| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

الأربعاء 27/1/ 2010

 

من وضع المطبات امام الحكيم مباشرة بعد تنصيبه كقائد ؟

عبد الصاحب الناصر *

في مقابلة مع العراقية و قبل سنة تقريبا و قبل وفاة الحكيم الاب . صرح السيد عمار ، بانه غير مهتم بالسياسة او المنصب ، وانه كان مضطرا لتولى المنصب نيابة (عندما اناب عن ابيه ) بعد مرض والده المرحوم عبد العزيز ، كما اكد بانه سيعود الى ادارة مؤسسة شهيد المحراب و تنميتها بعد تحسن صحة والده . فتوخينا نضوجا جيدا للرجل في حينها و تتبعنا اخباره و عن سفراته الكثيرة و تصريحاته عن التعايش السلمي و تقارب الاديان و عندما صلى في احدى الكتدرائيات القديمة في مدينة براغ توخينا نبعا خيرا .

فماذا حدث لهذا التفكير الحر بعد تنصيبه ( كرئيس للمجلس الاسلامي ) ؟ حتما لم يرضي توليه هذا المنصب كثير من القادة القدماء في المجلس ولا القادة في الائتلاف الوطني الموحد الذي اعلن عنه بعد وفاة الاب مباشرة . الا انهم قبلوا به عن غضاضة مرحلية تطورت وبسرعة كتسارع الاحداث في العراق ، ثم تطورت الى خطة اشبه بتوريطه و وضعه في المكان الاول كحربة يحاربون بها اضدادهم من الاحزاب او الائتلافات الاخرى و جعلوه او هيأوا له محور لم يكن الرجل مهيئً له . هذا لا يعني ان الرجل لم يكن فرحا بهذا الدور المغري . فكانت السفرات و اللقاءات الكثيرة المزدحمة التي غيبوه فيها وفي وقت قصير جدا ، الا ان هذه اللقاءات الكثير منها يتطلب جهدا غير عادي و تتطلب حنكة سياسية و دراية واسعة بالعلاقات الدولية و بالاخص العربية التي لم يكن الرجل مهيئً لها و بهذه السرعة . لقاءات كثير منها ما يبعد كثيراً عن محور الصراع الاني و الاهم في العراق في هذه الايام . فجاءت تصريحاته متضاربة في بعض الاحيان ومتناقضة مرة اخرى و لا تمس بعضها الواقع العراقي . لم يكن كما قلنا اختياره لهذا المنصب خال من عدم الرضى من قبل كثير من قيادي المجلس ، نذكر منهم على سبيل المثال الدكتور عادل عبد المهدي و الشيخ همام حمدي و الشيخ جلال الدين الصغير او العامري او الزبيدي و غيرهم . هذه حالة اقل ما يقال عنها انها تسقيط او توريط مستعجل لشاب سياسي قبل اوانه مررت عليه و لم ينتبه الرجل الى هذا الفخ . لقد جعلوا منه محارباً في الصفوف الامامية لاعداء وهميين ، هم في الواقع اقرب الى تفكيره كما لاحضناه من سفراته و لقاءاته و تصريحاته في اوربا قبل الاخيرة ، اي ان الرجل قد حشر في حروب مع الاصدقاء قبل موعدها و قبل موعد بلوغه الحس السياسي المتكامل كقيادي . بالاخص عندما سيعرف لاحقا ان التنافرات السياسية في العراق شديدة التعقيد و لا يمكن تخطيها بهذه السرعة كمن يختصر الزمن بلا مبالاة لتعقيداته . و من منطق نظرية المؤامرة سيئة الصيت . انه هناك من احاك لهذا الرجل مؤامرة صغيرة لتهديم الاسس التي كانت تستند على روى صحيحة لهذا الرجل قبل توليه هذا المنصب . اي ان الضرر قد اصاب ليس اتجاهات المجلس السياسية فقط بل اصاب مستقبل هذا الشاب قبل اوانه .

مثلا ، العداء الذي يضمره السيد عبد المهدي للسيد المالكي الناتج عن حسد تولى المنصب ( فقط ) لا يمس السيد عمار لا من قريب ولا من بعيد ، و ليس هناك تنافر عقائدي بين المالكي او الحكيم . في تأبينه للسيد عبد العزيز قال السيد المالكي ، ما معناه ، انه حزين لفقدانه لرفيق الدرب ، وهذه كلمة تنبع من الصميم لا يقولها رجل الا اذا كان يحس بفقدان صديق عزيز ، فلماذا اجبر السيد عمار على ان يتخذ موقف ( تنافسي او عدائي ) لا ينبع عن اي تنافس سياسي لا في الماضي و لا في المستقبل . و بالاخص حين يتطلب وضع العراق السياسي ان يتفق كل المتقاربون في الاتجاهات مع بعضهم لتشكيل وحدة يكون بامكانها تشكيل الجبهه العراقية الوطنية لتتحدى الارهاب و الفساد و المحسوبية ، لا من منطق الانفراد بالسلطة و لا من موقف المحاصصة او التوافقية التي اصبحت مرفوضة لدى كل العراق ، و لكن من اجل تكوين جبهة لقيادة البلد الى الامام مع كل القوى الخيرة في هذا البلد . حيث يتوقع من النتائج الانتخابية انه ليس بمقدور كتلة واحدة ان تكوّن الحكومة العراقية لوحدها ، حتى لو تمكنت فانها سوف لن تنفرد بالسلطة . لان وضع العراق مازال يتطلب تجمع قوى الخير لتشكيل حكومة وطنية حقه لا على اساس المحاصصة بل على اساس تجميع القوى المؤمنة بمستقبل عراق متأخي حر قوي تخدم العراق من ضمن اختصاصها تكنوقراطيتها و خبراتها و من ادراكها لواقع حاجة العراق .

اننا نعتقد ان تصريحات السيد عمار الاخيرة عن حزب البعث البغيض بالاخص قد دسّت بذكاء في مفردات هذا الشاب قبل حينها لهدفان متزامنان ، احراجه في مواقفه السياسية التي لا يتقبلها الشعب العراقي اليوم ، و لمعاندة المالكي في موقفه من البعث . هذا التصريح لن يجلب للسيد عمار اي اضافة سياسية بل العكس ، لان ازلام البعث بعيدون و غير معنيون اصلا بالعملية السياسية في العراق او بالائتلاف مع المجلس اساسا . الا انها قد حسبت عليه اليوم وستبقي تلح في مستقبله السياسي بالاخص في رؤوس اتباع المجلس من المتضررين من حزب البعث ، ايتام المقابر الجماعية . اي انها قد شوشت تفكير اتباعهم ان لم تكن قد ابعدتهم بعض البعد عن المجلس .

ربما لا نكون غير منصفين ان نقول ان مهندس هذه السياسة او الاتجاه هو السيد عبد المهدي لانه مازال الخاسر الاكبر في كلتا الحالتين ، عدم قيادتة للمجلس الاعلى و قلة امله او حظه في تنصيبه كرئيس لمجلس وزراء العراق في الحكومة الجديدة . اما اذا كان السيد الحكيم قد بدل من تفكيره فهو يتطلع لمنصب رئيس الوزراء ، و لا نعتقد ذلك ، اذ هذا صعود مفاجىء في تفكيره السياسي ليس مبني على اسس واقعية ، و لا يمكن اخذ المثال اللبناني هنا مأخذ الجد ، لان وضع العراق يختلف عن اي بلد احر ، ولان للعراق اليوم خصوصية لا تتشابه مع اي شعب اخر في المنطقة . كما وانه لا يجب ان يترك العراق في هذا الوقت لينشغل في سفرات و لقاءات ثانوية في كل الحالات لقد إحُشر السيد عمار في وضع لا يحسد عليه و ليس من مصلحة الرجل و جاء قبل اوانه بكثير .

انهم اشغلوه في سفرات كثيرة لابعاده عن الساحة العراقية في وقت اكثر ما يحتاجه القائد الجديد ان يؤسس ليتركز في الداخل اولا . و اشغلوه في تصريحات غريبة كموقفه لمن يقود تجمع بهذا الحجم ، تنافره و اختلفت تصريحاته عن البعث مع ثاني اكبر مكون في الائتلاف الوطني ، المكون الصدري ، فجاء جواب السيد مقتدى اذكى من موقف الحكيم من ناحية تجمع القوى مع اي قائد ، وادخلوه في متاهات السياسة بين تجمعات الائتلاف نفسه ، اي مع مجموعة الفضيلة و الصدريين و غيرهم ممن لهم موقف ثابت من البعث الصدامي ، وهذه ليست من صفات القائد الذي من المفروض به ان تجتمع كل القوى المتحدة لتقف مع موقفه السياسي . فمن من القائمة الوطنية العراقية يقف موقف الحكيم من حزب البعث / علنا ؟ لا اعتقد ان السيد عمار قد انتبه لهذه الهفوة او انتبه لمن ادخلها في تفكيره . اما اذا كان هذا الموقف من بنات افكاره ، فهو في ضد من موقف اكثرية الشعب العراقي اذا تركنا جانبا موقف مجلسه و ائتلافه .

 

* مهندس معماري  / لندن 

 

free web counter