|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء 30/5/ 2012                                 عبدالرزاق الصافي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

عراق بدون رافدين  !!

عبد الرزاق الصافي

كان العراق ولا يزال يسمّى بلاد الرافدين :دجلة والفرات . غير ان هذه التسمية التي استمرت آلاف السنين معرضة للزوال . ذلك ان اخطاراً جدية تحيق بها بسبب ما يتعرض له الرافدان :دجلة والفرات من خطر الاضمحلال جراء التعديات الغاشمة من قبل دول الجوار التي تأتي منهما مياه هذين النهرين العظيمين ، وخصوصاً تركيا. فمن المعروف ان النسبة الاكبر من مياه النهرين تأتي تركيا. وهذه المياه ، بالنسبة للفرات ،تأتي كلها من تركيا عبر سوريا.

وان مقارنة بسيطة لما كان عليه النهران العظيمان من غزارة المياه حتى سبعينات القرن الماضي وما يجري فيهما هذه الايام تبين بوضوح مدى الظلم الذي لحق بحقوق العراق في مياه هذين النهرين. الامر الذي يعزز ما يرد في التقارير الفنية التي تتنبأ بزوال نهر دجلة في العام 2040، وتضاؤل نهر الفرات العظيم الى جدول صغير لا يكفي ماؤه لتأمين مياه الشرب لمن يعيش على ضفافه ، ناهيك عن تأمين حاجات الزراعة في حوض النهر الذي يمتد من الحدود العراقية مع سورية في محافظة الانبار،وسط العراق، حتى البصرة.

وسبب هذه الكارثة التي تهدد العراق هو قيام تركيا ببناء السدود على مجرى المياه التي تغذي النهرين العظيمين ، وخصوصاً سد اليسو الكبير الذي يمكن ان يحجز هذه المياه ، خلافاً لما تقضي به القوانين الدولية في التعامل مع مياه الانهار العابرة للحدود.

كما تساهم ايران في هذه الكارثة بسبب تحويل مجرى كل الانهار التي تعبر حدودها الى العراق من الشمال حتى نهر كارون الذي يصب في شط العرب ، الامر الذي سبب زيادة ملوحة ماء الشط وهدد بموت بساتين النخيل وعرقلة الزراعة التي يعيش عليها الملايين.

كما سيكون من نتائج حرمان العراق من حصته العادلة في مياه النهرين استكمال جريمة النظام الدكتاتوري المقبور، ألا وهي تجفيف الاهوار بالكامل ، والقضاء على هذه المحمية الطبيعية المعروفة منذ آلاف السنين ، التي تجسد نمط حياة من طراز خاص جدير بالمحافظة عليه.

ولعل من الغريب ان تثير الكارثة المحدقة بالنهرين اوساطاً واسعة من الرأي العام العالمي التي ضغطت على الدول الاوربية التي كانت تعهدت بتمويل سد اليسو كي تسحب تعهداتها ، في حين لا يلقى الامر الإهتمام المطلوب من لدن القوى المتنفذة في الحكومة العراقية للقيام بما يتوجب عليها لدرء الكارثة . هذه القوى التي لم تكتف بالموقف الباهت تجاه الاجحاف اللاحق بالعراق ، وعدم القيام بالضغط المطلوب على تركيا وايران بوقف هذا الاعتداء الغاشم على حقوق العراق واستخدام كل الوسائل الدبلوماسية، بإثارة القضية دولياً وبتوظيف العلاقات الاقتصادية التي تستفيد منها تركياوإيران بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً، بل إطلاق التصريحات التي تنفي تدخل هاتين الدولتين بالشأن العراقي الداخلي وإضرارهما بمصالح العراق القانونية المشروعة التي يدعمها القانون الدولي .وذلك انطلاقاً من مصالح فئوية ضيقة ،على حساب المصالح الوطنية العليا ومستقبل الاجيال القادمة من ابناء الشعب العراقي.

ان خطورة المسألة تتطلب التخلي عن مواقف السكوت عن سلوك تركيا وايران واضرارهما بمصالح العراق وتعريض مستقبل اجياله الى الاخطار الكبيرة ، وتعاون كل القوى ومن بينها قوى المجتمع المدني ومنظماته ، لوضع حد لتعدي الدولتين بحرمان العراق من حقوقه المشروعة في مياه الإنهار والعودة الى ما كانت عليه الامور طيلة مئات بل الوف السنين السابقة .

 

لندن

27/5/2012      

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter