| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 30/11/ 2011

 

نحو حوار وطني عام جاد ومسؤول!

عبد الرزاق الصافي

لم يبق على موعد خروج آخر جندي امريكي من العراق سوى شهر واحد.الامر الذي يعتبر انتصاراً وطنياً وتحقيقاً لمطلب شعبي ، منذ ان تم عقد الاتفاقية بشأنه بين الحكومة العراقية وحكومة الولايات المتحدة الامريكية في العام 2008. ودعا رئيس الوزراء السيد نوري المالكي الى تسمية اليوم الاول من العام الجديد 2012 بيوم الوفاء. وربما كان المقصود بالوفاء هنا هو الوفاء بالعهود من جانب طرفي الاتفاق.

وسيحل هذا الموعد والوضع في العراق ليس مما يسر الغالبية الساحقة من ابناء الشعب واصدقاء العراق الذين يطمحون ان يكون يوم خروج آخر جندي امريكي يوماً يشكل بداية حقيقية لمرحلة جديدة في حياة الوطن والشعب، تتحقق فيها السيادة الوطنية الكاملة، والشروع في القضاء نهائياً على الارهاب والتخريب والفساد المستشري في كل مرافق البلاد السياسية والادارية والاقتصادية، وبدء الاعمار الحقيقي وتأمين الخدمات العامة ،وفي مقدمتها الكهرباء والماء الصالح للشرب والخدمات الصحية والتعليمية ، وتوفير العمل للعاطلين ورفع مستوى المعيشة لكل ابناء الشعب، وخصوصاً ربع السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر كما تقول الاحصاءات الرسمية ، التي هي دون الواقع الفعلي،الذي يعيشه الشعب .

وعندما اقول ان أبناء الشعب يطمحون الى ما ذكرت فلأن ذلك لن يتحقق في ظل الواقع الذي تعيشه الكتل السياسية التي تتألف منها الحكومة العراقية ، وهي الكتل المتحكمة بالعملية السياسية العرجاء ، بسبب الصراعات في ما بينها من أجل السلطة والنفوذ ومغانم الحكم بعيداً عن المصالح الحيوية للوطن والشعب ،وتدهور العلاقة بين القوى المشاركة في الحكومة لدرجة يعلن معها رئيس الوزراء انه يمتنع عن الاعلان عما لديه من معلومات عن نشاطات تآمرية حتى لبعض شركائه في الحكومة ،خشية تسريب هذه المعلومات وما يمكن ان يصاحبها من اجراءات الى القوى التي تقف وراء النشاطات المذكورة.

ان الوضع الحالي يشهد تعقيدات كثيرة تتعلق بعلاقات الحكومة الإتحادية في بغداد وحكومة الاقليم ، وكذلك بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية ، الامر الذي ادى الى تصاعد المطالبات بإقامة الاقاليم من قبل جهات كانت من اشد معارضي فكرة الفيديرالية التي نص عليها الدستور. وجاءت هذه المطالبات ليس لضرورات فعلية ، بل نتيجة مواقف انفعالية يمكن ان تؤدي الاستجابة غير المدروسة لها الى ما لا تحمد عقباه وبروز تعقيدات جديدة في الوضع بدلاً من حل الاشكالات القائمة .

وما زالت التشكيلة الحكومية ناقصة، وعشرات القوانين تنتظر التشريع ، وخصوصاً قانون النفط والغاز ، الذي اثار الكثير من الخلافات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، وقانون الاحزاب. وتستمر الخلافات التي تعيق اجراء الاحصاء العام للسكان.

ان هذه الامور وغيرها ليس بالقليل تسببت في انطلاق دعوة تتبناها اوساط واسعة ، داخل الحكومة والبرلمان وخارجهما ، وفي مقدمتها قوى التيار الديمقراطي ،من اجل اقامة حوار وطني عام تساهم فيه كل القوى التي شاركت في العملية السياسية ممن هي في الحكومة الحالية او خارجها، ومنظمات المجتمع المدني، للجلوس حول طاولة مستديرة للبحث بشكل جاد ومسؤول عن حلول للخروج بالبلاد من الوضع الحالي ، وارساء العملية السياسية على اسس امتن ، والارتفاع بمستوى الشعور بالمسؤولية الى مستوى يليق بقادة ومسؤولين يضعون مصالح الشعب والوطن فوق كل اعتبار، وتبديد القلق الذي يسود الرأي العام من احتمال انزلاق الوضع الى ما هو اسوأ، ارتباطاً بإستغلال القوى المعادية للشعب والديمقراطية لفرصةانسحاب القوات الامريكية من الوطن واستمرار الخلافات بين القوى المشاركة في الحكومة وتصاعد الصراعات في ما بينها، بدلاً من البحث الجاد والمسؤول عن حلول ترعى مصلحة الشعب والوطن تلتزم بها كل الاطراف، ليكون يوم الوفاء المرتقب يوم وفاء للشعب ومطامحه المشروعة.

 

free web counter