| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

الخميس 18/2/ 2010

 

التصويت التكتيكي
Tactical voting

عبد الصاحب الناصر *

في كل انتخابات عامة و في كل بلدان العالم الحر الديمقراطي يبقى عدد كبير من الاصوات غير المستقرة على رأي ، من ستنتخب . و من خبرة و معايشة في بلد مهجرنا ، تبقى في المملكة المتحدة عامة نسبة كبيرة من الناخبين موزعين بين ، انتخب ام لا انتخب ، ثم من انتخب من القوائم . و القسم الثالث وهو الذي يفكر تكتيكيا ، اي ان يفكر الانسان غير المستقر رأيه حاليا ، ان يكون تصويته ذا نفع عام بالرغم من قناعته او عدم قناعته الشخصية و يكون هذا الصوت بدون تأثير سياسي او اندفاع عاطفي و لا حتى عن ولاء مذهبي او عرقي انهم يعطون اصواتهم ليزيدوا من نجاح من هم الاقرب لتنفيذ منهجهم الانتخابي . اي لا يعطون اصواتهم لمن هم اقرب الى ارائهم ،فقط لانهم سوف لن يتمكنوا من عمل التغيير اللازم ، . انه صوت الانسان الذي يفكر بعمق و يتخذ القرار من منطلق عملي و علمي . و يكون هؤلاء المصوتون عادة باعداد كبيرة قد تميل لهذه الكفة او تلك .

في العراق اتوقع ان تكون هذه الفئة من الناس باعداد اقل نسبيا من مثيلتها في المملكة المتحدة الا انها ستكون مؤثرة جدا ، لان العراقيين متحمسون عادة للتصويت و بانحياز او عاطفة و حتى من منطق انصر اخاك ظالما او مظلوما. هذه هي طبيعتنا نتيجة للظروف التي مرت علينا .
اتوقع سيكون التصويت بصورة عامة من احد المنطلقات التالية ، منطلق التحزب ، العرقي ، الطائفي ، و من منطلق عملي و هذا ما يهمنا هنا مع الناخبون من منطلق عملي اي تكتيكي .
سيفكر الناخب و يتعمق في تفكيره و سينطلق من الماضي . اي من ما شهده و سمعه او قرأه عن اعمال و قرارات و تصرفات اعضاء مجلس النواب الحالي / الماضي . و سيقارن بين الاسماء المنشورة امامه و يقارنها بالاسماء السابقة لمطابقتها ( وهنا ستكمن اكبر اخطاء القوائم التي ادرجت ضمن مرشحيها اسماء لم تكن مقبولة من الناس في الدورة الماضية ) . اول ما سيدفع الناخب في اتخاذ قراره هو تجنب الاسماء القديمة التي كانت نائمة في المجلس والاسماء التي لم تنام في المجلس بل سكنت الفنادق في اي مكان من العالم غير فنادق العراق . ثم سيحاسب بينه وبين نفسه الاسماء التي كانت تقف على الدوام على الضد من مصلحة الشعب ، ومن هم اعرف بمصلحة الشعب من الناخب نفسه ./ ابن الشعب . سيحاسب كثيرا بعض السياسيين الذين ينطبق عليهم هذا الوصف ، النائب الطيار / المسافر/ الساكن في الفنادق في دول الجوار ودول اخرى . من الطبيعي ان هؤلاء لا يتفقون معنا في هذا الرأي ، لانهم ينطلقون من منطلق التحزب ( القائمة العراقية ) على سبيل المثال . لانها مازالت تنطلق هي نفسها من منطلق تجميع او تجمع المعادين او الناقدين للوضع الحالي . لكن هؤلاء (الناقدين للوضع الحالى ) في تناقص و بالاخص عندما يقيموا ارائهم السالبة في السابق و كيف لم تصل بهم الى ما يصبون اليه و لكل هذه المدة ، كذلك عندما يقارنوا ما قيل لهم في السابق و ما اتضح لهم من خلال السنوات الاربع . لا اتكلم هنا عن من اتخذ قراره مندفع لاسباب حزبية او فئوية او طائفية . لان هؤلاء سيقفون نفس الموقف دائما ولنفس الاسباب .
ان الانتخابات اليوم و كما تسير في الخط العام وما يجب ان نعترف به بدون تحيز ، انها من اجمل الصور لبلد يسير في طريق الديمقراطية ، على علاتها و نواقصها و مضاعفاتها ، الا انها من اجمل الصور و سنعتز بها طويلا.

نعود الى التصويت التكتيكي ثانيا . سيقارن هؤلاء الناس بين مناهج القوائم و الائتلافات و بين امكانية تطبيقها ام عدمه . و سيقارنوا بين الوعود و بين المنفذ منها عندما كانت كثير من تلك القوائم و شخوصها في الدولة و في الدورة السابقة . كذلك كيف تصرفت كثير من القوائم ورؤسائها تكتيكيا  وبالاخص في الاشهر الست الماضية . فمنهم من احسن التصرف لانه كان يخطط لهذه الايام من قبل اكثر من غيره و كان يتعمق بما سيغري الناخب للتصويت له ، بينما تصرفت قوائم اخرى فاخطأت الهدف و ستأتي النتيجة بما لا يأملون او يبغون ،
مثال - القائمة العراقية . لا نفرق هنا لمن كانت اشاراتها ( الخطابات و المقابلات الاخيرة ) ان كانت للبعثيين النائمين او لرؤساء هذه التنظيمات في الخارج استجداء لاصوات مؤيديهم ، الا انها اخطأت الهدف لانها لم تحسب الحساب لشعور العراقيين العميق فيما يتعلق بحزب البعث ، فتصورت ان الايام قد طويت اجرام البعث في ذاكرة زائلة و من هذا المنطلق كانت تصريحات السادة المطلك و العاني الاخيرة التي اضرتهم و قائمتهم قبل ان تضر غيرهم ولم تنصرهم او تغري البعثيين النائمون ، ربما ما حصل هو العكس ، اي ان تلك التصريحات قد جاءت لصالح قوائم منافسة لهم و هذه تصرفات اقل ما يقال عنها انها تصرفات مراهقين سياسيين . من ناحية اخرى استفادت قائمة التوافق استفادة كبيرة و احسنت استغلال هذه الغلطة ، كما استفادت من قبل من غلطة السيد الهاشمي في نقضه لقانون الانتخابات الامر الذي اضر بالمكون السني . خسارة خمسة نواب كانوا من حصة مناطق هذا المكون .
كذلك التصرف الاخير للائتلاف الوطني العراقي ، اخص هنا تأجيل البت في تعيين ١١٥٠٠٠ وظيفة شاغرة لأناس هم في امس الحاجة لهذا التعيين ، انهم تخيلوا ( مخطئين ) على ان ضمها او ادراجها ضمن قانون الموازنة لسنة 2010 سيكون لصالح السيد المالكي و سيستغلها كدعاية انتخابية ، الا انها انقلبت عليهم ايما انقلاب و ستبقي تلاحقهم وسوف لن يتمكنوا من الاجابة او التهرب منها لانها تهم هذا العدد الهائل من الناس و عوائلهم و المتعاطفون معهم . هذه الامور مازالت حية في تفكير الناخب العراقي و سيفكر بتداعياتها و سيتخذ القرار لمن سيصوت على نتائجها ، لانها جاءت ضد مصالح هذا الشعب وعلى الدوام .

من سيكون في دور الصعود في هذه الانتخابات و حسب تخميننا هم ،
اولا:- آئتلاف دولة القانون . ستكون هذه القائمة المستفيد الاعظم من تلك الاصوات بالاضافة الى شعبيتها لانها اي تلك الاصوات ستلف و تدور تبحث عن من هم اقرب الى تفكيرها و تطلعلتها و اثبت في مواقفه و اقرب الى تنفيذ وعودها التي تتلائم و تطلعات تلك الاصوات الطائفة . تمكنت هذه القائمة و بذكاء فحولوا كل اتهامات و مكائد خصومهم الى انتصار لصالحهم . استفادوا من التغيير الواضح لحالة الامن في العراق ، مناهجهم الواضحة في الاقتصاد و السياسة و الاجتماعية و في التنمية البشرية و عموم المشاريع في البلد . واهم من هذا و ذاك هي المصداقية في تصرفاتهم و تضامن و التحام اعضائها بصورة لا تجد شرخ ملحوظ بينهما . سيجلب هذا الاسلوب كثير من الذين لم يقرروا بعد لمن سيعطون اصواتهم . ولانهم ائتلاف في دور الصعود و النجاح و من طبيعة الناس ان تتوحد مع الناجح و الصاعد و المتمكن برصانة واضحة .

ثانيا:- قائمة اتحاد الشعب . على الرغم من صغر حجمها العددي و قلة عدد نوابها في المجلس ( نائبان فقط ) الا انها وقفت بصلابة مع كل المواقف التي هي لمصلحة هذا الشعب ، بالرغم من من كان وراء اتخاذ او تمرير هذا القانون او ذاك و من قبل هذه القائمة او تلك . و تصرف اعضاء مجلس النواب من هذه القائمة بحكمة و ذكاء واتخذوا من مصلحة الشعب اساسا لاهدافهم و لعلاقاتهم مع القوائم الاخري . . وكانوا مثال جيد للنائب العراقي لذلك اتوقع ان يحصل تقدم ملحوظ لهذه القائمة ، و ربما كلمة سأحاسب عليها لاحقا ، ان قائمة اتحاد الشعب اقرب الى مواقف آئتلاف دولة القانون من اي قائمة اخري و اتوقع تعاونا كبيرا فيما بينهما في المستقبل . وهذا هو عين الصواب حين تتحد القوى الخيرة لمصلحة العراق . اي الجبهة الوطنية الحقيقية لهذا الشعب .

ثالثا :- قائمة مثال الالوسي للامة العراقية ، بالرغم من تفاوت مواقف هذه القائمة السياسية و شعاراتها العامة الكبيرة غير القابلة للتطبيق بهذه السرعة و بالرغم من تراوح و تطرف اراء السيد الالوسي السياسية بعض الاوقات و انتقاداته اللاذعة غير الواقعية . الا انهم سيحصلون على تقدم ملحوظ كذلك .لانهم يقفون مع الشعب و مع القوى الخيرة .
رابعا :- قائمة التوافق . استفادت هذه القائمة من اخطاء غيرهم من التيارات التي تتشابه مع منطلقاتهم و جيّرت تلك الاخطاء لصالحها بذكاء . مثلا تصرفات السيد الهاشمي / اعلاه / و كذلك تصرفات بعض اشخاص القائمة العراقية المعادية للشعب العراقي ستجير بعض الاصوات المعتدلة من البعثيين السابقين من من لم تلطخ ايديهم بدماء الشعب العراقي ، هؤلاء الذين لا يوافقون مع مقالات و تصرفات المطلك و العاني الصبيانية التي وضعتهم في سلة واحدة مع البعث الاجرامي ، سيحاولون و بشتى الطرق التركيز على مواقفهم الوطنية التي اراد العاني استغلالها لصالح البعث الاحرامي . و ربما ستنتخب دولة القانون او التوافق . كذلك اعتدال بعض مواقف قادة هذه القائمة التي توفقوا في التركيز على عراقيتهم و تماشيهم مع المسيرة الديمقراطية العراقية .

خامسا :- قائمة كوران التغيير . هذه قائمة في دور الصعود العمودي و اتوقع لها توسع و ارتفاع على حساب الاحزاب الكردية التقليدية و في الاقليم بالاخص واعتمادهم على ابراز الاخطاء الادارية التي تحصل كل يوم في الاقليم ، اخطاء ادارية و مالية و تصرفات تبعدهم عن المركز / اي السلطة المركزية في العراق . وكذلك سيستفادون من الاخطاء الشخصية للقايادات العائلية و العرقية و من المواقف المتشنجة من قبل بعض القادة الكرد . و اهم مصدر لنجاحهم سيكون من داخل اقليم كردستان ، اي من بؤرة الفساد الاداري و التسلط العائلي و تقاسم السلطة بين الحزبين فيما بينهما .

من سيندم عن اخطائه الانتخابية ؟ بعد فرز الاصوات .
القائمة العراقية ، وذلك لتشتت مواقفها بين الشخصي و العام و بين مساندة البعث و عدمه و بين مواقفها غير الناضجة من المسيرة الديمقراطية في العراق ومواقفها الدائمة التي تعتمد التدخل الخارجي ، اكثر الامور كرها من الشعب العراقي . . تعطي هذه القائمة انطباع لا يمكن الا ان يلاحظ على انه غير ثابت و غير ذي عمق في صلب الاهتمام العراقي . ثم انها اعتمدت على تصدير معلومات و ربما اكاذيب غير موثقة و ندمت لاحقا لهذه الاخطاء . واهم من كل النقاط هو وضوح رؤية الناخب العراقي على ان هذه القائمة تركض وراء الاهواء التي تنبع من مواقف شخصية مبنية على اطماع بالمناصب ، لا تبتغي هذه القائمة التوافق و العمل مع اي قائمة اخرى تتبنى المصلحة العامة للشعب الذي يتطلب بعض التضحية ، اي تنتفض و تثور عندما يمس النقد شخوصها . مثلا التصريحات الاخيرة التي تمجد البعث . و لا يمكن احصاء المقابلات الصحفية و المتلفزة التي ذم و انتقد و تعالى بها السيد علاوي على كل السياسيين العراقيين ، ذم لا يمكن الا ان يوصف بانه بعيد عن الوطنية . وهذا يمس باحساس الناخب العراقي في الصميم ، الذي بدأ يشعر ولاول مرة بانتمائه للقيادات العراقية الوطنية و رجال البلد بعد التغيير . كان لازما على الدكتور علاوي ان يعلم اكثر من غيره ومن خبرته لاستقراره في بلد الديمقراطية منذ قرون انه من الغباء التطاول على شهداء البلد ، فكان عليه الاسراع في رفض هذا التصرف و انتقاده بحدة . بينما ما اصر عليه و بصورة مستميتة هو الدفاع عنهم بدون انتقادهم .
سيكون من المفيد توثيق هذه الظاهرة و دراستة نتائجها للدورات القادمة في مسير الشعب العراقي نحو الديمقراطية.

 


* مهندس معماري / لندن

 

free web counter