| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

الخميس 4/3/ 2010

 

التجار الجدد - تجار و مرتزقة حملة الانتخابات و مموليها

عبد الصاحب الناصر *

كلما اقترب موعد الانتخابات كلما كبرت الاستفادة من تجارة الحملات الانتخابية ، ليس هذا حصرا على ما يحصل في العراق ، بل يحصل في كثير من البلدان التي تسير في طريق الديمقراطية مسارها الاول . ومعها تزداد تجارة الدعايات الانتخابية و تجارها ابتداء من كتاب المقالات الى اصحاب الصحف و المطابع و منتجي البوسترات و البلبوردات الخ. يقع في الفخ كثير من قياديي بعض القوائم او الائتلافات دون ان يشعروا بذلك .
في بلد مثل العراق حيث امكانية الشعب المادية ادني من امكانية اي شعب اخر و بالاخص حين تعلم الشعب العراقي ان يعيش حالة التقشف القصوى منذ ايام المقاطعة و ظلم الدكتاتور ، كنا نتعرف عن ذلك من ملاقاتنا للعراقيين الزائرين الى خارج العراق لاي سبب ما . لا اتكلم هنا عن المستفيدين من النظام انذاك . بل عن عامة الشعب و بالاخص من حالفهم الحظ و سنحت لهم الفرصة بالسفر الى الخارج . واذا قارنا هؤلاء بالناس المعدمين حقا وهم الطبقة الاوسع و الاكثر عوزاً نعرف ان العراقيين قد تعلموا الاقتصاد المنزلي وربما الاقتصاد في كل مشترياتهم . و هؤلاء يشاهدون اليوم كل هذا البذخ المفاجىء يصرف بدون ( وجع القلب ) كما يقول العراقيون ، يتعجب هذا الشعب ويتساءل عن مصدر تلك الاموال الطائلة التي تصرف على الحملات الانتخابية و بعض منها يوزع كهدايا للناس للتأثير عليهم للتصويت لصالح هذه القائمة او تلك .
هنا تقع الاخطاء الكبرى ، التي لا يشعر بها من تعود على المال والصرف و البذخ اي الذين لا يعرفون الحرمان، هنا يفكر العراقي من عاش الحرمان القاسي منذ اربعين عاما و بالاخص الطبقة التي من المفروض ان تكون طبقة متوسطة ( غير الانتهازين ) خدام النظام السابق ، نتكلم عن الطبقة التي تعتاش على راتب الاب المعلم او الموضف الوسط الذي يعمل كسائق تاكسي في المساء كي يعيل عائلته من الفقر المدقع او حين تذهب الام الى السرق لتبيع السكائر الفل ،او حين يترك الابن الاكبر المدرسة ليعمل كعامل بسيط في اي مهنة ، ينظر هؤلاء بعين متفحصة عليمة مخبرة باهمية المادة في الحياة فيرون كل هذا البذخ و الصرف الذي لا يبرر و شراء الذمم و الاصوات وهم في حيرة عن مصادر تلك الاموال و بهذه الغزارة . من اين تأتى كل تلك الاموال وهم ادرى من غيرهم بصعوبة الحصول عليها .بل صعوبة الحصول على دولار واحد يوم كان راتب الطبيب او المهندس لا يتجاوز العشرة دولارات في الشهر . لن تمر تلك التبرعات و الهدايا و البذخ دون ان تترك الاثر الاليم في نفوس العراقيين الذين صبروا كل تلك السنيين يتطلعون ليوم عادل يوزن به الحق في ميزان الذهب .
لا يوجد غير استنتاج واحد وهو الاكثر شيوعا ، ان اصحاب تلك الاموال الذين يبذخونها وبهذه الصورة البشعة لا يمكن ان يؤتمنوا على مال الناس ان استلموا الحكم . يأتي هذا الاستنتاج من طريق تفكير العراقيين الذين عانوا العوز و عرفوا قيمة المال او المادة و تعلموا ضرورة الاقتصاد قي كل شيء . انهم يرون كل هذا البذخ و الاستخفاف بقيمتهم و بكرامتهم التي رفضوا التنازل عنها للطاغية عندما رفضوا بيع ضمائرهم بغض النظر من عازتهم . انهم ينظرون الى هؤلاء تجار السياسة الجدد على انهم ابشع استغلالا من الطاغية و على انهم اسخف من جلاوزة نظام صدام حين يستغل هؤلاء المال لشراء ضمائرهم في زمن جديد كانوا ينتظرونه من قبل اربعين عاما .
سترتد اموالهم و تبرعاتهم و هداياهم وكل الاغراء ضدهم ، لانه و من طبيعة الانسان العفيف الذي قاوم العازة و الجوع و الحرمان لعدة عقود من الزمن ، ولان من طبيعة هؤلاء الناس ان لا يبيعوا انفسهم او بعض من ضمائرهم بدولارات معدودة ، كما قال ابى الحسن ع (( لن ابيع كلي ببعضي )) انها اجمل صفات في حياة الانسان الشريف لانها صفات الكرامة التي ستقف امام هؤلاء تجار الضمير و تجار السياسة و لانهم اغبي من ان يغشوا الشعب بهذه الصورة البشعة . سيصوت العراقيين عن قناعة تنبع من عفة انفسهم التي لم يبعوها مع كل ذلك العوز و الفقر و الحرمان . يستسخف هذا الشعب بهؤلاء و باموالهم و يستخف باستخفافهم به و سيصوت لمن يراه صادقا معهم و لمن يقتصد في المال كما كانوا يقتصدون واقتصدوا كل ذلك الوقت . لقد فقد هؤلاء حاسة مهمة في حياة الانسان وهي حاسة احترام فقر وعازة الغير لانها تمس كرامته و تستخف بضميره و لانها لا تحمل مثقال من الاحترام لعفته .(( مامش بمامش و ياهل مامش يميزان الذهب ))
انها حالة يفقد فيها المتعطش للسلطة الحس الوطني و يفقد فيها حاسة قياس المسافة بينه و بين هذا الشعب و يفقد بالتالي اي تجاوب او تعاطف مع هذا الشعب الذي يمس كرامته ليشتريها بدولارات معددوة . انها حالة اليأس الذي تولدت عندهم بعد ان صعدوا و في غفلة من التاريخ صعدوا الى مناصب ليست لهم و لم تكن ضمن امكانياتهم و لا حتى ضمن احلامهم حين حصلوا عليها عن طرق مكنها لهم المحتل و بلدان الجوار الحاقد على العراق و مكنها لهم ملوك التجارة الفاسدة بضمائر الناس ،
يفكر هذا الشعب عندما يرى كل هذه الاموال وعن مصدرها و الاسباب التي تبذخ لاجلها و عن اسباب الذين جاءت بها . لماذا كل هذا التعطش للكرسي و السلطة ؟ و نسى تجار الضمائر ان هذا الانسان المحروم و لانه لم يتاجر بضميره ، انه احرص على ضميره و عفة نفسه من ان يبيعها بثمن بخس وبهذه البساطة .
ستفرز نتائج الانتخابات و ستأتي النتنائج لتؤكد ان من اصعب المعاملات التجارية هي المتاجرة بضمائر الناس .
 


* مهندس معماري / لندن

 

free web counter