| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

الأحد 1/8/ 2010

 

هل سيغير عادل عبد المهدي انتمائه الجديد الى المكارثية ؟

عبد الصاحب الناصر

اعترف اني ربما سرحت بالخيال اكثر من اللازم عند بناء هذا العنوان او الفكرة . ربما . سأحاول ان اشرح كيف و ماذا دعاني الى هذا الاستنتاج .
يستفسر كثير من المراقبين للتطورات و للاحداث السياسية المتسارعة في العراق عن دور المستشارين لقادة الاحزاب او القوائم الانتخابية او الائتلافات و التكتلات . هل يستشارون حقا و يؤخذ بارائهم ؟ هل لهم اي تأثير على مجريات التحول الذي نراه بعض الاوقات على تصرف هذا السياسي او ذاك ؟ و السؤال الكبير هو . هل هم موجودون حقا ؟
اعود الى بناء تساؤلي عن السيد عادل . يحتل السيد عبد المهدي مكانة عالية في المجلس الاسلامي الاعلى اي انه من الصف الاول ، اي من اصحاب القرارات . وهو من اقترح ترشيح عمار الحكيم بعد وفاة والده السيد عبد العزيز . لقد خطط عبد المهدي لهذه الحركة منذ تأكد استحالة شفاء السيد عبد العزيز هذه المرة او من قبل هذا التاريخ . و الاسباب لهذا الاختيار واضحة ، من مباركة السادة في طهران لهذه الخطوة . اي ان يكون منفذ السياسة في العراق و قيادة السلطة التنفيذية هو السيد عبد المهدي و يهييء السيد عمار ليعتلي منصب المرشد الاعلى في جمهورية العراق الاسلامية ( اي تأسيس منهج ولاية الفقيه ) .
الا ان الامور لم تجري كما يبغون . ولم يتمكنوا من الحد من الزحف الشعبي الذي يسير به المالكي / دولة القانون (هذا على الاقل بين اتباع المكون الشيعي العراقي) ولم تنفعهم كل المحاولات للحد من هذا الزحف و هذه الشعبية . وكان السيد عبد المهدي كالمرشد المربي للسيد عمار الحكيم الى ان يبلغ سن الرشد الفقهي . كما كان الامير عبد الاله في زمن الملك فيصل الثاني رحمه الله . لا يمكن ان يكون عبد المهدي بعيدا عن تصرفات عمار و بالاخص الاخيرة ان لم يكن هو من يشحنها و يكب الزيت على نيرانها . الا ان هذه النيران اخذت تحرق الاخضر قبل اليابس و اخذت شعبية المجلس الاعلى تهبط بتسارع ليس بين الناس فقط بل بين الكتل السياسية كذلك . لاحظ ابتعاد كل الكتل عن تصريحات السيد عمار المتشنجة غير اللائقة على المستوى السياسي . الامر الذي ابعد الناس عنهم كثيرا فلا نرى مؤخرا حتى اي تلميح بالتقارب او التعاون بل بالعكس اخذت بعض القوائم تشمئز من هذا التذبذب ، لقد حاولت العراقية ان تصل الى اي اتفاق معهم و تطمح منهم بان يطمئنوا اصدقائهم في ايران عن حسن نية العراقية اتجاههم . الا انهم قد فقدوا الامل و ليس هذا فقط بل تحققوا ان قيادة المجلس و قراراتها تأتي من طهران . حتى العلاقات الحميمة بين المجلس و الكتل الرئيسية الكردستانية بدا عليها الهبوط وتأخذ موقف التحفظ . ليس هذا من المستغرب فمن يتحد اليوم مع اي خاسر ؟
من الواضح ان من يرسم و يخطط السياسة في المجلس الاعلى هم القادة الذين امامنا . و هم عبد المهدي و همام حمودي . ومن له المصلحة العليا في هذه السياسة هو عبد المهدي لكون ان ليس من سياسة المجلس ان يتسنم أي قيادي أي منصب تنفيذي شخص ( معمم ) مثل السيد همام حمودي و لا يحتاج الانسان النبيه ان يبتعد ليبحث اكثر من ما هو واضح امامه . ان ارشادات السيد عبد المهدي للسيد عمار لها التأثير الاعظم . و لا نرى في الافق اي بارقة امل لتحسن وضعهم الشعبي و لا حتى التحالفي بل العكس هو الصحيح حيث نرى تصاعد المد الصدري على حساب المجلس الاعلى اذا تركنا جانبا تصاعد دولة القانون من نفس المنطلق .
ان طموح السيد عبد المهدي و من خلال تاريخه السياسي يدلنا انه يتلون و بسرعة خارقة مع اي تحول السياسي دولي او عالمي و لا يمانع من اي تغير جذري او جوهري في انتماءاته . ابتدأ بعثيا و ثم ماركسيا و بعدها اسلاميا ، لا يهمه مع من يتحد او لمن ينتمي اذا كان الهدف هو المنصب و السلطة . ولم يحالفه الحظ هذه المرة كذلك للوصول الى مرامه الاعظم ، اي تسنمه قمة الهرم التنفيذي في العراق . صحيح ان منصب النائب الاول لرئيس جمهورية العراق ليس بالمنصب الذي يستخف به الا انه ليس المنصب الاعلى من منطلق تنفيذ السياسات في البلد و اتخاذ القرارات خصوصا بعد ان لاحظ اتساع شعبية السيد المالكي بين الاداريين في العراق و بعد ان اصبح واضحا للعيان ان العراق اصبح جاهزا للبناء و كل الامور مهيئة للبدء في التنفيذ كما اعدها المالكي و حكومة الوحدة الوطنية .
حتما سينتبه المجلس الاعلى الى هذا الانحدار في الشعبية سيبحث عن الاسباب و يقيم المواقف و مسببيها ،، الخ. و حتما ستقيم القيادة الايرانية هذا الموقف و تبحث عن المسببين . لم تكن القيادة الايرانية في يوم من الايام مغرمة بالاشخاص او بتاريخهم . لاحظ التشدد و التعتيم على تحركات قيادات ايرانية من نفس الخط و المنهج الذي خطه السيد الخميني ، هاشمي رفسنجاني و خاتمي و غيرهم . اذا سيحاسب مسببي هذه الخسارة في العراق على نفس الاسلوب . هنا لن يتمكن السيد عبد المهدي من التنصل مهما كانت حنكته او فطنته . وسيصبح كالورقة الخاسرة بالاخص بعد كل هذا الانحدار في الشعبية و بعد كل الزخم و المساندة بالأموال التي صرفت على الأنتخابات و من منطلق المجلس الاعلى الذي قامر السادة في طهران عليهم اي مقامرة بالمقياس الدولي ، اقصد التنافس على العراق بينهم و بين الامريكان و من ورائهم المملكة السعودية . اي ان قضية خسارتهم هذه لا على مستوى العراق فقط بل على مستوى السياسة الاقليمية و العالمية . و سيتوصل السادة في طهران ان ليس للسيد عمار المواصفات و القدرة القيادية اللازمة مثلما للسيد نصر الله لا من قريب و لا من بعيد . وان الفارق في التفكير و ( الفطنة ) بين السيدين اعظم بحيث لا يمكن ان يقارن .
لم يكن عمار الحكيم يوما من الايام تلميذاً نبيهاً او شاباً له طموح وله صفات القائد الذي يمكن ان يصل الى هذا المستوى . ويعرف السادة في طهران هذا الحقيقة ولو انهم سكتوا عنها الى حين (تمنيا) . اذ انهم سيتوصلون حتما الى قناعات ان الشخص و من قدمه لهم على انه السيد المنتظر قد اخطأ التقييم .
لنعود الى السيد عبد المهدي . ان طموح السيد عبد المهدي لا حدود له و استنتاجي نابع من مقياس مدى التدمير الذي صنعه للمجلس من اجل منصبه هو . اليس اهم و اكبر نقطة خلاف بين المجلس و دولة القانون هي على منصب رئيس الوزراء ؟ الامر الذي دمر كل شعبية المجلس . و هل للائتلاف الوطني غير مرشح المجلس السيد عبد المهدي لمنصب رئيس الوزراء ؟ و هل رفضهم لمرشح التيار الصدري الا من اجل عادل عبد المهدي ؟ الأمر الذي وسّع الهوة بينهم الى هذا الحد .
اذا ماذا بقى امام السيد عبد المهدي ليشفي تطلعاته العالية غير ان يجد انتماء جديد و في مناخ اخر جديد ايضا . وما هو متواجد من الاتجاهات في الاسواق العالمية هذا الايام ؟
لماذا المكارثية هنا ؟ اعتقد و في رأيي المتواضع . ان عبد المهدي سيبحث عن شكل جديد من التنظيم يصوغه عن معرفته لاوضاع العراق و معرفته لقسم كبير من الشعب العراقي و لا اقصد هنا عموم الناس الطيبين بل من نصفهم بانهم ( من اهل الله ) كما يقول المثل الشعبي ، و هناك من مخلفات صدام و ظلمه في العراق للعراقيين من تشبعت في نفوسهم صفات الذل و النفاق و الطمع بالمناصب من سيكونوا من الأوائل ممن سينتمي لهذا الخط . ان للسيد عبد المهدي تربية رأسمالية ذات شهية شرهة ليس لها حدود او تحفظات و لا حتى موانع اجتماعية ، كما للسيد حسني مبارك و نعرف عن التقارب الخفي بين الاثنين منذ مدة طويلة الا انه كان مؤجل الى حين لاسباب تنبع من علاقة السيد عبد المهدي بايران . و نعرف عن سياسة السيد حسني مبارك المكارثية المنشأ و التمويل . لذلك اعتقد و من حس متواضع ان خط السيد عبد المهدي سيكون في هذا الاتجاه . اي الاتجاه السعودي المصري و ربما الامريكي اذا تمكن مبارك من اقناع الامريكان بالسيد عبد المهدي . خصوصا و بحساب العمر فان امام عبد المهدي مازال متسع من الوقت بالمقارنة مع عمر السيد مبارك .
الا يذكركم هذا بنفس الموقف الذي وقفه هؤلاء ضد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ابتداءً منذ سنة ١٩٥٩ ، شاه ايران عبد الناصر ابن سعود مع الامريكان و الانكليز و ابناء كثير اخرون منهم ؟
 

* مهندس معماري / لندن

 

free web counter