كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

السبت 30/1/ 2010

الكسوف المزمن في بغداد عبد الصاحب الناصر * الكسوف بالمعنى المبسط العامي هو عندما يمر القمر بيننا و بين الشمس فيحجب عنا الشمس او جزءاً منها ، اي جزء من شعاع الشمس . و يعتمد هذا الحدث على حركة المجموعة الشمسة مع بعضها . الا اننا نملك كسوفاً دائمياً في العراق و خصوصاً في الفترة الاخيرة ، واقصد هنا حجب الحقيقة كلها او بعضها عن الناس وباستمرار و من قبل اكثرية الاحزاب و التكتلات و التجمعات . و الادهى من ذلك حين تخرج و كأنها انجازات للشعب على شكل اغراءات انتخابية . يقول المثل اليهودي البغدادي القديم ( قربان ثمو للباشا ، قلي قواد ) وما معناه ، انه حتى وان لم تستفد من وعود الساسة لكن على الانسان ان يعتبرها حسنة ، بالتقرب . اصبح هذا الحدث واضحاً في الفترة الاخيرة متزامناً مع الكسوف الجزئي للشمس . لكن كسوف الشمس لحسن الحظ لم يستمر طويلاً بعكس الكسوف المزمن عن الحقيقة في العراق . و يختلف الحدثان عندنا في نقطة جوهرية عظيمة الاهمية . حيث ان كسوف الشمس يمكن حساب زمنه و مداره و الفترات الزمنية بين كسوف و اخر ويمكن حسابها منذ الان ، اما كسوف الحقيقة في العراق فلا يمكن توقعها او حسابها او حتى تخيلها لذا يختلف جوهرياً عن الاول وفي عدة نقاط . اولاً انه كسوف مزمن ، اي اننا نرى انصاف الحقائق باستمرار ، ثانياً واكثر من ذلك اننا نرى اطياف هذا الكسوف حيث ان ما يقال لنا ليس اكثر من عناوين عامة لا معنى لها اذا لم تكن تحمل في طياتها جزء من الحقيقة على الاقل . ثالثاً و اهم اختلاف اننا لا نتمكن من تصديقه لانها مجرد وعود سرعان ما تنسى . مثلاً اخر ، تتكرر التصريحات المتناقضة ومن كل المصادر الثابتة عن زيارات مستمرة الى الاقليم و الى الشرق والى الغرب و عناوين عريضة تعلن عن انبثاق جبهات وطنية . ولن يمضي وقت ليجف به حبر كتابة هذا الخبر الا ان نراه قد تلاشى و تناسى و اصبح خسوف خيالي . لاننا لم نسمع عن اهداف و مبادئ و شعارات تلك الجبهات ومن سيتحالف مع من ، يقولون ، انها ستشمل كل القوى الوطنية ، كيف نفسر منطقهم هذا ، من هي تلك القوى الوطنية ؟ هل ستشمل مثلا قائمة اتحاد الشعب ؟ ام انهم سيصنفون هذه القائمة الشريفة خارج فهمهم للقوى الوطنية و هل ستشمل جبهتهم كذلك قائمة دولة القانون ؟ الكل يتكلم اليوم عن الوطنية حتى ظافر العاني . هل يعني هذا انها ستشمل العاني و زميله المطلك ؟؟ ام انهم يتباحثون حول تقاسم المناصب كالمحاصصة ولكن باسم الجبهة الوطنية . في وقت يشتم الكل هذه المحاصصة و يلعنها جهراً و غير ما يضمر . كذلك لا نفهم كيف ستتكون الجبهة الوطنية وما هي المبادئ التي ستتكون على اساسها ، ام انها من انتاج السيد عبد المهدي التي البسها شعار الجبهة الوطنية لانها لا تشمل كل القوى الوطنية التي ناضلت منذ ما قبل ان يهتم عادل عبد المهدي بالمسائل الوطنية . اننا تعلمنا ان نفهم من مصطلح الجبهة الوطنية ان تتحد كل القوى الخيرة من اجل هدف وطني شامل . حسناً . ما هو اذاً هذا الهدف ؟؟؟ جيد، سننتظر هذا الجواب بعد ان يفرغوا من تشكيل تلك الجبهة ، الا اننا نرى بوادر ( عدم الاتفاق فيما بينهم ) عندما يتناسون الجبهة و تعود نفس تلك النجوم الجبهوية فتختلف فيما بينها وفي نفس اليوم وداخل المجلس الوطني ( مقر الجبهة في المستقبل ) ، يختلف قيادي لتلك الجبهة ، تختلف على تمرير هذا او ذاك القانون حسب مصالح و اهواء الاعضاء المؤسسين لتلك الجبهة . اصبح السيد الحكيم ، الشاب الذي يقضى اكثر وقتة في السفرات و التنقلات و المقابلات ك (Jet set) بدون ان يتشاور مع اعضاء تلك الجبهة المقترحة عن اهداف تلك الزيارات ام انه مبعوثهم للتفاوض مع الاسد و الحريري و الملك عبد الله لاقناعهم بالدخول ضمن تلك الجبهة . وهل كان من اهداف تلك الجبهة الخرق الدستوري الواضح ( على اساس ان التجربة اكبر برهان ) حين اضيف في اللحظة الاخيرة و بدون اجراء قراءتان اوليتان كما يتطلب اي مقترح لقانون حسب الدستور العراقي ، فاضيف في اخر دقيقة و للتصويت رأسا و بدون مناقشته بين اعضاء مجلس النواب كما عودونا حين اوقفوا تعيين او تثبيت (١١٥٠٠٠) فرصة وظيفة اي عطلوا آمال و تطلعات اكثر من ( ٥٧٥٠٠٠) انسان عراقي كانوا ينتظرون و بفارغ الصبر و منذ تقديم مقترح الموازنة وهم في حاجة ماسة للحصول على فرصة عمل ، هل هذا احد مبادئ تلك الجبهة ؟ ويعود الكسوف هنا من جديد بتعليل الشيخ همام حمودي (رجل الدين المحترم) فيزيد من حجب شعاع الحقيقة بصلافة لا نظير لها حين يعلل ذلك بانه اجراء مؤقت ولمدة عشرون - ثلاثون يوماً فقط . في وقت اشترطوا على هذا الاجراء المجحف بحق ابناء العراق ، حين ربطوه بتًسيس مجلس الخدمة الاتحادي ، اي انه يجب اولاً تأسيس مجلس الخدمة ، بعد تشكيل لجنة الخدمة من اعضاء مجلس النواب غير المنتخبين حالياً وستدرس هذه اللجنة بعدما تتقدم الحكومة القادمة غير المنتخبة والمشكلة حالياً ، تتقدم بمشروع قانون بتشكيل مجلس الخدمة الاتحادي ليصادق عليه مجلس النواب القادم غير المشكل حالياً وذلك بعد ان يتكون المجلس و يحلف الأعضاء بالقسم الدستوري ، وليجتمع مجلس النواب يجب ان تمر الانتخابات و تشكل الحكومة الجديدة و بعدها ان تتشكل اللجان في مجلس النواب ، لجنة العمل البرلمانية مثلا ، وان يناقش مشروع القانون لقراءتان ثم يصادق او لا يصادق عليه بعد التنقيح او الاضافات او الحذف ، طبعا هذا بعد ان يجري توزيع المناصب حسب المحاصصة المذمومة و من ثم يشكل مجلس العمل الاتحادي ، مجلس الخدمة و يصادق عليه رئيس الجمهورية غير المنتخب حالياً ، ثم تقدم كل وزارة احتياجاتها لملئ الوظائف الشاغرة عندها وذلك بعد تنصيب الوزراء غير المنتخبون و غير المستأزرون حالياً و يعلن هذا المجلس في الصحف المحلية و يحدد مدة لتقديم الاستمارات عن تلك الشواغر المتوفرة بعدها يقوم المرشحون لتلك الوظائف باعادة تصديق شهاداتهم لتمر على هيئة المساءلة و العدالة ، غير المشكلة حالياً و من ثم يتم اختيار الموظفين لاشغال تلك الشواغر و بعدها يصادق على تعيينهم . يعني (موت يا،،،، الى ان ياتيك الفرج ) هل تعرفون اني صرفت وقت في كتابة هذه الجملة هو اطول من وقت الكسوف الذي مر على بغداد الاسبوع الماضي . علماً ان من لم يصادق على تمرير قانون التعيين هم السادة الائتلاف الوطني العراقي و الائتلاف الكردستاني . اي ان تعاسة ١١٥٠٠٠ انسان عراقي يعيّشون ٥٧٥٠٠٠ انسان عراقي في ذمة السادة المذكورين و هم من العناصر الاساسية في مقترح تشكيل تلك الجبهة . السؤال . هل هذه العملية هي من صلب اهداف تلك الجبهة ؟ (اذاً اقبضوا فلوسكم من دبش ) سينتخبكم كل الشعب العراقي و سيكلف كل من عبد المهدي او بيان جبر او الجعفري او همام حمودي او الجلبي لتولي منصب رئيس وزراء العراق القادم ضمن الجبهة الوطنية ( الشاملة ) . هنا ينتابني شعور حزين و مزمن ، ان في اخفاء الحقيقة عن الشعب العراقي تشابه بالكسوف ، الا انه مزمن عندنا .   * مهندس معماري / لندن