| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 8/6/ 2011

 

 حصيلة المئة يوم البائسة!

عبد الرزاق الصافي

انتهت يوم امس المئة يوم التي جعلها رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي مهلة للوزراء لكي يحسنوا اداء وزاراتهم ، ويعدوا خططاً محددة للاستجابة لمطالب الجماهير التي خرجت في مظاهرات سلمية، بعشرات الالوف في الخامس والعشرين من شباط/فبرايرالماضي في العديد من مدن العراق ، وفي مقدمتها بغداد ،مطالبة بإصلاح النظام ،وبوضع حد للارهاب والتخريب ومكافحة الفساد المستشري وتوفير الخدمات الضرورية ، وفي مقدمتها الكهرباء والماء ، وايجاد فرص عمل لملايين العاطلين وحماية الحريات التي نص عليها الدستور من اعتداءات اجهزة الامن والقرارات التعسفية الهادفة الى التضييق على الحريات ومنع الجماهير من الإجتماع والتظاهر في ساحة التحريروساحة الفردوس وحصر فعالياتها في ملاعب رياضية مسورة بعيداً عن اعين الرأي العام . فماذا كانت النتيجة ؟

هل توقف الارهاب والتخريب والخروقات الامنية ، او لنقل قل عن السابق، ما دامت الحكومة بتركيبتها الحالية وبعدم الاتفاق بين الكتل البرلمانية التي تتألف منها على املاء الوزارات الامنية : الدفاع والداخلية والامن الوطني رغم مرور نحو ستة اشهر على تشكيل الحكومة ،عاجزة عن وضع حد نهائي للارهاب والتخريب وحماية امن المواطنين والمسؤولين؟ الواقع يقول كلا. إذ لم تتوقف كواتم الصوت عن قتل مسؤولين حكوميين وضباط امن وجيش كبارومواطنين ابرياء، وجرت خروقات امنية فظيعة وفضائح تهريب ، وليس هرب ، عتاة المجرمين القتلة ، وبينهم محكومون بالاعدام ، كان ابناء الشعب ينتظرون تنفيذ الاحكام الصادرة بحقهم بفارغ الصبر .

وهل توقف الفساد او شهد تراجعاً ؟ او هل اعلن عن اجراءات حازمة وفعالة في ملاحقة الفاسدين والمفسدين وسراق المال العام ؟ الواقع يقول كلا ايضاً . والاغرب في هذا الصدد ان مجلس النواب يشرّع قانونا يلغي فيه صلاحية الوزير بمنع محاكمة مرؤوسيه المتهمين بالفساد، لكي يتاح تقديمهم الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل فتبادر الحكومة المؤلفة من نفس الكتل البرلمانية التي شرّعت ماسبق ذكره الى السعي لإلغاء ذلك . الامر الذي لا يمكن ان يعني ، عمليا، غير محاولة حماية الفاسدين والمفسدين ، واستمرار الفساد على ما هو عليه .

اما الخدمات فقد ظلت على ما هي عليه من تدهور . ومازالت الكهرباء شحيحة رغم بدء موسم الحر ،الذي سيزداد في الاسابيع القادمة لتصل درجات الحرارة الى ما يقرب الخمسين درجة مئوية . وشهدت البلاد عواصف رملية لم يسبق لها مثيل وسببت اختناقات لاعداد كبيرة من المواطنين .

واستمرت البطالة على ماهي عليه . إذ لم يجر اي جهد جدي لتقليص نسبتها العالية التي تقدر بثلاثين بالمئة، وخصوصاً بين الشباب وفي مقدمتهم الخريجون .

والاخطر من كل هذا هوتكرر الإعتداء على حقوق المواطنين الدستورية وممارسة الاعتقالات بدون امر قضائي واحتجازهم في اماكن مجهولة وحرمانهم من توكيل محامين للدفاع عنهم ، بمسببات مفتعلة لمنع الشباب من ممارسة حقهم الدستوري في التظاهر السلمي ، وابتداع الذرائع المفضوحة لتبرير الاعتقالات ، وآخرها اعتقال الشبان الاربعة من نشطاء مظاهرات الجمعة قبل الماضية ، بحجة انهم يحملون هويات مزورة ! الامر الذي يبعث على السخرية ، إذ يجري هذا في نفس الوقت الذي تبحث فيه جهات عليا مسؤولة في الحكومة عن سبيل لإعفاء عشرات الالوف من مزوري الشهادات الذين اشغلوا او ما يزالون يشغلون وظائف رسمية ومن بينهم مدراء عامون وربما وزراء ونواب ، حتى بلغت "الجرأة"بعدد من هؤلاء الى التظاهر احتجاجاً على اثارة موضوع ضرورة محاسبتهم على جريمة التزوير.

ومما هو جدير بالذكر في هذا السياق مؤتمر حقوق الانسان ، الذي رعاه رئيس الوزراء يوم الاحد الماضي ، والقى فيه كلمة تحدث فيها عن ضرورة اشاعة ثقافة حقوق الانسان ومراعاة المواثيق الدولية بهذا الشأن ، واشاد بما تحقق من تقدم في رعاية حقوق الإنسان قياساً لما كان عليه الحال ايام النظام السابق ، نظام الإرهاب الوحشي والقبور الجماعية ،من دون ان يتطرق بكلمة واحدة الى ما قامت به اجهزة الامن من خروقات لهذه الحقوق في الإسبوع الاخير الذي سبق كلمته في المؤتمر، حيث منعت منظمات المجتمع المدني من القاء كلمتها فيه .

ان كل هذا الذي جرى خلال المئة يوم المنصرمة يؤكد ضرورة البحث عن سبيل لإنهاء الازمة التي يعيشها النظام عن طريق اجراء انتخابات مبكرة تستبعد الثغرات الخطيرة والاجراءات المنافية للدستور التي جرت في الانتخابات السابقة ، واصدار قانون ديمقراطي للأحزاب وحماية الصحفيين واجراء التعداد السكاني الذي تأجل اجراؤه عدة مرات بسبب الصراعات اللامبدئية بين الكتل المتحكمة بالعملية السياسية . فهذا هو الطريق الوحيد لاصلاح النظام الذي يريده الشعب.

 

free web counter