| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 8/2/ 2012

 

 مستلزمات نجاح المؤتمر الوطني

عبد الرزاق الصافي

رغم ان الغالبية الساحقة من ابناء وبنات الشعب العراقي يتمنون من صميم قلوبهم نجاح رئيس الجمهورية جلال الطالباني في مساعيه الرامية الى حل الازمة المتفاقمة بين الكتل المتنفذة في البرلمان والحكومة العراقيين ، التي تحولت من ازمة بين الكتل الى ازمة النظام كله. وان يتم ذلك عن طريق نجاح المؤتمر الوطني الموعود الذي يجري الحديث عنه منذ ما يزيد عن الشهر. وكانت آخر اخبار هذا المؤتمر الموعود هو ما قيل عن الدعوة الى عقد اجتماع للاطراف التي تريد ان تحتكر الاهتمام به، يوم الاثنين الفائت لتقرر موعده ومكانه وجدول عمله.

ونحن إذ نتناول الحديث عن الموضوع قبل انعقاد هذا الاجتماع مستقرئين حظوظ هذا الاجتماع من النجاح والنتائج التي سيتمخض عنها، نرى ان الاجواء والمقدمات لا توحي بالوصول الى نجاح حقيقي، ونركز على صفة حقيقي لهذا النجاح. ذلك ان الموضوع لا يعني القوى المتصارعة وحدها ، بل ابناء الشعب كلهم . وبالتالي فإن اقتصار البحث في الموضوع في حيز ضيـّق لا يبشر بإمكانية التوصل الى حلول تمتلك صفة الديمومة وتخرج الوطن من الازمة المستمرة منذ عامين تقريباً. فمن المعروف ان الانتخابات النيابية قد انتهت قبل عامين إلا شهراً واحداً، وهاهي الذكرى السنوية الثانية تحل في العاشر من آذار/مارس المقبل، والحكومة التي كان من المفترض ان تقوم بعدايام او بعد اسابيع قليلة ، على اسوأ افتراض ،بالمعايير الاعتيادية لتشكيل الحكومات الائتلافية ،مازالت ناقصة التكوين حتى الآن !

وعندما جرى ويجري الحديث عن حل الازمة نجد من يتحدث عن مؤتمر وطني ، ومن يتحدث عن لقاء بين قادة الكتل البرلمانية . وذلك لحصر الموضوع في اضيق نطاق. في حين ان الامر يتطلب اشراك كل القوى السياسية التي اسهمت في العملية السياسية منذ بدايتها، سواء أكانت مشاركة في الحكومة والبرلمان الحاليين ام لا. وحتى هذا لا يكفي لو ان القوى المتنفذةتريد حقاً انهاء الازمة وارساء العملية السياسية على اسس صحيحة. إذ يتطلب الامر اشراك قوى ومنظمات المجتمع المدني الفعالة في البحث عن الحلول الناجعة ، وليس الحلول الترقيعية ، التي تنتهي بالمصافحات المنافقة وتبويس اللحى التي سرعان ما يزول تأثيرها لتعود الازمة من جديد بأشكال جديدة وربما اشد حدة مما هي عليه الازمة الحالية .

لو كانت الامور اعتيادية لكان البرلمان المنتخب من الشعب ، على ما في الانتخابات التي افرزته من شوائب، هو المكان الطبيعي للبحث عن حلول للازمة القائمة . غير ان قادة الكتل السياسية عطلوا عمل البرلمان الى حد كبير.ولذا وُجد بينهم من يريد اقتصار البحث في الازمة وسبل الخروج منها في ما بينهم وحدهم. في حين ان اوسع اوساط الرأي العام تطمح الى ان يكون الامر محط اهتمام الجميع ، ليكون ما يجري التوصل اليه ملزماً للجميع . لا كما حصل سابقاً في ما سـُمـّي بإتفاقية اربيل ، التي ظل الرأي العام يجهل فحواها ، إذ لم تعلن نصوصها حتى الآن، رغم ان الاطراف الموقعة عليها ما زالت تختلف منذ عامين هل جرى تنفيذ كل بنودها أم لا؟

ولذا فإن مستلزمات نجاح المؤتمر الوطني المنشود تكمن في وضع المصلحة الوطنية العليا قبل المصالح الفئوية الضيقة ، وابداء الاستعداد الحقيقي للتوصل الى حلول توافقية عن طريق المفاوضات ، واعتماد ما يقضي به الدستور وليس التجاوز عليه كما حصل اكثر من مرة ، وتكريس جهود الجميع من اجل تلبية المطالب الشعبية وتوفير الخدمات ومكافحة البطالة والفساد والارهاب والتخريب ، لا الاستمرار في المماحكات والمناكدات والاعتماد على جهات اجنبية واستمداد الدعم والمال والتأييدمنها والخضوع لمخططاتها التي تتنافى مع مصالح الوطن والشعب.

فهل ان قادة الكتل قادرون على هذا؟ وقبل ذلك هل هم راغبون حقاً به؟!
 

لندن في 5/2/2012
 

 

 

free web counter