| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 2/11/ 2011

 

ما هو الافق ؟

عبد الرزاق الصافي

   الافق في الطبيعة هو خط موهوم كلما اقتربت منه ابتعد عنك. غير انه في الحياة السياسية والاجتماعية والفردية هدف يضعه الانسان او المنظمة او الحركة السياسية او القومية والعمل من اجل خلق مستلزمات تحقيقه. فإذا كان الهدف شخصياً كأن يكون نيل شهادة او إنجاح مشروع تجاري او غير ذلك يسعى الانسان للنجاح في الدراسة او تهيئة مستلزمات نجاح العمل التجاري من تأمين رأس المال اللازم ودراسة الفرع التجاري الذي يراد العمل فيه ومكان فتح المشروع والدعاية اللازمة له ألخ. وإذا كان الهدف سياسياً كأن يكون تحقيق الاستقلال الوطني والتحرر من الاستعمار والسيطرة الأجنبية يجري اللجوء الى انشاء التنظيم او التنظيمات التي تتولى قيادة نضال الشعب من حركة عامة او جبهة وطنية موحدة او منظمات كفاح مسلح او غير ذلك.

  والافق الذي كان يرنو اليه الشعب العراقي بعد ازاحة النظام الدكتاتوري السابق هو انهاء الاحتلال و إقامة عراق ديمقراطي اتحادي(فيديرالي)تعددي موحد مستقل . ولتحقيق هذا الافق/الهدف جرى العمل من اجل اختيار الجمعية الوطنية وسن الدستور الديمقراطي واستفتاء الشعب عليه واجراء انتخابات مجلس النواب لدورتين وانتخابات المجالس المحلية وتشكيل الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية والشروع ببناء الجيش والأجهزة الامنية . وجرى كل هذا في خضم صراعات بين القوى التي تصدرت العملية السياسية . وجرى تشكيل الحكومة التي ساهمت فيها كل القوى السياسية ، التي افلحت في عقداتفاقية سحب القوات الاجنبية من ارض الوطن في نهاية هذا العام . وافلحت في رفض ابقاء قوات اجنبية بصفة مدربين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية .

غير ان العملية السياسية شابها الكثير من الشوائب التي هددت وتهدد هدف ترسيخ وتعزيز بناء العراق الديمقراطي الاتحادي (الفيديرالي ) الموحد المستقل ، بسبب من الصراعات بين الكتل المتنفذة التي تتصدر العملية السياسية وتشارك كلها في الحكومة ، لأن اياً منها لا تريد ان تكون في المعارضة بعيداً عن مغانم المشاركة في الحكومة ومواقع النفوذ .

   وتصاعدت الخلافات والصراعات في الاسابيع الأخيرة ، مما ساعد اعداء الديمقراطية والعملية السياسية على الامعان في تعكير الاجواء والقيام بأعمال التخريب واختراق الاجهزة الامنية وارتكاب الجرائم التي اودت بحياة المئات وربما الألوف من الشهداء والجرحى من ابناء الشعب الابرياء وآ خرهم المستهدفون من شرطة المرور.

  وشهد الاسبوع الاخير توتراً ليس بالقليل بسبب اقدام الاجهزة الامنية على اعتقال المئات ممن تحوم حولهم شبهات العمل على إعادة تنظيم صفوف البعثيين الصدامين بهدف استغلال فرصة انسحاب القوات الامريكية نهاية هذا العام لتحقيق حلمهم العصفوري بالعودة الى السلطة عن طريق التآمر والانقلاب على الوضع والعودة بالبلاد الى ايام الحكم الدكتاتوري المقبور .

  وقد يكون في اجراءات السلطة بعض النواقص ، او الاخطاء في تشخيص من ينبغي ملاحقتهم والتحقيق معهم وتقديمهم الى القضاء ، الامر الذي يتطلب من كل القوى الحريصة على تطبيق حكم القانون ومراعاة ما يقضي به الدستور ، ان تضع الخلافات الثانوية في ما بينها جانباً وتتعاون على فرض هيبة القانون وحماية امن الوطن والمواطن ، وليس جعل هذه القضية سبباً لمزيد من الصراعات اللامبدئية ، التي تصب في صالح القوى المعادية .

  وهذا يتطلب التخلي عن نظرية التوازن الطائفي وبناء المؤسسة العسكرية الوطنية على اسس الكفاءة والاخلاص للدستور وللمصالح العليا للشعب والوطن . وكذلك التخلي عن المليشيات الخارجة عن القانون وحصر السلاح بيد الدولة وتشديد الرقابة على ما تقوم به السلطة من إجراءات لحماية امن الوطن والمواطن وحماية الحقوق الدستورية للمواطنين. فعن هذا الطريق يمكن ان نفتح افقاً مشرقاً للشعب والوطن بدل الافق المعتم الذي يتهددهما جراء الابتعاد عن الوحدة الوطنية وعن احترام الدستور وجعل العراق دولة قانون حقاً وصدقاً.

 

لندن  30/10/2011           

 

free web counter