| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

الخميس 30/9/ 2010

 

من تداعيات الازمة العراقية

عبد الرزاق الصافي

والازمة المقصودة هي ازمة تشكيل الحكومة الجديدة . فقد مرت ،عند نشر هذا المقال، ستة اشهر وثلاثة اسابيع على اجراء انتخابات مجلس النواب الجديد الذي لم يجتمع سوى جلسة واحدة ، لم تستغرق سوى سبع عشرة دقيقة لإداء اليمين الدستورية . ورفعت الجلسة بعد ان اعتبرت جلسة مفتوحة ، في خرق واضح للدستور،كما افتت المحكمة الاتحادية . واُعلن وقتها ان الجلسة ستظل مفتوحة لمدة محددة هي شهر . غير ان هذا الشهر صار اجلاً غير مسمى ! وذلك لأن الكتل السياسية الفائزة لم ترد الالتزام بموعد محدد للانتهاء من مداولاتها لتقاسم "كعكة"الحكم .

وصار من المعتاد الى حد الملل الاستماع الى تصريحات قادة الكتل واعضائها عن قرب انتهاء الازمة ، والاتفاق على تشكيل الحكومة قريباً ، تارة خلال ايام واخرى في الاسبوع القادم وثالثة بعد عيد الفطر .
الامر الذي استثار الجمهرة الواسعة من ابناء الشعب ومنظمات المجتمع المدني فشهد الوطن العديد من الاعتصامات التي قام بها المثقفون في العاصمة بغداد وفي عدة مدن مثل البصرة والناصرية والديوانية وكربلا والنجف وغيرها ومطالبة قادة الكتل بإنهاء مداولاتهم العقيمة والتوصل الى اتفاق ينهي الازمة التي شلت جانباً كبيراً من عمل الحكومة واثرت على الخدمات المتعثرة اصلاً، وساعدت -الازمة- الارهابيين والمخربين والفاسدين والمفسدين على مواصلة اعمالهم الدنيئة وجرائمهم الارهابية البشعة .

وبادرت منظمات المجتمع المدني بإقامة دعوى لدى المحكمة الاتحادية ، على الدكتور فؤاد معصوم ،إضافة الى وظيفته ،الذي ترأس جلسة مجلس النواب ،بإعتباره اكبر الاعضاء سناً ، وذلك لإلزام مجلس النواب بالقيام بواجبه الدستوري ، لانهاء الفراغ الدستوري الحاصل ،عن طريق الاجتماع وانتخاب رئاسة المجلس وإلزام رئيس الجمهورية بتكليف الكتلة الأكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة .

وبرغم هذا كله ما زالت الجرجرة مستمرة ، والتعقيد قائم ومواقف الكتل المتباعدة على حالها ، الامر الذي ادى الى ارتفاع المطالبات الشعبية أما بإعادة الانتخابات ،أو اجراء انتخابات مبكرة في حالة تشكيل الحكومة بصورة من الصور . وذلك لإرجاع الامانة الى الشعب بعد ان تسببت الكتل الفائزة بهذا التعقيد،والاضرار بمصالح الشعب وتعريض العملية السياسية الى الانهيار ، بكل ما تمثله من مخاطر على الشعب كله.

ومن التداعيات المهمة و "الطريفة" للازمة الحالية هو ما اقدم عليه عدد من المتخصصين بعلم النفس السياسي وإدارة الصراع في اوقات الازمات ، من المحايدين ، الذين يقفون على مسافة واحدة من الكتل السياسية ، مدفوعين بحرصهم على تجنيب البلاد واهلها ما ينذر بحصول كارثة ،بتشكيل فريق علمي تخصصي من شخصيات اكاديمية عراقية داخل العراق وخارجه . وطالبوا الاطراف المعنية بمنحهم فرصة للإنجاز مهمة التوسط بينها ، بهدف خدمة هذه الاطراف ، انطلاقاً من ادراك هذه الشخصيات – كمايعتقدون - ان ما يجمع بين القادة السياسيين العراقيين هو اكثر مما يفرقهم . وان المشكلة ليست في الصراع نفسه، بل في طريقة ادراك كل طرف له، وكيفية تعامله معه.

وتمنوا على مجلس النواب والكتل السياسية والحكومة العراقية دعوة الفريق العلمي الاختصاصي الى بغداد، وتطلعوا الى مؤازرة منظمات المجتمع المدني والاكاديميين والمثقفين والاعلاميين ليكونوا شركاء في تحقيق المهمة النبيلة التي تطوعوا للقيام بها .

وختموا نداءهم الذي نشروه في الخامس من هذا الشهر (ايلول/سبتمبر) 2010 بالقول "اننا بمحاولتناالعلمية التخصصي والمخلصة هذه نكون قد برأنا ذمم مفكري الامة وعلمائها من تقديم النصيحة للمسؤولين عن رعيتها ، ووضعنا ذنباً ثقيلاً في رقاب السياسيين الذين يصدّون عنها".

وها قد مر اكثر من ثلاثة اسابيع على هذا النداء المخلص الذي يعكس إخلاص هذه الكوكبة من الاختصاصيين الحريصين على المصلحة العامة ، من دون ان نسمع اية استجابة من لدن المعنيين بالنداء . الامر الذي يؤكد من جديد استهتار هؤلاء المعنيين بالمصلحة العامة ، وضرورة التخفيف من معاناة الناس وقلقهم على حاضرهم ومستقبلهم . مما يحمل هؤلاء المعنيين مسؤولية كبيرة لابد ان يحاسبوا عليها قصر الزمن او طال.


لندن 23/9/2010
 

free web counter