويش و تخريب لأصل وفكرة الانتخابات الديمقراطية الحرة . تشويش وصل الى جوهر الارادة ان يكون للبلد دستور يلتزم به الكل .

من هنا يمكن القول ان من صفات القائد الاساسية ان يتمتع ببعد نظر و يقرأ الاحداث من لحضة شروق شمسها (اي عند الغسق ) فيحذر منه ( يحذر الساسة و الشعب معا ) و هذا ما لم يفهمه كثير من محبي و مريدي الحرية و الديمقراطية و لا يسمحون او يتقبلون بشرح الفرق بين القائد الواعي و بين القائد المتسلط . الذي كما ينتشر المصطلح المحبب اليوم ( الانفراد بالسلطة )

لم يفهم كثير من الناس فحوى تحذير السيد المالكي و لم يمنحوا انفسهم حق الاستفادة من الخبرة العملية التي مر بها الرجل من الداخل ، اي انه لم يستنبط هذا الانذار للتخويف او للاستفادة منه في الدعاية الانتخابية كما ادّعى كثير من الساسة و منهم من هم في منصب عالي و صاحب قرار في الدولة العراقية . سؤال ربما يستحق البحث ، هل جاء تخوفهم هذا من منبع حقيقي وطني يخاف من ولادة حقيقة للتسلط الشخصي ؟ ام جاء عن قصر نظر توافق مع الحسد الشخصي ؟ الوقت هو من سيجيب على هذا السؤال . كما يقول المثل الانكليزي (الوقت يشفي كل الجراح) .

تولدت الرشوة و بصورة بشعة في بداية الحرمان الذي شمل كل فئات الشعب العراقي ، حتى الاغنياء منهم ( حين يرشي الجندي المكلف ضابط وحدته بالمال من اجل اجازه مرضية او خروجية ليوم او يومين ) و توسعت حتى وصلت الى اعضاء في قيادة النظام ، بالاخص ايام الحرب العراقية الايرانية ، ان لا يرسل المجند عضو الفرقة للجبهه و يعطى مهمة ادارية و وصلت الرشوة الى قائد النظام ، حين استغل مال الشعب لاطماع سياسية لتحسين صورته في خارج العراق . كوبونات النفط .

تحتاج الشعوب النامية للقائد الوطني الواعي اكثر من حاجتها للخبز او الماء او اسباب المعيشة ( سيشتمني كثير من قصيرى النظر . ليكن ) ، صحيح ان احتياجات الانسان لاسباب المعيشة تبدو اهم على المستوى اليومي ، الا انها لا تخدم عملية البناء الشاملة ، المستقبل الجيد للكل ، حلم كل شعوب العالم . جاء السيد مخاتير محمد الى ماليزيا و حكم عشرون عاماً تقريبا ، اوصل ماليزيا الى مستوى عال من الترف و الصناعة و التقدم العلمي حتى اصبحت من دول ما يسمى ب (النمور الشرق – اسيوية) . لم تكن فترة حكمه خالية من المطبات و لم تكن الصحافة الغربية مغرمة به في البداية ، و لم يكن مساره خال من الاعتراضات الداخلية . صحيح ان الرجل حكم كما يقول الغربيون بيد حديدية ، الا انها كانت عادلة و تهدف كما اتضح لاحقا الى البناء السريع في وقت كان اقتصاد جنوب شرقي اسيا في سباق بين بعضهم البعض ومع الزمن ، سباق بين كوريا الجنوبية و تايوان وتايلند و الهند و الصين الخ. اذا كان الرجل ذو نظرة ثاقبة و ذو حس واعي باستغلال الفرص المناسبة وبهمة عالية . تحتاج الشعوب مهما كان نظامها ، ديمقراطيا او اشتراكيا ، تحتاج الى القائد . وهذه سنة الحياة حتى عند اصغر المجتمعات و ابعدها عن المدينة او عن الدكتاتورية ، مثل قبائل الامازون . حيث تدل الدراسات على ان نظامهم من اكمل الانظمة الاجتماعية عدلا و تآخيا و اجتماعيا وتقسيم عادل للموارد ، و يختار الرجل المسن ليحكم كرئيس للقبيلة لاسباب واقعية وعملية ، كونه اكبر سناً ( الخبرة ) و كونه صاحب القرار لتنفيذ احكامه بين المتخاصمين ( العدل ) و لكونه اشجعهم ( هو من يؤمن صيد الحيوانات - المعيشة ) ،،، الخ.

السؤال غير المنحاز - ما هي الصفات التي نتوخاها بالقائد في العراق ( بعد الاخذ بنظر الاعتبار حالة الشعب العراقي المعاشية اليوم ) و بدون مثاليات ؟ صاحب قرار - ان يكون ذو بعد نظر - ان يكون عادلا بين الناس - ان يكون شديدا مع المرتشين و عطوفا من المعتازين - ان يكون مستمع جيد لعقلاء المجتمع للاستفادة من خبرتهم - ان لا يكون جبارا متعسف ظالم .

اذا لنحكّم عقولنا قبل ان نحكم عواطفتنا ، او شهواتنا ، او اطماعنا الشخصية . و الاهم من كل ذلك ان نتفاعل مع الحدث / الحاجة /اليوم / و لنصوت لهذا الانسان الذي تتوفر به تلك الصفات .

 


* مهندس معماري / لندن

 

free web counter