| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

الأربعاء 5/1/ 2011

 

 الكل يلعنونها لفظاً ويتمسكون بها واقعاً!

عبد الرزاق الصافي

لم يتخلف احد من قادة ووجوه الكتل السياسية في البرلمان العراقي عن لعن المحاصصة بكل اشكالها الطائفية والقومية والمناطقية ،في الفترة التي سبقت الانتخابات الاخيرة ، نظراً لما ترسخ في ذهن ابناء الشعب مما سببته هذه المحاصصة المقيتة من اضرار بالعملية السياسية ، والمجيء بحكومات ضعيفة الكفاءة ، وعاجزة عن تقديم الخدمات للشعب ، واعتبار الوزراء الذين جاءت بهم المحاصصة ،وليس الكفاءة والغيرة على مصالح الشعب والوطن ، الوزارات التي يتولونهااقطاعيات للوزير وحزبه وليس لكل العراقيين بصرف النظر عن الحزب او الطائفة او الانتماء القومي.

وعندما انتهت الانتخابات وجاء الوقت الذي توجب فيه على قادة الكتل وافرادها الايفاء بوعودهم و تطبيق ما صرحوا به من ضرورة ترك المحاصصة ابتدعوا صيغة المشاركة لتشكيل الحكومة من قبل جميع الكتل ! ورفض الجميع لأن يكون اي منهم في المعارضة ، لأنهم لا يريدون التخلي عن " حصتهم من الكعكة " التي تؤمنها لهم المشاركة في الحكومة بأكبر مقدار !

وبدلاً من ترشيق الحكومة ، وتخفيض عدد الوزارات من رقمها الكبير (سبع وثلاثون وزارة) الى اثنين وعشرين وزارة ، تضم كفاءات مشهودة لأعضائها ، بسبب من تمسك الجميع بالمحاصصة التي لعنوها ،كذباً، في السابق، لتضليل الرأي العام ، جرى رفع عدد الوزارات من سبع وثلاثين وزارة الى اثنين واربعين وزارة ، لكي يضمنوا ارضاء الجميع على حساب المال العام .

ولإبراز عدم معقولية هذا الرقم لعدد الوزارات في بلد لايزيد عدد نفوسه عن الثلاثين مليون مواطن إلا قليلاً ، يورد الكتـّاب والمحللون السياسيون واقع ان عدد الوزارات في الصين ذات المليار وثلاثمئة مليون نسمة هو خمس وعشرون وزارة . وان عددها في الولايات المتحدة الامريكية ذات الثلاثمئة مليون نسمة سبع عشرة وزارة !

والغريب ان هذا يحدث في الوقت الذي يجري فيه البحث في إقرار الميزانية الجديدة المتوقع ان يكون العجز فيها اثني عشر مليار دولار . وفي نفس الوقت الذي جرى الاعلان فيه عن واقعة مثيرة هي ان الميزانية المخصصة لرواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث والنواب والدرجات الخاصة تستهلك اكثر من خمس الميزانية التشغيلية للحكومة . وهي نسبة لا مثيل لها في اي من دول العالم المتحضر . ومما يزيد الامر بشاعة وقلقاً ان النسبة المذكورة لا تشمل ما يجب تخصيصه للمجلس الوطني للسياسات العليا او الاستراتيجية ،الذي يطالب رئيسه المرتقب ان يكون له ما لمجلس الوزراء من تخصيصات ! ولاما يجب تخصيصه للنواب الجدد لرئيس الجمهورية. اي ان النسبة السابقة يمكن ان تقفز الى مايزيد عن ربع الميزانية التشغيلية . فأي إهدار للمال العام هذا؟

ولماذا لا يتحلى المقررون عن نسبة جدية من رواتبهم ومخصصاتهم الفاضحة ويقبلوا بما يتقاضاه امثالهم في دول اخرى غنية وليست فقيرة، ولتكن بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية مثلاً ، لئلا نطالبهم بتقاضي رواتب ومخصصات امثالهم في الهند او البرازيل ناهيك عن النيبال او جيبوتي .

وفي الوقت الذي كان ابناء الشعب ينتظرون تشكيل الحكومة بعد الانتخابات بأيام او لنقل بأسابيع قليلة، اضطروا للانتظار ما يزيد عن الثمانية اشهر ليجري اعلان الحكومة الفضفاضة ، ذات الاثنين واربعين وزيراً بشكل ناقص، إذ لم تجر تسمية تسعة وزراء حتى يوم الاحد من هذا الاسبوع . ويبدو ان تكملة التشكيلة الوزارية تتطلب اسابيع اخرى . وذلك بسبب الخلافات حول المرشحين للوزارات الامنية :الدفاع والداخلية والامن الوطني ورئاسة جهاز المخابرات .
وكذلك بسبب موضوع تمثيل المرأة في التشكيلة الجديدة بسبب تجاهل كل الكتل للنساء في ترشيحاتها الاولية لممثليها في الوزارة.
وبدلاً من ان تكون الوزارة الجديدة قوية وفعالة صار ابناء الشعب يسمعون المسؤولين الكبار " يبشرونهم" بأنها ستكون ضعيفة بسبب المحاصصة كما جاء على لسان رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الكتلة الاكبرفي البرلمان ابراهيم الاشيقر الجعفري .

ان هذا الواقع المؤسف يضع على عاتق القوى الديمقراطية ، التي تآمرت الكتل الكبيرة لابعادها عن البرلمان عن طريق التعديل غير الدستوري لقانون الانتخابات ، كما قضت المحكمة الاتحادية العليا، مهمات ملحة في تكثيف جهودها من اجل الحفاظ على الدستور وحماية الحريات العامة ، واجراء انتخابات مبكرة وفقاً لقانون انتخابي ديمقراطي ، وتشريع قانون للاحزاب يتيح معرفة المصادر التي تمول الحملات الانتخابية ويمنع الاعتماد على مصادر مشبوهة تفسد الانتخابات بالمال السياسي . وكلها مهمات كبيرة وشاقة في ظل الواقع الحالي ، غير انها ليست مستحيلة التطبيق اذا ما وحدت القوى الديمقراطية صفوفها وعززت صلاتها بجماهير الشعب وتبنت مطاليبها العادلة.

 

free web counter