| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

الأحد 29/8/ 2010

 

محنة العراق و تبعات المثلث الصعب

عبد الصاحب الناصر

 لم يعد الوقت يسمح بالنقد و الكتابة غير المباشرة عن الوضع المزري الذي يخيم على أهل العراق منذ انتهاء الانتخابات الأخيرة . ولا تكفي و لن تنفع ألأشاره للكريم ليكتفي بها . لا تجوز كذلك الإشارة عن تلك الأخطاء عن بعد و المسببات الحقيقة التي تقف عائق أمام الحلول مهما كثرت ، لان العقدة اعقد من مجال تخيلنا و كان علينا أن ننتبه لها منذ مدة كي نعرف باننا نقف أمام ماذا و أمام من و الأهم لماذا يحصل كل ما يحصل . ولا ينفع حتى اللف و الدوران بعد اليوم أو الاختفاء و راء أخلاق مازلنا نلتزم بها تأدبا و روح يملأها التسامح لان تلك الأطنان من العفة لا تسمح لنظريات و بروتوكولات السياسة بعد هذه المعاناة التي يتحملها هذا الشعب بكل أشكالها و تشعباتها حيث فاقت كل مجالات التحمل و التسامح وحتى الخيال وبات الأمل أبعد من ما نتصور فقد تعدى الوضع الشائك حدود الآداب المتعارف عليها و بات ينخر في عمق كيان الناس و صبرهم ويهز هيكل قوة تحملهم . حتى نافذة الأمل الوحيدة التي بقت للعراقيين ليتطلعون من خلالها لغد مشرق أو لأي بصيص أمل بتحسن الأوضاع . انه المثلث الصعب الذي كان أول من شيد أركانه ( الركن الأول ) هو الطاغية صدام حين أشاع بين الناس الرشوة والسرقة و النفاق و الاتجار بمصائب الناس و كان الركن الثاني الذي أسسه السيد بريمر ( الركن الثاني ) حين فتح الأبواب على مصراعيها للتجارة غير الشريفة و استغلال الأوضاع من قبل أصحاب المصالح الشخصية و ركز أركان الطائفية و شاع بين الناس مبداً الأبواب المفتوحة على مصراعيها . و جاء السيد المالكي فأسس مبادئ مغايرة تتناقض عن ما أسسه من جاء من قبله . أي صدام و بريمر . هنا تفاعل الوقت مع تلك الأركان بتسارع مخيف فثبت أسس قوية للأركان السابقة و اصبح من الصعب السيطرة على مساحات نفوذها و باتت تنخر في ضمير الشعب و تفكك الهيكل الاجتماعي الذي سار عليه الشعب العراقي منذ أمد طويل فاصبح هذا السرطان الخبيث داء يصعب علاجه بسهوله و يحتاج إلى معالجات جدية لتصحيح ما قد تهدم من الهيكل الاجتماعي العراقي ثم جاء رجل من عامة الناس يؤمن بهذا الشعب ويحس بما يحس به الفقراء و كل الشعب العراقي و أراد ألإصلاح من الداخل قبل الخارج ، لكن ألإصلاح يجب أن يبتدأ بالمفسدين و نحن نعرف أن أكثريه الشعب العراقي ليسوا بمفسدين ولو انهم متأثرين بالمحيط العام الذي أسسه الطاغية إلا أن هذا الشعب يتطلع كما يتطلع هذا الذي أتى من بينهم واصبح احدهم رمز للأخر أنه الضلع الثالث لهذا المثلث وهو السيد المالكي ولكن على النقيض من أهدافهم. لكون السيد المالكي له أخلاق غير التي تطبع بها كثير من السياسيين العراقيين فخلقت له و لهذا الشعب مشكلة يصعب حلها و تتضخم طرديا مع التجاوزات و السرقات وأي تطلع لأعاده الحق إلى أهله الأصليين . أي كلما كان المالكي يتشدد في معالجة المشكلة كلما يصعب حلها . واقصد هنا مشكلة تكوين الحكومة العراقية . يخطأ من يتصور أن عداء الفرقاء السياسيين للمالكي شخصية الطابع ، وذلك أذا جردنا السيد المالكي من تطلعاته وتعاملنا معه كأي سياسي عراقي فأننا سنجد أن اعتراضاتهم بنيت من تخوفهم من الأتي و ليس من المالكي المجرد ، أي من ما يحمله المالكي من أفكار هو قادر على تطبيقها كما اثبت الرجل سابقا ، أي تخوفهم من المستقبل الذي سيكون فيه السيد المالكي رئيس وزراء العراق وهو يحمل معه تلك التطلعات وبالأخص إذا نظرنا ألى تصرفاته خلال السنوات الثلاث الماضية . إن حزمه وجديته و عدم طائفيته مع عدم تسامحه مع المخطئين و الأخطاء على السواء هو ما يخيفهم . لماذا كل هذا أذاً ؟ . لنعود إلى الضلع الثاني من المثلث أي الوقت الذي حكم به بريمر ، لقد تجاوز كثير من الناس على المال العام و واغتنوا بطرق غير شرعية و تجاوزوا كل الحدود التي قد تسمح بتلك السرقات بنسبة عوّدهم عليها مؤسس الضلع الأول / الطاغية / واصبح هذا الأمر مكشوف للناس التي لها نفس التطلع كما للمالكي . هنا بني جدار من الممانعة لا يقبل بأي تغيير للأوضاع التي بنيت على الضلعين الأولين و لا يمكنهم من الاطمئنان إلى الضلع الثالث ، أي لا يمكن الاستقرار على طرفي مثلث فقط . لذلك نرى الخوف كل الخوف من تسنم المالكي لمنصب رئيس الوزراء وهو يحمل معه هذا التطلع و يسانده أكثرية الشعب العراقي . و لكون إن السيد المالكي لا يساوم و لا يجامل و لا يتسامح و ربما لا يغض النظر . لذا تعقدت الأمور اكثر في تشكيل الحكومة العراقية و بالأخص عندما يتخوف المتشددون منه من مفاتحة الرجل و لا حتى بالإشارة عن (( ماذا يتخوفون منه )). هنا انشأ جدار في تصاعد كحاجز كبير بين القبول بالمالكي و بين التخوف من الأتي . أي الخوف من أنه ستفضح كل الأمور و من أن يهد هذا الجدار عن بكرة أبيه و تهد معه كل القلاع و الصوامع التي بنوها على حساب هذا الشعب و من قوته . الكل يعرف أن العراق قادم على مرحلة بناء عظيمة سينتفع كل العراقيين منها حتى رجال الأعمال و السياسيين و كل الناس ، ويعترف كل رجال الأعمال في العالم بهذه المستقبل . لذا نجد أن من يقف أمام هذا المستقبل هم من أسسوا الابنية الشامخة بغير حق ومن صنعوا ممالك وامبراطوريات مالية عظيمة ستنهد حتما أذا بقى المالكي أو من هم على نهجه في زمام الحكم . لأنهم سيفقدون كل ما بنوه في الماضي و سيفقدون مجالات الانتفاع من البناء في المستقبل كذلك لكونهم ( سيحاكمون أمام القانون خلال فترة البناء هذه ) أذأ فالخسارة ستكون مضاعفة و واسعة النطاق والتفاعل وفقدان لاكبر فرصة للأغتناء السريع لاحظ عدم الاهتمام بأكبر الأحداث التي يمر بها العراق مثل خروج القوات المقاتلة الأمريكية من العراق هذا الشهر و عدم الاهتمام بالقوات العراقية المقاتلة التي حلت و ستحل محلها و لا يعترفون حتى بقدرتها ، لقد تحسن أداء القوات المقاتلة العراقية بشكل كبير بالرغم من بعض الهفوات او الاختراقات الموجهة . وهذا ما أشار إليه حتى الرئيس الأمريكي اوباما ، استمعت إلى خطابه الشهري من ألإذاعات عن اعتزازه بالقوات العائدة من العراق وعودتهم بعد التحسن لاداء القوات العراقية التي استلمت الامن في العراق . و أهتمامه بالقوات العائدة و بعوائلهم حتى بأوضاعهم الصحية و مستقبلهم هم و عوائلهم وكيف يعدهم الرجل بالوظائف و يطلب من أصحاب الشركات باستخدامهم و يعدهم بناء مستشفيات خاصة و متطورة لعلاجهم حتى لعلاج الأمراض النفسية المحتملة بعد حرب العراق . وأما من طرف سياسيينا فيموت أفراد قواتنا الوطنية بالعشرات و يذبحون كالنعاج و يتفرج سياسيونا عليهم و كأن الأمر لا يعنيهم بل هم بالعكس يلومون رجال الشرطة و الجيش بحجة الاختراقات و سوء أداء القيادات و الحكومة الوطنية على السواء وكأن كل تلك القوات هم أعداء الشعب و هم أركان مصيبة العراق و يصبون كل غضبهم على كل الناس ألا على انفسهم . هل هذا ما وصل أليه شعور السياسيين العراقيين من حس وطني وهذا ما قد وصل أليه شعور كتابنا ومفكرينا و عقلائنا أصحاب الهمم النرجسية ؟ هل اصبح دم العراقيين اكثر ما يحلو الكتابة عنه و أوسع تجارة واربح . من سيستفاد من ما تكتبون و لمن تكتبون ، تلومونهم كما يٌلام من يُدهس وهو يعبر الطريق عند الضوء ألأخضر بحجة انه كان اقل حذرا ، هل هو استئناس بحرق العراقيين وضحاياهم أحياء وبالجملة . هل دم العراقيين قابل للتحليلات النقدية فلا وخزة ضمير و لاهم يحزنون ؟ لله دركم يا مساكين يا أهل العراق تحولت كل مصائبكم مصدر رزق و انتعاش ودروب للسياسيين و للمناصب و ورواتبها العالية .

كلام أخير : لن تحل مشكلة العراق إلا عندما ينزل السياسيون عن بغالهم ويضعوا مستقبل هذا الشعب في ضمائرهم وأمام أعينهم ويكفون عن السرقة واستغلال المال العام بغير حق هم وعوائلهم وأصحابهم ومرافقيهم وطاقم طائراتهم الخاصة و تهديم جدران الكونكريت التي بنوها حول الأملاك التي تجاوزوا عليهم و امتلكوها قصرا من المال العام . وألا فان الشعب سيحاسبهم عاجلا أم أجلا .

 

* مهندس معماري / لندن

 

free web counter