| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

الأربعاء  8/9/ 2010

 

آراء حرة: عام البرلمانات المعلقة!

عبد الرزاق الصافي

لعلها محض صدفة لا اكثرهي التي جعلت الانتخابات ،التي جرت هذا العام في ثلاثة بلدان ،تأتي ببرلمانات ليس فيها حزب او كتلة سياسية تحوز الاكثرية التي تمكنها من تشكيل الحكومة بمفردها.واول هذه البلدان هو العراق الذي جرت فيه الانتخابات قبل ستة اشهر من الآن في السابع من آذار/مارس .

والبلد الثاني هو المملكة المتحدة (بريطانيا). والبلد الثالث هو استراليا.
وفي الوقت الذي لم يستغرق تشكيل الحكومة في بريطانيا بإئتلاف حزب المحافظين الفائز بأعلى عدد من مقاعد مجلس العموم (البرلمان) مع حزب الديمقراطيين الاحرار، الذي ظل بعيداً عن المشاركة في الحكومات البريطانية طيلة عشرات السنين،سوى اربعة او خمسة ايام ، ولم يستغرق تشكيل الحكومة في استراليا بإئتلاف حزب العمال ،الذي كان حاكماً، مع حزب آخر سوى يومين، ها قد مرت ستة اشهر، بالتمام والكمال ، والقوائم الاربع التي فازت في انتخابات السابع من آذار/مارس تتصارع في من له الحق في تولي تشكيل الحكومة ، بذرائع متعددة "دستورية" وغير دستورية ، لا تخفي المصالح الضيقة التي تنطلق منها . ولا تستر جوهر ما يحركها الى اتخاذ المواقف المعرقلة لتشكيل الحكومة حتى الآن ، وحتى امد غير معروف لاحقاً ، ألا وهو الاستحواذ على السلطة بإعتبارها مغنماً يؤمن لها الجزء الاكبر من "الكعكة" ، التي تتمثل في ما تؤمنه هذه السلطة من مكاسب مادية وامتيازات ، والتصرف بالموارد الكبيرة التي يؤمنها استغلال ثروات الشعب وفي مقدمتها الثروة النفطية التي هي ملك الشعب ليس في اجياله الحالية فحسب ، بل والاجيال القادمة ايضاً.

وقد سبب هذا التأخر في تشكيل الحكومة حتى الآن عواقب وخيمة على اكثر من صعيد ، اولها تعثر الخدمات وتدهورها ، وخصوصاً في مجال تأمين الطاقة الكهربائية في صيف العراق الملتهب وتوفير الماء الصالح للشرب.
كما سبب توقـّف الجهود من اجل التخفيف من البطالة المستشرية ، منذ ان قرر البرلمان السابق وقف التعيينات التي كان يراد منها تأمين مئة وخمسة عشر الف فرصة عمل طلبتهاالحكومة،بذريعة انها يمكن ان تستغل من قبل كتلة رئيس الوزراء نوري المالكي المتمثلة في إئتلاف دولة القانون، في الانتخابات التي كان من المزمع اقامتها في شهر كانون الاول/ديسمبر من العام الماضي، وجرى تأجيلها الى السابع من آذار/ مارس من العام الحالي بسبب الصراعات التي اثيرت حول قانون الانتخابات.

والاخطر من كل هذا ما سببه هذا (الجر والعر) بين الكتل الفائزة من استمرار واستشراء الفساد الاداري والمالي وتفاقم الوضع الامني ، الذي شهد تحسناً نسبياً ملحوظاً قبل اجراء الانتخابات ، ذلك ان الفساد والارهاب وجهان لعملة واحدة . وبلغ من وقاحة المنظمات الارهابية التابعة لما يسمى دولة العراق الاسلامية في الاسابيع الاخيرة ،القيام بالاعمال الارهابية التي تركزت ضد رجال الشرطة والجيش ورجال المرور الذين يقومون بواجباتهم اليومية في خدمة امن المواطنين وتنظيم المروروغير ذلك من الخدمات .هذه الاعمال التي اوقعت مئات الضحايا بين قتيل وجريح من ابناء الشعب العراقي ، ولم يكن بينهم اي امريكي ، مقدمة بذلك خدمة كبرى لاعداء الشعب ، الذين يعادون العملية السياسية ،واستهدفت عملياً تعطيل عملية انسحاب القوات الامريكية المقاتلة التي كان من المقرر ان تتم في موعد اقصاه الحادي والثلاثين من آب/اغسطس الماضي . الامر الذي يفضح دجل وكذب القائمين بهذه الاعمال الاجرامية في ادعاءاتهم محاربة الوجود الامريكي في العراق.

ومن الجدير بالذكر ان تأخر تشكيل الحكومة العراقية وتفاقم ازمة انقطاع الكهرباء لمدة عشرين ساعة في اليوم وارتفاع درجات الحرارة الى ما يزيد عن الخمسين درجة مئوية في الظل احياناً الى اندلاع ما سمـّي بإنتفاضة الكهرباء التي بدأت في البصرة وامتدت الى الناصرية في محافظة ذي قارومدن اخرى ، واستثار ذلك كله تصاعد الاحتجاجات الشعبية والاعتصامات التي ضمت اوساط واسعة من المثقفين وسائر ابناء الشعب.

وبرغم ذلك ظلت آذان المسؤولين الذين يتصدرون الكتل النيابية والذين بيدهم حل الازمة بما يتطلبه ذلك من المرونة وابداء التنازلات وتغليب مصلحة الشعب والوطن العليا على المصالح الانانية الضيقة ، ظلت مسدودة ،اذن من طين واخرى من عجين ، غير عابئين بما يعانيه الشعب والاخطار التي تتهدد العملية السياسية برمتها والسيادة الوطنية ومصلحة الشعب الذي يتوق الى الامن والاستقراروالاعمار والخلاص من الوضع المأساوي المزري الذي يعيشه الآن ، ناسين المثل الشعبي القائل"ما يأكله العنز يطلعه الدباغ" فالشعب العراقي الصبور لا يمكن ان يسكت عن هذه الحالة الى ما لا نهاية ،فهو يمهل ولا يهمل كما يعلمنا تاريخه القديم والحديث

 

free web counter