| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

 

الخميس 11/3/ 2010

 

بعد الانتخابات ، السياسيون العراقيون، ما لهم و ما عليهم

عبد الصاحب الناصر *

من الاستطلاعات الاخيرة لنتائج الانتخابات بات واضحا ان حزبا او مكون او ائتلاف ما لن يتمكن من تشكيل الحكومة لوحده ، اي ستكون هناك تحالفات او جبهات . و السؤال المطروح هو على ماذا ستتحد او ستتحالف هذه او تلك الاحزاب او الائتلافات ؟ و السؤال الاهم هو ما الفرق بين ما سمي بالديمقراطية التوافقية و بين التحالفات الجديدة ، بالاخص عند غياب المنهاج العلمي و العملي لادارة البلد لدى اكثرية المكونات  . و لاننا صوّتنا بعاطفتنا و بانتماءاتنا الطائفية و العرقية و بولاءاتنا الحزبية السابقة و في بعض المرات صوّتنا لاعترافنا بالعزة بالاثم . وقليل من الناس من صوّت بما يدعى بالتكتكال فوتنغ (
tactical voting) لاننا لم نفكر لابعد من يوم الانتخابات . عندما يكون هناك تنافس بين كتلتين او ثلاث متقاربة ، يصوت الناخب الاوربي في هذه الحالة الى احد المكونات التي لها منهاج انتخابي اقرب الى تفكيره بغض النظر عن انتمائه الاول . و لاننا حديثي العهد بالديمقراطية وتشكلت لنا احزاب كثيرة و بهذه السرعة ، وهو نهج ديمقراطي لا غبار عليه ، الا انه قد ضيّع كثير من الاصوات بين المتنافسين الصغار ان صح التعبير . و لان النظام الانتخابي في العراق هو بين نظام ال (PR-Proportional representation ) و بين النظام الانتخابي المباشر كما هو الحال في المملكة المتحدة ، اصبح علينا ان نتحمل هذا العبء و لاربعة سنوات قادمة و الفرق بيننا و بين البلدان الديمقراطية التي سبقتنا بمئات السنين ، اننا نملك احزاباً تدفعنا لكي نتصرف كنظام التمثيل النسبي . (PR) و مشت ايطاليا على هذا النظام منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية و تتناوب الاحزاب بمعدل واحدة كل خمسة الى ستة اشهر فتسقط بتشكيل الحكومة و تأتي ثانية بعدها و نفس الحال في اسرائيل . لكن الوضع في بلدان من هذا القبيل مستتب و هناك مؤسسات و ادارة حكومية و نظام مثبت لا يهتم اي كان هذا او ذاك الوزير الجديد قد استؤزر .

انها معضلة كبيرة و لا يجوز التهرب منها و يجب ان نتعايش معها لاربعة سنوات قادمة . و يسأل سائل محق ، ما العمل اذا ؟ و الجواب هو في الواقع بيد السياسيين العراقيين المنتخبين الجدد . واول ما يجب عليهم هو ان يؤجلوا طموحهم الشخصي في الوقت الحالي و يقبلوا بحكم الشعب و يتفقوا مع المكون الأكبر شعبية / المنتخب. مهما سيتقولون و سيدعون عن نتنائج الانتخابات الا ان الثابت الاول و الحق هو لو كانت لهم الشعبية الكبيرة التي يدعونها لانتخبهم الشعب . ثانيا ان يتفق السياسيون لو كانوا حقا يعملون من اجل الشعب وحسب شعاراتهم التي مازالت معلقة على جدران العراق . عليهم ان يتفقوا على منهج عام شامل لبناء البلد اولا و اخيرا . صحيح اننا نسمع هذه الايام عن خطوط حمراء تعلن بطرق غير مباشرة وعن استحقاقات هذا المكون او ذاك وعن احقيتهم بهذا المنصب او ذاك ونسمع عن تحفظ لمكون قد حصل على اعلى الاصوات .الا ان اربع سنوات هي غير طويلة في عمر الشعوب وستأتي انتخابات اخرى لان الشعب العراقي تعلم ان يحمي النظام الديمقراطي في العراق فما عليهم الا ان كانوا مؤمنين بالديمقراطية وان ينتظروا دورهم .

تبقى معضلة كبيرة هي من اكبر مشاكل العراق الجديد ، انه المنصب الاكبر ، اي منصب رئيس وزراء العراق . وسيبقى اشخاص لا يرغبون ان يتزحزحوا عن هذا المطلب و كأنه استحقاق سماوي لهم و ليس لغيرهم . و ستبقى هذه المشكلة او المنصب من اعدى اعدائهم لو يفهمون الشعب العراقي و يفهمون مضمون الديمقراطية و يفهمون لمن صوت هذا الشعب . لان الوضع في العراق قد افرز ثوابت لا يمكن تخطيها او تجاوزها . اي ان الشعب قد انتخب في هذه الانتخابات الشخص الذي يرغب ان يقود البلد من خلال القائمة المفتوحة ، اي انه سمى هذا الشخص ، و لا يمكن تخطي رغبات اكثر من مليون انسان عراقي قد سمى رئيس وزرائه باجمل عرس انتخابي . صحيح ان البعض سيحاول التقليل من هذه الحقيقة الا انهم لن يتمكنوا من نكرانها او تجاوزها و لا حتى المساومة عليها .
 
ملاحظة واحدة - يمكن ومن خلال مطاليب السياسيين العراقيين ان يتعرف الانسان العراقي اليوم على نزعاتهم الانفصالية او الشوفينية او الطائفية و العنصرية . لان مرحلة التوافق السياسي التي كانوا يختبئون ورائها قد ولت ولان المحاصصة قد اثقلت كاهل هذا الشعب واخرت تقدمه وان التجاذبات السياسية ان لم تكن تستند على عمق وطني قد رفضها الشعب . فما على السياسيين الا ان ينصاعوا لرغبات الشعب الذي افزعهم و خلخل من منطقهم غير الشرعي و زعزع ثوابتهم التي استندوا عليها باطلا باسم الشعب . انه العراق الجديد .

 


* مهندس معماري / لندن

 

free web counter