| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

السبت 11/9/ 2010

 

لماذا المالكي الأفضل لرئاسة الحكومة

عبد الصاحب الناصر

أنا لست بكاتب أو صحفي أو مراسل يتعاطى الأدب في مهنته، وإنما أنا محلل سياسي يعتمد العلم في نظرته للأمور، و اتخذ المنطق سبيلاً في تحليلاته. ولا أود أن أرد على أي اتهام مسبق سيأتي حتما بعد مطالعة هذه المقال التحليلي، و هو بأني لا اطمع في أي منصب أو وظيفة أو عمل في العراق، ولست منتمياً إلى أي حزب سياسي أو غير سياسي وإنما اكتب عن قناعة مصدرها مصلحة هذا الشعب المتعب الذي أخاف حتى من مقارنة حالته مع ما أرى وما يتمتع به الشعب الذي انتميت إليه، إضافة إلى انتمائي الأبدي لشعب العراق.

اعتمدت في استنتاجي هذا إلى مراقبتي وملاحظتي لما يجري في العالم المتقدم و بالأخص للشعوب التي تسعى إلى التطور والتقدم بالإضافة إلى كونها دول من الطراز الأول في الديمقراطية والتقدم، قد خدمتني الصدف يوما أني التقيت بالسيد توني بليير، وشخص آخر مع زوجاتنا في مطعم للعشاء.كنت، واحتراما له، كعادة البريطانيين، ادعوه بمستر بلير، فاعترض الرجل وقال لا، أرجوك أنا توني فقط. تذكرت هذه الحالة قبل سبعة أيام وعلى شبكة دولة القانون عندما علق شخص عراقي على إحدى مقالاتي، قائلاً لي: "أن السيد عمار الحكيم يشرفك ويشرف عشيرتك"و كأننا طلعنا للناس من ثقوب في الجدران، بدون اصل و لسنا كلنا أبناء تسعة .أن العراق قد هدّم قبل الاحتلال في زمن الطاغية و جلاوزته وقد خرب اكثر بعد الاحتلال و يحتاج اكثر ما يحتاج إلى القائد، ولا يولد القادة كل يوم،أو بين ليلة وضحاها و أنما هي مواصفات و موهبة من عنده سبحانه و تعالى.و هذه الحاجة لا تنطبق على العراق فقط بل على كل بلد أو دولة تحتاج إلى قائد ليسير بها نحو الأمان والتقدم و العمران. فمن من المرشحين لمنصب رئيس وزراء العراق له هذه المواصفات، و الخبرة؟ و من منهم اثبت مقدرة في إدارة البلد و بالأخص في أحلك الظروف التي يمر بها العراق؟؟
إن بناء البلدان أسهل من أعادة بناء ألإنسان، و لقد هدم الطاغية الظالم هيكل المجتمع العراقي، ودمر الأخلاق، و هبط بنفوس الناس إلى أسفلها، لذلك نرى سعة و حجم الفساد الإداري و السياسي والأخلاقي وهذا الدمار ليس وليد اليوم كما يكرر البعض.
أن من أهم مواصفات هذا القائد وحسب رأيي المتواضع هي:

١- بعد النظر في التخطيط للمستقبل الذي سيوجه و يصوّب مسيرة البناء إلى الأمام

٢- أن يكون إداريا حازما شديد السيطرة على أدواته البشرية و العلمية ويعرف كيف يجمع حوله رجال من لهم نفس الأهداف و من ذوي النفس الطويل، والصبر الجميل، والالتزام والقدر على تحمل المسؤولية،
٣- يعرف كيف يختار وزراءه و المدراء العامين و قادة الآمن و الدفاع وحتى اختيار سفراء البلد
٤-أن يكون على معرفة بالمجتمع الذي يعمل من أجله و يعرف متطلباتهم وأهوائهم وحتى هفواتهم،
٥-أن يكون شديد المراس غير مساوم على الأهداف الأساسية التي يسعى من اجلها
٦-أن يكون ملماً بإمكانيات البلد، حريصاً على موارده وذا معرفة بقيمتها الإستراتيجية
 ٧-و الأهم من كل ذلك أن يكون عادلا بين الناس غير منحاز لآي طائفة أو فئة أو قومية أو حزب .

أسخر هنا من الادعاء بالتداول السلمي للسلطة . و ما علاقة هذا بالقائد الذي يحصل على أعلى الأصوات في الانتخابات هل تهمل كل تلك الأصوات الانتخابية من اجل مطالب الغرماء السياسيين؟ أين إذاً هي أهمية الانتخابات؟ لقد سوق و مرر هؤلاء الغرماء السياسيون هذا المصطلح
لتخويف الناس من غرمائهم، بينما في الحقيقة يجب أن يصّر أي شعب على انتخاب الرجل ألذي عرف كيف يبنى، والتأكد من قدرته على المواصلة في البناء، أي صاحب النفس الطويل و المثابرة. لا تبني البلدان بالدعاء ولا بالبكاء.
لقد مر على المملكة المتحدة وقت طويل بدون القائد الملهم قبل أن تأتي السيدة ثاتجر ومن ثم السيد توني بليير ليزحزحوا حالة التراجع والهبوط في مستوى الصناعة و الاقتصاد والتجارة و حتى الاستثمار للمملكة المتحدة، ولكن عندما أتى السيد بلير وخلق أو كوَّن ما يدعى في عالم الاقتصاد عامل الشعور المريح (The feel good factor) وهذا لا يتكون عندما ينٌتخب أي رئيس لحزب ما لهذا المنصب حتى وان فاز بالانتخابات، لذلك نرى بعد تنحي و فقدان المملكة المتحدة للسيد توني بليير التأثير واضحاً على الاقتصاد والاستثمار و حتى الانتاج، و منذ سبعة سنوات. و كذلك الحال بعد انتهاء مدة رئاسة السيد كلنتن في أمريكا، والسيد متيران في فرنسا و حتى السيد خرشوف في الاتحاد السوفيتي حينها.
لننظر الآن إلى من هم في الساحة العراقية اليوم الذين يتنافسون على منصب رئيس وزراء العراق ، إنهم الدكتور علاوي و السيد عبد المهدي والسيد المالكي.


أولا ، الدكتور أياد علاوي - من خلال ملاحظاتنا لتصرفات و مقابلات الدكتور علاوي طوال مدة وجوده في المعارضة و بعدها، لم نلاحظ عنده بعد نظر ولا أي منهج اصلاحي لتعمير البلد مع ألاعتراف بقدرته أيام المعارضة كرجل علاقات عامة ورجل لوبيات وجمع التجمعات المعارضة و لكن فشل في قيادتها لاحقا، لقد فشل حتى في إدارة تنظيم (الوفاق الوطني) الذي أسسه مع رفيقه البعثي السابق صلاح عمر العلي وآخرين، في لندن بمساعدة المملكة السعودية، إلا إننا نلاحظ أن ما يتفوه به من كلام خلال مقابلاته الصحفية وعلى التلفاز، لا تدل على انه رجل دولة، بل هي جملة من الانتقادات و كلام مقاهي، ويتصرف وكأنه ما يزال في المعارضة أو كأنه ناقد سياسي. ومن الأمثلة على مجمل ما يصرح به "والله أنا قلت لهم كذا" و "أنا نصحتهم بكذا" و "لو أخذوا برأيي لكانت النتيجة كذا"، و لم نسمعه يتكلم يوما عن أي برنامج عمل سياسي أو إداري على مستوى رئيس وزراء اسبق، ولم يقدم لنا أي خطة إدارية لتطوير البلد، ولم نسمع عنه أي تشخيص لمشاكل العراق أو وضع الحلول لها. باختصار مفيد، انه يبحث عن المنصب من منطلق التسلط ليس ألا. ومن خبرتنا السابقة لوزارته الانتقالية حين خلق شعور تنافري وتنافسي بين السياسيين العراقيين و بين التكتلات وكأن الحياة أو البلدان تبني على مسابقات سياسية بين الأطراف. ولقد ترك الرجل بعدها العراق لمدة أربع سنوات، لا يزوره إلا لماما، ولم يلتزم بواجبه الدستوري كعضو مجلس برلمان، بل كان يصب كل انتقاداته على كل الناس إلا على نفسه وتنظيمه، ولم يشعر بالخجل أو تأسف من عدم دوامه أو تواجده في مجلس النواب، رغم تمتعه بامتيازات عضويته وبدون مقابل، ولم يدلنا على سبب
مقنع لتغيبه عن المجلس والذي هو منصب أهم من أي منصب وزاري في بلد يتخذ الحياة البرلمانية أسلوباً للدولة وتداول السلطة، لان منصب رئاسة الوزراء ينتخب من بين الكتل، بينما منصب عضو في البرلمان العراقي هو منتخب من الشعب مباشرة، وبالتالي فهو يمثل هذا الشعب، وهذا دليل معكوس عن أي التزام بهموم البلد الذي يبغي قيادته .يصب الرجل و من معه كل كلامهم هذا الأيام على حجة غير منطقية ولا تصمد أمام الوقت لو سمحت لها الفرصة، أي بأن تكلف "القائمة العراقية" بتشكيل مجلس الوزراء لأنها الفائز الأول، وهو يعرف كما هم يعرفون حق المعرفة أن أي من القوائم لم تفز بالنصف زائد الواحد، وهذه حجة ليس لها عمر سياسي طويل، ثم أنه لم يتمكن من جمع تحالف يسانده و يتشارك معه في تشكيل نسبة خمسين زائد واحد. كذلك فإن الرجل قد تعاون مع جهازي المخابرات البريطاني والأمريكي و سرّب معلومات خاطئة عن سلاح الدمار الشامل، وكان هو السبب الذي شكل اكبر إشكال سياسي بعد إعلان الحرب على العراق وخلق معضلة سياسية للسيدين بلير و بوش، فمن غير المنطقي أو المتعارف عليه أو من المقبول به، أن يكلف إنسان لهذا المنصب الرفيع لأي بلد وهو من المتعاونين مع أجهزة مخابرات أجنبية لان ذلك سيكون خرقاً لسيادة البلد الذي يترأس حكومته. و الأهم من كل ذلك أن السيد علاوي لا يعرف العمل كفرد ضمن مجموعة متحدة، لأن المعروف عنه أنه يريد الانفراد بكل القرارات التي تهم مجموعته وتحالفاته أو أئتلافاته وهذا ما اشتكي منه رؤساء القوائم المتحدة ضمن العراقية سابقا ويشتكي آخرون من أئتلاف العراقية الجدد.


ثانيا - السيد عادل عبد المهدي، وحضه اقل في هذا المنصب .
 عن المسؤولية - التي يجب أن يتحلى بها أي قائد إن أراد أن يتحمل مسؤولية قيادة حكومة لبلد مهدم كالعراق حيث يتطلب الأمر البت بالسرعة اللازمة للحفاظ على الزخم وخصوصية الموقف من ضرورة متطلباته غير الاعتيادية يتطلب اتخاذ القرار الصائب في الوقت المناسب وفي ظروف قد
تكون غير ملائمة، بينما نرى السيد عبد المهدي يتنصل و باستمرار من أي مسؤولية. كان الرجل عضواً فعالاً في الائتلاف الذي شكَّل حكومة الوحدة الوطنية الحالية، ويتحمل مثل غيره كل الأخطاء و الهفوات التي مرت بها الحكومات السابقة، وكذلك تضاف له الأعمال الجيدة بينما نراه يتصرف وكأنه في حل من هذه الحكومة او كما لو كان ما يزال في المعارضة خارج البلد في وقت قد تسنم هو منصب أول وزير للمالية في أول حكومة بعد التغيير. ولا يملك السيد عبد المهدي أي حنكة سياسية حين يكون له قدم في المعارضة وقدم أخرى مع الحكومة التي هو النائب الأول لرئيس الجمهورية، وكان على توافق دائم مع السيد الهاشمي أكثر منه مع الحكومة التي شكلها ائتلافه. وهذه ليست مواصفات من يرغب أن يشكل حكومة و يتحمل مسؤولية الأعمال الجيدة مثل مسؤولية الأعمال الفاشلة. وعن الحنكة السياسية - لقد صرح السيد عبد المهدي عدة مرات بأنه كان يسعى دائما لأزاحه حكومة المالكي، وبعد ثلاثة اشهر من تشكيلها و كأن وزارة المالكي قد تكونت من ائتلاف غير ائتلاف عبد المهدي .
ثوابت الموقف السياسي : لقد تنقل الرجل خلال تكوينه السياسي بين ثلاث اتجاهات متغايرة من أقصى الحدود، و لها مبادئ تختلف اختلافا جذريا في منهجها العام لا ينم هذا عن ثبوت في المواقف ينطلق عن موقف ومبادئ لشخص يتطلبه الوضع المزري في العراق لينهض بمهمة بنائه اي التزام بالثوابت لتقرير مصير و طريق البناء.وينطلق السيد عبد المهدي دائما من منطلق حزبي صرف يقدمه على مصلحة البلد ككل و يضع مكانة الحزب فوق وقبل مكانة وأهمية العراق .
 لقد ضيعوا ستة اشهر في انتخابه من بين الائتلاف الوطني ليتنافس مع المالكي في وقت كان بإمكانه أن يعلن عن رغبتة بهذا المنصب ويعفي الشعب العراقي شر الانتظار. صلابة الموقف : لا يظهر لنا السيد عبد المهدي عند نشوب المعارك السياسية كخصم واضح المعالم ويتستر وراء عباءة السيد عمار الحكيم وربما قد ورط الرجل الحكيم في كثير من المناوشات السياسية التي كان يجب أن يكون هو من يتصدى للغرماء وبالأخص في قضية اختيار من سيكوّن الحكومة العراقية . إذاً، فهو كما يقول المثل ، أنا لا ، أنا لا اعرف ولم أرى و لم اسمع، فمعذرة سادتي، وهذه ليست من مواصفات من يتحمل ألمسؤولية ولا مواصفات القائد الشجاع.


ثالثا - السيد نوري المالكي جاء هذا الرجل من الضباب تقريبا وفي ظروف لم يكن قد استعد لها أو كان قد هيأ لها . تحمل مسؤوليات غيره الذين فقدوا السيطرة على الأوضاع الأمنية والسياسية ووقف الناس أمام أعادة
ترشيحه لدورة ثانية. كان البلد يتهيأ لحرب طائفية يتشدد لها أصحابه قبل أعدائه، وهذا لعمري موقف لا يحسد عليه أي إنسان لو كان في مكان السيد المالكي. كانت كل الظروف تتكور أمام هذا الرجل تنذر بحرب أهلية طائفية لا محالة وكان الأمريكان يقاتلون القاعدة وأزلام النظام السابق في العراق و يتحاورون معهم في عمان و أنقرة وكان ما يسمى بـ"المقاومة الشريفة" تحتضن القاعدة و تقاتل معهم أهل العراق بكل أطيافه ليلاً، وتتحاور مع الأمريكان نهاراً، وكانت حرب غير معلنة بين أمريكا و بين إيران تدار عن طريق الوكلاء في العراق. ذهب الرجل يحمل دمه على كفه إلى البصرة و لم يتعاضد معه حتى قادة القوات الأجنبية الذين لم يصدقوا من انتصاره و بهذه السرعة وبهذه القوات العراقية القليلة، بل ذهب بعضهم في الاتجاه المغاير يطلب من رئيس الجمهورية تكليفهم بتشكيل حكومة جديدة في العراق قبل ان يقرأوا الفاتحة على روحه.هذه مواصفات قائد ذو عزيمة و إصرار قل أن نجدها عند منافسيه.وسادرج هنا بعض أنجازات السيد المالكي كنقاط فقط أتوخى عدم الأطالة :

١ - أستباب الوضع الأمني الى درجة كبيرة بعد ان فقد الكثير من الناس الأمل في عودة العراق كدوله ذات سيادة و هيكل .
٢ - أتم التوقيع و الاتفاق على اهم نقطة مصيرية في تاريخ العراق الحديث أي اتفاقية خروج القوات الأمريكية.
٣ - فتح الباب لعملية أعادة بناء العراق و مساهمة الدول و رأس المال الداخلي والخارجي للمساهمة في عملية الاستثمار في العراق في وقت كان قد كتبت شهادة وفاة هذا البلد.
٤ - أدار حكومة الوحدة الوطنية في هارموني و توافق قل ما نجده بين القوى السياسية العراقية في نفس الوقت.
٥ - تحسنت العلاقات الدولية بين العراق و كثير من الدول و بالأخص الدول المتطورة لتساعد العراق على النهوض.
٦ - أعاد الثقة بين العراقيين كلهم في بلدهم واستنجد هنا بما كتبه المفكر العراقي الكبير الدكتور عبد الخالق حسين عن الموضوع بعنوان : (
هل من بديل للمالكي؟)
  http://www.abdulkhaliqhussein.com/news/396.html 

أرجو من القراء الكرام العودة له لأنه موضوع كامل وشامل يجيب على الكثير من الأسئلة التي تخص الموضوع.

 

* مهندس معماري / لندن

 

free web counter