| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

الأربعاء 20/1/ 2010

 

خططهم الاحترازية ،،، بدل من فوز المالكي ،،،
لنبقي وضع العراق كما هو status quo

عبد الصاحب الناصر *

كثير ما يقال اليوم ان هذه الانتخابات ستكون هي الحاسمة في توجه العراق الى اي من الاتجاهات و اهمها التوجه الى تركيز و تثبيت اركان الدولة و سيادة القانون و توجه للبناء الذي يحتاجه العراق اليوم اكثر من حاجته للهواء . الا ان ما يجري من الامور على / خلف / الساحة السياسية العراقية يدل على عكس ما يرغب به الناس . صحيح انها رغبة هذا الشعب المتعب من برلمان كهذا و يتمنى ان تكون هذه الانتخابات هي الحد الفاصل الذي سيأخذ بيد العراق الى الطريق الصحيح و التوجه نحو البناء و اعادة اعمار هيكل الدولة العراقية. وسيادة القانون قبل كل شيء و هذا ما يتمناه هذا العراقي المسالم المتعب من الارهاب الداخلى و الخارجي و المنهك من التجاذبات و التراهات و المزايدات بين الفصائل السياسية ، بالاخص في مجلس النواب كما نراه كل يوم و بين بعض رجال السياسة الذين حولوها الى تجارة رابحة بقالب سياسي لا تمت الى مصلحة هذا الشعب و لن توصله الى مبتغاه .

و اصبح الانسان البسيط يلاحظ ان كثير من الكتل السياسية و بالاخص الكتل الكبيرة منها تعمل في الواقع على ابقاء الوضع العراقي على هذه الحالة كطريق امان ان لم تتمكن هي من الفوز لتبقيه ك status quo ) ) وهذا واضح على الرغم مما تدّعي و تروّج له في العلن كثير من تلك الفئات . وذلك بعد ان اصبح واضحاً لديها صعوبة نجاحها الشامل في الانتخابات اي فوزها باكثرية كبيرة من الاصوات الامر الذي يهيئ لها قيادة التجمع الذي سيكون الحكومة الجديدة وبالتالي جر البساط من تحت اقدام ائتلاف دولة القانون / المالكي .

ان المناهج الانتخابية اصبحت لكثير من تلك التكتلات او الائتلافات ثنائية الاهداف ، او اكثر من هدفان في نفس الوقت ، اي الحد من تصاعد شعبية دولة القانون و العمل و بكل الطرق على افشال مشروعه الذي اصبح ذو شعبية كبيرة ، هذا بالاضافة الى اهدافها الاساسية بالوصول الى سدة الحكم باي ثمن و على اي حساب . و من سير اللقاءات التي لم تعد تخفى على الانسان البسيط في العراق ، والتي تجري في كل الاتجاهات و مع كل الكتل او بين اكثرها بالرغم من عدم وجود اهداف مشتركة بينهم ، الا اللهم هدف افشال مشروع دولة القانون ، او بالاحرى عدم السماح للمالكي ليصل الى سدة الحكم ، تجري كل تلك الاجتماعات و المباحثات الكل مع الكل ، لا يهم اليوم مع من يتفق او يتحد ، بشرط ان لا يكون مع كتلة دولة القانون ، وان يتفق مع من يوقف تقدم دولة القانون ، الامر الذي يدل وبوضوح ان كل تلك الكتل تسير في اتجاه اخر موازي الى اتجاهها الاساسي ، وتسير في نفس السرعة و القوة ، و هذا الاتجاه (الاحتياطي) هو لعزل كتلة دولة القانون فقط . و الا ، اذا كان الهدف هو تجمع كل القوى العراقية في تكوين حكومة عراقية تجمع تلك القوى ( الخيرة ) فلماذا تستثني دولة القانون من تلك الاجتماعات ان كانت في دوكان ام في شرم الشيخ ام الولايات المتحدة .

عندما يصرح السيد مسعود امام لفيف من مسؤولي وزارة البيشمركة ، ان الوضع في العراق لا يدار بالاكثرية او بالاغلبية ، و ان الوضع لا يزال يتطلب مبدأ التوافق و لفترة اطول . اذا لماذا تستثنى من تلك اللقاءات قائمة ائتلاف دولة القانون ؟ وهذا يؤشر الى ان ما ينقص معظم السياسيين العراقيين اليوم هو الاتجاه الوطني كأساس لسياستهم و مناهجهم الوطنية و في هذه المرحلة بالاخص ، و بالرغم من كثير من الادعاءات و التصريحات و التشاورات و ما يخفون او لا يخفون ، فقد اصبح واضحاً للعيان ، ان الهدف الاول لتلك التكتلات هو معاداة او الوقوف باي طريقة او باي اسلوب امام اشراك دولة القانون في مباحثاتهم . لاحظ مثلا تصريح السيد عادل عبد المهدي و بعد اقل من يوم واحد من تصريح السيد المالكي عن امكانية عقد جبهة بين الائتلافين بعد الانتخابات ، جاء تصريح عبد المهدي جازما و قاطعا بالرفض و على شكل لا يقبل التأويل ، ( ان هذه الاقتراح جاء متأخرا جدا و لا يأخذ به ) . كيف يكون قد جاء هذا (المقترح) متأخرا اذا كان لفترة ما بعد الانتخابات ، اي بعد اكثر من شهر و نصف من الان ؟ و هذا منطق غريب ان ينطق به اي سياسي محنك ، حين يسد اي طريق عن اي احتمال لاي ائتلاف او تحالف اذا كان المقترح مستقبلي . انه التصرف غير المنطقي حين يجزم من يتخذ من الاهداف السياسية لقيادة هذا البلد ، يتخذها كأهدافه الشخصية و يضعها في مقدمة اهداف حزبه و بالتالي قبل اهداف البلد . فهي اذاً اهداف شخصية يخرجونها على انها اهداف لمنهاجهم الانتخابابي التي تنبع من حاجة و مستلزمات الوضع العراقي ، و لا يمكن تفسير تلك الاتفاقات المستقبلية في وقت ترفض اتفاقات اخرى مع جهات ثانية . الا اذا كان ما بين الاثنين (الكتل التي لا ترغب بالاتفاق) ما لا يمكن تلاحمه و ما لا يمكن ادراكه من منطق المصلحة الوطنية العراقية التي هي من اهم الاهداف الانية لعراق اليوم و كما يدّعي اكثرية تلك التكتلات .ان تلك الخلافات باتت لا تقبل الشك ، خلافات شخصية فقط ، و واضحة المعالم ، خلافات بين كل تلك القيادات منفردة او متحدة و بين شخص المالكي . وهذا واضح من كل تلك التصريحات ، او من ردرد الافعال التي تأتي مكشوفة بوضوح و معاكسة لكل ما يصرح به المالكي ، و بدون استثناء .

اذاً هي المصلحة الضيقة غير مصلحة هذا الشعب ما يبغون و يتعاونون للوصول اليه . . انها مصلحة تلك الشخصيات التي اتحدت بدون ان تتمكن من اخفاء ما تضمر ، تتحد لتقف امام المالكي .

السؤال الجديد هو على ماذا تتم تلك الاتفاقات ؟ على ابقاء الوضع في العراق كما هو الحال الان كما يصرح السيد مسعود ؟ اي اتفاق تقاسم السلطة فيما بينهم ، لكن هذه الاتفاقات لم تثمر في السابق ، حين عانى العراق من تلك التوافقات لمدة اربع سنوات و ما زالت تدور في اروقة مجلس النواب الى هذا اليوم الصفقات التجارية و المساومات لتمشية هذا القانون او ذاك بتقاسم المنافع الشخصية و الحزبية كاثمان لتلك الاتفاقات . اتفاقات اقل ما يقال عنها انها فئوية طائفية عرقية كما يصفها كل المحللين السياسيين من العراقيين او من المحللين الدوليين . انها حتى مذمومة من قبل هؤلاء المتوافقين الجدد حسب تصريحاتهم الى قبل شهر .

ان ما يجري الان بين رجال يختفون في سراديب و درابين يحيكون برامجهم المستترة في الظلام ، ليس لان السيد المالكي هو عدو لهذا الشعب و ليس هو من ينفرد بالقرارات كما يدّعون او كما يحلو للبعض التنويه به ، وهو ليس من ورث القيادة عن ابائهم او تسلط على قيادة حزبة لاكثر من ثلاثين عاما ، و بالرغم من ان الرجل يقود حكومة وحدة وطنية يشارك بها وزراء من كل تلك التكتلات ، التي اكبر ما تخشى هو فوز المالكي باكبر عدد من النواب .

عجيب ان تفوت كل تلك الاجتماعات و الزيارات و التصريحات التي تعمل و بكل الوسائل على عزل المالكي ، عجيب ان تكون بهذا الصراحة و هم لا يرون غرابتها او يلاحظون هذا التصرف الانعزالي الذي اصبح جليا لكل العراقيين . و لا يشعرون بانكشافه للناس . ام انها حالة اليأس ؟

ماذا لو جاءت النتائج مخالفة لتوقعاتهم ، توقعات تلك التكتلات امام مسيرة المالكي العارمة ؟ ماذا ستكون حججهم و تفسيراتهم و اعذارهم لشعبهم او لمناصريهم ؟ كيف سيفسرون هذا الجحود عن المالكي قبل وقته و رفضهم لكل العروض قبل حينها ، كيف سيفسرون هذا لاعضاء و مؤازري تلك الاحزاب او التكتلات ؟

انها المواقف النابعة من المصلحة الشخصية التي تطغي على تصرفات اكثرية القوائم و الائتلافات و ليست المصلحة الوطنية كما يدّعون و لا حتى مصلحة احزابهم او تكتلاتهم . سوف لن يتمكن هؤلاء من اخفاء هذه التصرفات الخاصة و الفئوية الى ما بعد نتائج الانتخابات . لانها تتضح و بوضوح بالمصلحة الشخصية و الاطماع و توزيع المناصب و تنبع من منطلق اناني بحت يتجلى بنظرية اسند ظهري و سأسند ظهرك . وهذا اصبح واضحاً للشعب العراقي ، و لن يتمكن السادة من اخفاءه بعد اليوم . لقد اغرتهم اطماعهم و نرجسيتهم و حبهم للعظمة و المنصب و تشجيع بعضهم للاخر خلال تلك اللقائات . انها تذكرني بتصريحات قائد القوة الجوية العراقية في زمن الطاغية ، حين يغش ليغري و يطمئن صاحبه ، بان جو العراق محمي و لا يسمح بدخول ذبابة واحدة . يا سبحان الله لهذا الجهل و لمن لا يعتبر من الماضي . انها معركة المنصب التي تحولت الى اتحاد شعاره ، يا اعداء المالكي اتحدوا .

ولكن لن يكون هذه المرة الخاسر الاول هو هذا الشعب العراقي ،لانهم لا يجيدون حساب او قراءة نبض واراء هذا الشعب .

تتمختر كل يوم الشخصيات القراقوزية في اروقة البرلمان تصول و تجول الا انها لا ترغب في اكمل النصاب كي تحلل الرواتب العالية التي يتقاضونها من قوت هذا الشعب . انها تقف امام اكمال النصاب لتمشية الموازنة للسنة الجديدة التي اكثر من ثلثيها رواتب الناس ، كل همهم هو الابقاء على هذه الحالة و اعادتها في البرلمان الجديد بعد الانتخابات القادمة ، اي برلمان لا يتمكن او لا يرغب من تمشية القوانين الا اذا دفعت الاثمان مقدما ، حكومة ضعيفة تتجاذبها تكتلاتها التي تكونت من رحمها ، تتقاسم الغنائم بين الاقليم و بين المحافظات و مجلس البلديات و تتغني باقاليم جنوبية او شرقية او غربية . حالة الحكومة غير القوية التي لا تتمكن من الوقوف امام احتلال الفكة كما يطالب المطلك ، حكومة فرسان الانفصال و التخندق الطائفي و العرقي ، حكومة توزيع الغنائم بين اعضائها الحاضرين و غير المتواجدين في قبة البرلمان كما وعد السيد علاوي حسن العلوي مؤخرا . اما اذا نجح هؤلاء ، انصاف القادة و انصاف الوطنيين في ابقاء العراق على هذه الحالة ، سيعود البعثيين ، لانهم و كما يقول المطلك ، اكثر تلاحما و تنظيما من رجالنا الوطنيين بالتسمية فقط . عندها سينقلب كل هؤلاء الى بعثيين و ان لم ينتموا .

ستبقى اكثر المشاريع الملحة تراوح غير قابلة للتنفيذ الا اذا تمت ضمن المحاصصة المادية و تقسيم العمولة بين اعضاء اللجان ، سيبقى العراق بلد اضعف من ان يدافع عن بئر او حدود او سياسة خارجية ، تتقاسم المصالح الشخصية ارزاق ابنائه ما بين البطاقة التمونية و بين حصص المؤيدين لهذا او ذاك التكتل او الحزب ، و سيبقي العراقي المسكين ينتظر اية انتخابات قادمة عله سيحصل على بطانية جديدة . او يهاجر الى منطقة الزوية بالقرب من اي بنك عله يحصل على درهم سقط من ( الكونية ) .

هذا ما يخططون للعراق الى ما بعد الانتخابات كخطة احترازية في حالة عدم فوزهم بالانتخابات القادمة . او حين لن يتمكنوا من الحصول على النتائج التي يتوقعون ، اي التي تمكنهم من تشكيل الحكومة حسب اتفاقاتهم التي تحاك في ظلام المنطقة الخضراء ، اي بين اتحادات جبهة معاداة قائمة دولة القانون . ليست هناك حقيقة مؤلمة اكثر مما يجري اليوم بين قوى حالفها الحظ فكانت في الزمن و المكان غير المناسب لتتحكم في مصير اكثر من ثلاثين مليون انسان متعب . و ليس اقسى من ان هذا الشعب قد كتب عليه ان يشقى ، مرة من اجل ابن العوجة واخرى من قبل من تعشم فيهم الهمة و الرحمة والانصاف .
 

 

* مهندس معماري  / لندن 

 

free web counter