| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

الأثنين 12/4/ 2010

 

و ما ادراك ما الطاولة المستديرة

عبد الصاحب الناصر *

هناك مثل انكليزي يقول - انك لن تتمكن من التغلب على الخبرة .

من هذا المنطلق نتمكن من الحكم او تحليل مواقف و خبرات كثير من السياسيين العراقيين من منطقهم الناتج عن تصرفاتهم و تصريحاتهم التي نتوصل لها ونتعرف على خبرتهم تلك اذا كانت ضمن الممارسة السياسة وهم في موقع الحكم او من مواقفهم في ايام المعارضة .

مصطلح الدائرة المستديرة استعمل اول مرة بين فرسان الملك ارثر الانكليزي سنة ١١٥٥ حسب تسمية الشاعر الانكلوروماني (Wace ).

حين جلس النبلاء الفرسان على طاولة مستديرة لتدارس اوضاع حكم الملك ارثر ، ومن التسمية يمكن معرفة ان ليس لهذه الطاولة رأس او قائد . بل يجلس الكل على مسافة واحدة من الاخر و لهم نفس القيمة السياسية في النقاش و في اتخاذ القرار .

من اشهر المنظمات الدولية التي تتخذ من هذه الطاولة المستديرة لتدارس شؤون تهم العالم هو مجلس الامن الدولي واذا اتخذنا هذا المثال و محاولة تطبيقه على الوضع السياسي اليوم في العراق سنحتاج الى نفس الاليات والمداولات التي تجري عادة بين اقطاب اعضاء هذه المؤسسة . تجري عادة دراسات متعددة من قبل خبراء كل الاعضاء للمشكلة المعروضة على هذا المجلس ( الدائرة المستديرة ) بين كل الاعضاء منفردين في البداية و بين من لهم مواقف متشابهة ثانية ليكون كل تجمع او ائتلاف رأي يوحد ارائهم قبل ان يدخلوا في نقاشات مع الاطراف ذوي الاتجاهات المعاكسة . و تكون الاستعدادات قبل الجلوس على هذه الطاولة عادة متقاربة ان لم يكونو قد اتفقوا على قرار مسبقا و يعلنوا عنه خلال تلك الجلسات ، مع ذلك و في بعض الاحيان حين يكون الامر اكثر تعقيدا من المشاكل الدولية مثلا ، حين يصعب حصول الاجماع تتشعب اللقاءات الجانبية بين الاطراف المتقاربة خارج القاعة لتدارس حجم التنازلات من اجل الوصول الى قرار موحد ، من هذا نعرف ( ولو انه مضيعة للوقت ) نعرف ان الاجتماعات المستديرة ان لم يكونوا قد اتفقوا على النقاط الاساسية المهمة بين كل الاطراف لن يحصل اي اتفاق او اتخاذ قرار موحد .

لنعود الى دعوة او اقتراح الائتلاف الوطني الموحد بعمل اجتماع حول الطاولة المستديرة للتوصل الى الاتفاق لحلحة الموقف السياسي في العراق . انما تأتي دعوتهم من منطلق خاص وشخصي فقط ، لكن هذه الطاولة المستديرة لن تحل المشكلة بل ستعقدها اكثر حيث ستدخل المشاعر الشخصية من المتقابلين المفاوضين لتعقد الامور اكثر و ربما تؤدي الى توسيع المشكلة و تعقيدها ( لاحظ الاقتراح الامريكي الاخير عن المباحثات غير المباشرة بين الفلسطينيين و الاسرائيليين ) . و ربما ستؤدي الى تحويل المشكلة الى معضلة ليتمكن ( الائتلاف ) صاحب الاقتراح من جعل كل مفاتيح الحل بيده . وهذا ما يتنافى مع الفكرة الاساسية للطاولة المستديرة التي تتوخي التوصل الى الحلول بين الاطراف المتنازعة .

مثال اخر قريب من الوضع العراقي و هي اجتماعات الجامعة العربية . الكل يعرف ان اجتماعات الجامعة العربية تسبقها اجتماعات وزراء الخارجية التي تناقش الموضوع و تتوصل الى الحلول المقبولة من الاكثرية و تتبناها بالتالي لتعرضها على القادة للاتفاق عليها . و حتي اجتماعات وزراء خارجية الدول العربية تسبقها عادة اجتماعات مكثفة من قبل خبراء كل الدول لتدرس اسس الالتقاء و التوصل الى الطريق العريض للاتفاق ثم تتم المساومات بين وزراء الخارجية و بعدها يتم الاتفاق على اخراجها و التوقيع عليها من قبل رؤساء الدول .

لذلك و في رأيي المتواضع اعتقد ان الدعوة الى الطاولة المستديرة بدون مباحثات مكثفة مسبقة بين الاطراف هو اما مضيعة للوقت او الاصرار على تعقيد المشكلة اكثر وهذا نابع عن جهل و قلة خبرة في السياسة و اكثر من ذلك هي وجهة نظر محدودة بهم بدون معرفتهم او احترام اراء الاخرين لانهم ينظرون الى المشكلة بانانية بحتة .

ثم انه سيبقى المقترح يراوح في ساحة من اقترح الجلوس على الطاولة المستديرة ( الائتلاف الوطني العراقي ) وذلك لانهم لم يتفقوا على من سيمثلهم في مباحثات الطاولة المستديرة ، اذ اننا نعرف انهم و لحد هذا اليوم لم يتفقوا على تسمية الشخص الذي سيرشحونه لرئاسة مجلس الوزراء العراقي . كيف يقنعوننا اذاً انهم سيختارون من سيمثلهم في الطاولة المستديرة . كذلك و لاثبات اخلاصهم للعراق ان كانوا صادقين فهم اخر من يستحق بتسمية رئيس الوزراء القادم لان تسلسلهم هو الثالث بعد القوائم الفائزة الكبيرة فلماذا يصرون على تساوي الفرص وكأن الانتخابات الاخيرة جاءت كزيارات الاربعين و المسيرات المليونية . الا ان الامر هنا يختلف كثيرا ومن لا يعير اهمية للانتخابات لا يؤمن بالديمقراطية بالاساس مثلما حاول السيد مقتدى العبور على نتائج الانتخابات و نصّب نفسة قيما على العراق و ضرب نتائج الانتخابات عرض الحائط ، ومن هنا جاء تهكمي من المقترح لاني اعود به الى عدم الخبرة السياسية لكثير من اعضاء الائتلاف الوطني و الا كيف يدعون الى هذا المقترح وهم مازالوا لم يتفقوا و لحد هذا اليوم على من سيمثلهم ، وهل سيمثلهم السيد عمار الحكيم وهو شخص غير منتخب من الناس ام سيأتي السيد مقتدى من ايران ليمثلهم وهو غير منتخب كذلك ؟؟؟ . وهل يا ترى سيدعون الى طاولة مستديرة اخرى بين بعضهم لاختيار من سمثلهم في الطاولة المستديرة الاولى ؟ في وقت لم يتمكنوا من اختيار الشخص الذي سيرشحونه لرئاسة مجلس الوزراء .

اعرف ان بين رجال الائتلاف الوطني العراقي من لهم حس عالي من الوطنية و المسؤولية ولهم الخبرة السياسية وتاريخ نضالي ضد الدكتاتورية ، الا انهم قد غيبوا او وضعوا في الصف الخلفي في قيادة هذا الائتلاف و قدم عليهم في دائرة اتخاذ القرار اناس بعيدون عن تحمل المسؤولية و لهم اطماع غير عراقية و من هم يتبعون الاشارات الخارجية و يتصرفون من منطلق ابعد عن الحس الديمقراطي . وهذه من مشاكل العراق حين يقف المخلصون منهم ممن لا يعرف التدافع على المناصب لحيائهم و لا يجيدون النفاق و تبويس اللحى . بينما يعلو نجم من تعلم النفاق وتمسيد الاكتاف  .
 

 

* مهندس معماري / لندن

 

free web counter