| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

الخميس 18/3/ 2010

 

حين يتنافس قادة دوكان الطلباني وعبد المهدي و الهاشمي - سيضيع بينهم علاوي

عبد الصاحب الناصر *

انتهت الانتخابات و جاءت النتائج ترضي او لا ترضي كثير من الناس الا انها ارادة هذا الشعب و على من يدعي الوطنية ان ينظر الى نقطة لا يوجد اهم منها اليوم و هي تشكيل حكومة انتخبها الشعب تتكون من هذا الاستحقاق . لان هذا الشعب المتعب لم يخولهم الالتفاف على ارادته . ومن تفاصيل نتائج التصويت تتضح بصورة جلية شعبية من يجب ان يقود حكومة مشاركة لا يمكن الا ان تتكون من منبع وطني لبناء البلد . من يحصل على اكثرية الاصوات هو من يجب ان يقود هذه الحكومة . ليس هناك معيار اكثر وضوحا من اصوات الناخبين و ليس هناك تعبير اكثر وطنية مهما يدعي اللاهثون وراء السلطة من اجل المنصب . انها كلمة الشعب و تعلم هذا الشعب كيف يقول كلمته و لمن ينحاز اكثر و بمن سيثق اكثر . انه درس حقيقي ذو اشارات واضحة لفترة ستكون خيرة في تاريخ هذا الشعب ان لم يتمكن طلاب المناصب الالتفاف على ارادته ، و في نفس الوقت سوف لن ينسى هذا الشعب الاموال التي صرفت بتمويل من الخارج و لن ينسى كل الاكاذيب و الادعاءات بتسيير قطارات بسرعة الصوت. لو تمكن المتلهفون وراء المناصب من تفريغ نتائج الانتخابات و العودة الى المحاصصة و التخندق الطائفي و العنصري .

ابتدأ بعض فلاسفة الديمقراطية الترويج لمفهوم قديم / جديد كانوا بالامس من اشد مناوئيه و هو مصطلح المحاصصة و ضرورة اشراك الجميع في الحكومة القادمة .ثم ازادوا بانهم مع الديمقراطية في اختيار رئيس الوزراء بينما هم مازالوا يختلفون في تسمية رئيس الجمهورية . و لا نعرف كيف يتكلم الانسان بروح الديمقراطية حين يرفض نتائج الانتخابات و لا يتقبلها و يريد الالتفاف عليها ؟

في كل الدول الديمقراطية في العالم حين لا يحصل مكون واحد على اغلبية الاصوات تتألف الحكومة المتحالفة  (
coalition) بقيادة اكبر المكونات التي حصلت على اكثر الاصوات اي لها اكبر عدد من النواب . الا في العراق ، وهذا يجب ان يختفي تحت اللحاف لاننا ( نحن العراقيون ) اكثر ديمقراطية من بقية العالم ، هذا طبعا منطق بعض القيادات في القوائم العراقية التي لم تحصل على الاكثرية او اكثر الاصوات . لماذا ؟ لذات السبب ، لاننا حديثوا عهد في التجربة الديمقراطية و السبب الثاني هو عدم بلوغ سياسيو العراق ليرتقوا لمستوي الشعب العراقي الذي صوّت لهم باصرار و بدون خوف . هذه حقيقة لا يمكن اخفائها .

لا نعرف عن تحالف سياسي في العالم الديمقراطي لا يقوده قائد او رئيس القائمة الاكثر حظاً بالاصوات . كيف يمكن الالتفاف على هذه المعضلة بدون المس بروح الديمقراطية . و تكمن صعوبة فهم هذه المعضلة من روحية و فلسفة قياديي تلك القوائم ، و لسبب جدا بسيط ، هم جاءوا طمعا بالمنصب الاكبر اولا و لحقدهم على ذلك المرشح شخصيا ثانيا . و لا توجد اسباب اكثر وضوحا من هذه الاسباب . اذ انها الغيرة و الحسد و كره الغريم السياسي و الطمع الفائق بالمنصب ليس الا . اذاً فهي اهداف شخصية ، كيف اذاً يستمرون بالكلام عن الديمقراطية و الانتخابات و كل هذه المبالغ التي صرفت و كيف سيتمكنوا من تناسي الاصوات التي ذهبت للانتخابات و صوتت يوم اذار السابع منه ؟

لا يمكن للمراقب الا ان يستشفي من كل تلك التصريحات الني اتقنوها ببراعة و من كل تلك المقابلات المتلفزة التي تعلموها بامتياز ، الا ان يلاحظ و بقدر عالي من الوضوح ان السياسيين العراقيين لهم و قبل كل شىء مطامعهم الشخصية بالمنصب الرفيع . هل هناك اوضح من تهافت السيد الهاشمي على منصب رئيس جمهورية العراق ؟ اين اذاً قمم دوكان وتلك المشاورات من اجل العراق الديمقراطي و الشكوى من الانفراد بالسلطة ، اين تحالف الهاشمي منقطع النظير مع السيد الطلباني خلال السنوات الاربع ؟ اين اختفت تلك الالفة المزيفة و المحبة فوق العادة .

جاءت الانتخبات بنتيجة غير متوقعة لبعض المكونات ، مثلا الائتلاف الوطني العراقي . كما تشير اقرب النتائج بانهم سيحصلوا على المرتبة الثالثة بعد العراقية و القانون . وبدأ البعض منهم يعترف بهذه النتيجة . حسنا ، فكيف اذاً يطالبون ومن الموقع الثالث بانهم لا يرغبون ان يكون رئيس الوزراء و بالاسم من المكون الاول ؟ او من يسمية المكون الفائز الاول لمنصب رئاسة الحكومة . لا يوجد تفسير منطقي لهذا العناد ، الا التفسير الشخصي . ان احد قياديي هذا المكون قد وضع عقله الا ان يكون هو الشخص الاول في الحكومة العراقية في معادلة يقول نصفها الثاني ، ان لم اتكمن انا من هذا المنصب فيجب ان لا يتمكن المالكي منه . و هذا الشخص هو الذي في الواقع من وضع العقبات امام نجاح مكونه في الانتخابات من اجل عناده و هو من وضع كل العراقيل لتفاهمات كان يمكن ان تهيئ لما قبل الانتخابات . يختفي هذا الشخص وراء عباءة السيد الحكيم الشاب فيبعثه للتفاوض و المباحثات بدلاً عنه ، مثلا تفاوضه مع السيد النجيفي . اي ان يتباحث مع احد قياديي مكون العراقية و ليس مع قائد ذلك المكون كما تجري الامور عادة ، لو كان السيد الحكيم حقيقة قائد الائتلاف الوطني العراقي و ليس صوريا كما يشتهي هذا الانسان . و هذا لا يدل على تفاهم بين قياديي هذا المكون .

يتكون ائتلاف القائمة العراقية من زعامات ائتلفت في الساعة الاخيرة و هدفها هو استلام السلطة و لم تفكر في اهداف مهمة اخرى لما بعد الانتخابات ، ليكن . ما هي حظوظ هذه القائمة بالائتلاف مع القوائم الاخرى ، الائتلاف الوطني العراقي عدديا ؟ لن يتمكن هذان الائتلافان من تشكيل حكومة لوحدهما بل يجب عليهم ان يقنعوا ويجلبوا ائتلاف ثالث . و ليكن هذا الائتلاف هو التحالف الكردستاني . اذاً هناك نقطتان للتقاطع لا تقبل التفاوض . اولا الطلباني مقابل الهاشمي و منصب رئيس جمهورية العراق . وان حدث و اتفق علاوي مع الكرد فانه سيختلف و يتقاطع مع الهاشمي . ثانيا منصب رئيس وزراء العراق ، اي علاوي مقابل عبد المهدي وهذه كذلك نقطة لا يمكن تجاوزها اطلاقا ولو حدثت بقدرة قادر فانها ستفكك الائتلاف الوطني من الداخل ، اي انه لن تقبل الكتلة الصدرية بعلاوي كرئيس لوزراء العراق و لن يقبل علاوي الا بهذا المنصب . هذه الابواب المفتوحة للمشاهد العادي من الناس ، لكن ما وراء الابواب هو اصعب من ان يمر هذا الائتلاف قبل ان يتفكك . هل ستقبل او تتنازل ايران بان يتسنم المنصب الاول في العراق ممثل المملكة السعودية و من يرعى مجاهدي خلق على حدودها و من سيفتح احتمال حرية البوابة الشرقية على مصراعيها من جديد و خصوصا لم يخفي السيد علاوي علاقته الحميمة مع المملكة و لقائه الخاص مع رئيس المخابرات السعودية قبل اسبوعين من الانتخابات ؟ اللقاء الذي لم يحدث في اي بلد في العالم بين مرشح لم ينتخب بعد لمنصب رئيس الوزراء في وقت الانتخابات وبين مدير مخابرات بلد مجاور. و لا يرضي هذا التحالف مع المملكة القائمة الكردية اي تحالف علاوي مع السعودية التي صرفت كل تلك الاموال لانجاحه في الانتخابات و هي اي السعودية اول من اشتكي من تسنم منصب بلد عربي مثل العراق من قبل شخص كردي . كيف سيتمكن علاوي من الائتلاف مع الأئتلاف الوطني العراقي اصدقاء ايران و هو من يمثل السعودية في العراق حسب تنقلاته الاخيرة ؟ و هل ستتساهل ايران مع الائتلاف الوطني العراقي عند تحالفه مع السيد علاوي ممثل السعودية لمجرد انهم اي الائتلاف الوطني لا يرغبون بالسيد المالكي . وكيف سيكون موقف السيد الجلبي من اجتثاث البعث . اليس من صوت لعلاوي هم جماعة المطلك و العاني و البعثيون في سورية و الاردن و مصر ؟ هل سيلغي الجلبي مؤسسة اجتثات البعث و يحولها الى مؤسسة اصدقاء البعث ؟ و يرحّل الجلبي السيد اللامي كلاجىء في سورية من جديد .

انها اللعبة التي تعمل كالمقصلة . تقص ايادي من يتقرب منها بدون حذر .

و لكن و من الجهة الثانية التي تناسيناها كليا هنا . وهي لماذا سيتمكن علاوي من تشكيل الحكومة وهو لا يملك اكثرية الاصوات ؟ و لا يسمح له الدستور بذلك ؟ و كيف سيقفز من الشباك الى هذا الموقف ؟ يمكن ان يتاح له الحظ و لكن بعد محاولة ائتلاف دولة القانون اولا و عند فشلها ( ستتحقق له المحاولة ) اقول المحاولة و لا اجزم بنجاحه . لان الائتلافات ستتكون كليا قبل اعلانها ، اي يجب ان يتفق كل المتحالفون على المناصب القيادية الثلاثة . اي رئيس البرلمان الذي سيقود الجلسة الخاصة بترشيح و انتخاب رئيس الجمهورية الذي سيكلف رئيس اكبر القوائم بتشكيل الحكومة العراقية و بعدها ستتقدم الحكومة تلك لنيل الثقة من مجلس البرلمان . و ستتفق كل الكتل على هذه الامور قبل انعقاد الجلسة الاولى .

و سؤال اخر ، هل ان الائتلاف الوطني العراقي هو اقرب الى علاوي كأئتلاف ام الى دولة القانون ؟ صحيح ان هناك من يقف امام السيد المالكي في داخل الائتلاف وهو تنافس على المنصب فقط ، و لكن قيادة هذا الائتلاف سوف لن تخاطر بمستقبل الائتلاف الوطني الذي فقد كثيرا من اصواته لصالح الصدريين من اجل عداء السيد عبد المهدي للسيد المالكي اي من قبل عضو في قيادة هذا الائتلاف . و ماذا سيكون موقف من يعترض على السيد المالكي من اجل المنصب . ماذا سيكون موقفه من تسنم علاوي لهذا المنصب لنفس السبب الاوحد ، اي منصب رئيس الوزراء الهدف السامي للسيد عبد المهدي ؟

ما يجري في العراق هو محاولة للالتفاف على نتائج الانتخابات و على الدستور و على كل اصوات الناخبين العراقيين ، و الاهم من ذلك هو ان اسباب هذا الالتفاف هي من اجل المنصب فقط اي العداء الشخصي ، و لا يمكن اخفائه بعد اليوم .
 


* مهندس معماري / لندن

 

free web counter