| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 6/4/ 2011

 

 بطالة واسعة واموال منهوبة !

عبد الرزاق الصافي

لا يجادل احد في ان البطالة،وخصوصاً بين الشباب ، وفي المقدمة منهم خريجو الجامعات، كانت احد الاسباب التي سببت الانتفاضات الشعبية في البلدان العربية منذ بداية العام ، وحتى الآن ، الى جانب الحرمان من الحريات الديمقراطية والإستبداد والتعسف واهدار الكرامة والفساد ونهب المال العام من قبل المسؤولين الكبار، ومن حولهم من ابناء وزوجات واصهار واقارب واذناب .

ولعل المثل البالغ الدلالة في هذا المجال هو ما اقدم عليه الشاب التونسي البوعزيزي ، خريج الجامعة المحروم من العمل بإختصاصه وإضطراره الى العمل كبائع خضرة يتجول بعربته لكسب قوت يومه وعائلته ، إذ قام بإحراق نفسه رداً على ما لحقه من ظلم واهانة عندما منع من العمل وتلقى صفعة من شرطية او شرطي.

وستظل البطالة عاملاً من عوامل التوتر ما لم تجر معالجتها ، وتخليص المجتمعات العربية من عواقبها الخطيرة وتأثيراتهاالمدمرة لحياة شرائح واسعة من ابنا الشعب ، وخصوصاً بين الشباب بين سن الخامسة عشرة والرابعة والعشرين والنساء. ذلك ان احصاءات 2009، وهي احصاءات حديثة نسبياً ، وليس هناك ما يشير الى تحسنها في ما اعقب هذه السنة ، تقول ان نسبة البطالة تبلغ نحو 15% في عموم البلدان العربية ( وفي العراق تقدر هذه النسبة بـ 30% إن لم تكن اكثر حسب بعض المصادر) . واذا كانت نسبة الجامعيين بين العاطلين30% ، فإنها بين النساء اكثر من هذا بكثير .

وإذا كنا لسنا بصدد التفصيل في اسباب هذه النسب المخيفة للبطالة فلا بأس في الاشارة الى السياسات الخاطئة التي جرى اتباعها في البلدان العربية على مدى عقود من السنين من اهمال القطاع الزراعي وتدهور القطاع الصناعي جراء " نصائح " وضغوط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، وتعاظم نسبة السكان الحضر في البلدان العربية التي ارتفعت الى ما يقرب السبعين في المئة من السكان ، بينما كانت لا تزيد عن الثلاثين بالمئة قبل بضعة عقود من السنين.

ولا بأس ايضاً في الاشارة الى انعدام وجود ستراتيجيات الربط بين التعليم الجامعي والمهني وبين حاجات سوق العمل والاقتصاد الوطني ككل.
وتعاني الاقتصادات العربية فضلاً عن ذلك، من الفساد المستشري في العديد من الدول العربية الذي يتيح لكبار المسؤولين نهب المال العام بمليارات الدولارات وحرمان هذه الاقتصادات من توظيف هذه المليارات لخدمة اقتصاد البلدان وتطوير زراعتها وصناعتها وعموم اقتصادها ، بما يؤمن ملايين فرص العمل للقادرين عليه والراغبين فيه ، الذين يعانون البطالة وشظف العيش . وقد اتاحت الانتفاضات الشعبية ، التي حدثت في تونس ومصر وليبيا ، كشف الكثير من الوقائع المريعة في هذا المجال .

من ذلك مثلاً ان زين العابدين بن علي الذي حكم تونس ثلاث وعشرين سنة بعد انقلابه على الرئيس الحبيب بورقيبة جمع هو وزوجته واقرباؤه ثروة يصعب حصر مقدارها عن طريق الاستيلاء على عدد من القطاعات المهمة ذات الربحية العالية في الاقتصاد التونسي بالاضافة الى مايحصلون عايه من رشوات وخاوات من مواطنين ومستثمرين اجانب وقروض تنموية تقرب من ملياري دولار ، إضافة الى ما اكتشف من كميات كبيرة من المجوهرات في احد قصور بن علي .

وقدّرت ثروة حسني مبارك وعائلته بسبعين مليار دولار وظفت في مشاريع في الخارج ، وشراءاسهم وسندات في شركات امريكية وبريطانية وشراء عقارات في دول عربية واجنبية . ويقول خبراء اقتصاديون ان الثروات الطائلة التي جمعها مبارك وعائلته والبطانة التي حوله كان بإمكانها ان تجعل من مصر مركزاً اقتصادياًومالياً في المنطقة لو جرى توظيفها لصالح انهاض الاقتصاد المصري المتدهور جراء سياسات النظام , ولكان بالأمكان تخليص مصر واقتصادها من الاعتماد على المساعدات وتخليص نصف الشعب المصري من العيش تحت خط الفقر.

اما القذافي الذي دمر الاقتصاد الليبي اشد تدمير فقد نهب هو وابناؤه نحو ثمانين مليار دولار . ولا حاجة للتفصيل في هذا الامر والصحافة العربية و العالمية ما زالت تنشر الوقائع التي تدين حكمه بالفساد والنهب وتدمير الاقتصاد الليبي ذي المردود العالي الذي يزيد على التسعين مليار دولارسنوياً والذي بامكانه ان يجعل الستة ملايين ليبي يعيشون بأعلى مستوى من العيش ، بينما يعيش الأن ثلثهم تحت خط الفقر !

اما في العراق فقد نـُكب الشعب بالحكم الدكتاتوري على مدى اربعين عاما كانت اربعة وعشرين منها تحت طغيان وارهاب نظام صدام الذي بدد امكانيات البلد الاقتصادية في الارهاب والعدوان على الجيران والاشقاءوبناء القصور. وحوّل الاقتصادالعراقي من اقتصاد يبشر بآفاق مشرقة وبإحتياطي يبلغ 37مليار دولار الى بلد مدمـّر ومدين بما يزيد على المئة وعشرين مليار دولار.

وليت الامر توقف عند هذا الحد . فقد كان الشعب يطمح في توظيف طاقات البلد الاقتصادية لإعمارالبلد وتوفير العمل للعاطلين وانهاض الزراعة والصناعة وعموم الاقتصاد غير ان الاحتلال والفساد السياسي والاداري والمالي الذي استشرى في مرافق الدولة كلها منذ ايام النظام السابق،واستمر بعد سقوطه ، بدد عشرات مليارات الدولارات وما يزال ما دامت النخب السياسية التي تتصدرالمشهد السياسي مشغولة بصراعاتها من اجل السلطة والنفوذ ونهب المال العام .
 

لندن 3/4/2011

 

 

free web counter