| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 9/11/ 2011

 

مخاوف مشروعة ومخاطر محتملة

عبد الرزاق الصافي

   يجمع المراقبون السياسيون ومنتسبو الكتل السياسية والاحزاب على ان العراق يمر بازمة سياسية خرجت عن كونها ازمة حكومة الى ازمة نظام  ، بحاجة الى معالجة جدية تخلّص النظام من ازمته . خصوصاً وان الصراعات بين الكتل المتنفذة قد تفاقمت في الاسابيع الاخيرة بشكل كبير، واخذت اشكالاً حادة من التصريحات وتبادل الاتهامات بشكل فاق ما كان سابقاً الى درجة اثارت مخاوف اوساط واسعة من المواطنين ، لما تمثله من مخاطر جدية على الوضع  وتعريض البلاد الى ما لا تحمد عقباه .

  فالعلاقة بين الحكومة الإتحادية في بغداد وحكومة اقليم كردستان ما زالت تعاني من البرود والتوتر احياناً بسبب القضايا المعلقة بين الطرفين سواء كان ذلك بشأن المناطق المتنازع عليها وتطبيق المادة 140 من الدستور او مشروع قانون النفط والغاز او الانفاق على حرس الاقليم ( البيشمركة) . ولم تفض الزيارات والوفود بين الطرفين الى اكثر من تخفيف حالة البرود في العلاقة وتأجيل البحث ومن ثم تعطيل التوصل الى حلول تنهي المشاكل القائمة.

  والاخطر من كل هذا والاكثر اثارة للقلق هو تصاعد الحديث المرة تلو الاخرى عن التهديد بقيام اقليم او اكثر على اسس طائفية ،بحجة وجود تمييز وتهميش للمكوّن السنـّي وشعور بان افراده يشعرون بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية مما يحملهم على التفكير بإقامة اقليم او اكثر على هذا الاساس. وتأتي الخطورة من ان هذا الحديث جرى على لسان مسؤول كبير هو السيد اسامة النجيفي رئيس مجلس النواب ، تارة عندما كان في الولايات المتحدة الامريكية واخرى في بريطانيا، عندما كان في زيارة رسمية للبلدين . ولم تنفع الايضاحات التي تلت اطلاقه لتصريحاته التي اثارت القلق، لنفي الدوافع الطائفية لإطلاقه هذه التصريحات ، في تبديد المخاوف التي اثارتها .

   ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد شهدت الايام العشرة الاخيرة تصاعداً في الحديث عن قيام الأجهزة الامنية بإعتقال بضع مئات من البعثيين الصداميين بتهمة العمل على اعادة تنظيم هذا الحزب المحظور دستورياً ، واتهامهم بالتخطيط للقيام بإنقلاب للاطاحة بالوضع القائم في اعقاب انسحاب القوات الامريكية من العراق في نهاية العام، التي تحل بعد اقل من شهرين. كما جرى ابعاد 140 من المشمولين بقانون المساءلة والعدالة العاملين في جامعة صلاح الدين. الأمر الذي اثار ردود فعل حادة في المحافظة ،إذ جرى التهديد بقطع الماء والكهرباء عن بغداد على لسان مسؤول في المحافظة ، وهو ما جرى التراجع عنه في ما بعد. وصحب ذلك الاعلان بشكل رسمي عن طلب تحويل المحافظة الى اقليم . واعقب ذلك تصريحات غير رسمية في محافظات اخرى  بالتحوّل الى اقاليم ، وهو امر يجيزه الدستور . غير ان ما يثير القلق في الامر هو ان هذه المطالبات جرت وتجري في ظل توترات وصراعات بين الكتل التي تتشكل منها الحكومة الحالية .

ومما يزيد الامر تعقيداً هو شكوى رئيس الوزراء من ان شركاءه في الحكومة ، ممن ينتسبون الى القائمة العراقية التي يرأسها الدكتور اياد علاوي يسلكون سلوك المعارضة رغم مشاركتهم في الحكومة بعدد كبير من الوزراء من بينهم نائب رئيس الوزراء . ومنهم رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.

  ان هذا الوضع غير الطبيعي كان ولا يزال موضع استغلال من قبل القوى المعادية للديمقراطية ، التي تقوم بأعمال الارهاب والتخريب لإرباك الوضع وإشاعة الفوضى والقلق بين ابناء الشعب والطموح بالاجهاز على الوضع واقامة نظام يصادر كل ما تحقق من منجرات وإعادة النظام  المنهار بشكل جديد .

 الامر الذي ادى بأوساط واسعة من الرأي العام الى مطالبة الكتل المتناحرة ، رغم كونها مشاركة في الحكومة ، التى التخلي عن صراعاتها اللامبدئية والتعاون في ما بينها وتبادل التنازلات لحل الامور العالقة . وإذا ما تعذر ذلك ، بسبب ما تعانيه من ضيق أفق وتمسك بالمصالح الانانية الضيقة ، فينبغي العودة الى الشعب واستفتائه في انتخابات مبكرة جديدة .والتمهيد لهذه الانتخابات بإلغاء التعديل اللادستوري الذي اُدخل على قانون الانتخابات وتشريع قانون ديمقراطي للاحزاب وتشكيل مفوضية جديدة للانتخابات مستقلة حقاً واجراء تعداد للسكان جرى تأجيله اكثر من مرة بذرائع لا علاقة لها بمصالح الشعب والوطن .

 

 

free web counter