| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الخميس 2/2/ 2012

 

الحلول الترقيعية لن تحل الازمة!

عبد الرزاق الصافي

يجمع المراقبون السياسيون للاوضاع في العراق على ان الازمة الحالية لنظام الحكم ، التي اندلعت منذ عدة اسابيع ، وما زالت مستمرة ، وربما ازدادت تعقيداً، هي الازمة الاعمق مقارنة بالازمات السابقة.

وكانت آخر المساعي لإيجاد حل لهذه الازمة هي دعوة رئيس الجمهورية جلال الطالباني لعقد مؤتمر وطني لتدارس الحلول المطلوبة وسبل الخروج من الازمة . غير ان الاجتماع الذي رعاه في مقره ببغداد قبل اكثرمن اسبوعين والذي ضم الرؤساء الثلاثة ونوابهم ورؤساء الكتل النيابية لم يسفر عن اكثر من الدعوة للتهدئة وتأجيل اجتماع الهيئة التحضيرية لمدة اسبوع ريثما يعود رئيس الجمهورية من سفره الى المانيا لغرض العلاج.

غير ان الاطراف التي شاركت في الاجتماع لم تلتزم بالتهدئة، ومضى الاسبوع المقرر واعقبه اسبوع ثانٍ ولم تجتمع الاطراف المعنية للبحث في موضوع الاجتماع المطلوب ومكانه وجدول عمله . وذلك بسبب  الخلافات التي ظلت تعرقل عقد الاجتماع .

وكان من مظاهر الازمة ،بالاضافة الى اتهام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بالتورط بدعم الارهاب واصدار امر بالقاء القبض عليه، اعتماداً على اعترافات افراد في حمايته. الامر الذي حمل السيد الهاشمي على اللجوء الى اقليم كردستان ، ورفض الامتثال لطلب القضاء للحضور الى بغداد للتحقيق معه، وطلبه نقل مقر التحقيق الى كردستان او كركوك بحجة انه لا يطمئن الى حيادية القضاء في بغداد ،لأنه-اي القضاء- خاضع لسيطرة رئيس الوزراء نوري المالكي. الامر الذي رفضه القضاء.       والمظهر الآخرهو طلب المالكي من البرلمان سحب الثقة من نائبه صالح المطلك ومنعه من مواصلة عمله بإعتباره نائباً لرئيس الوزراء، لأن المطلك قال ان المالكي دكتاتور اسوأمن صدام!

وتسببت الازمة في تعطيل عمل مجلس النواب والحكومة، الى حد ما، نظراً لأنسحاب الكتلة العراقية من المشاركة في عمل البرلمان والحكومة.

وفي ظل هذه الازمة وتداعياتها تصاعدت اعمال الارهاب والخروقات الامنية التي ادت الى سقوط مئات الضحايا شهداء وجرحى ، وخصوصاً بالارتباط بتجمعات المحتفلين بأربعينيةالامام الحسين(ع).

ان هذه التداعيات المؤسفة والخطرة اقلقت الرأي العام العراقي وعززت المطالبة الملحة من الكتل النيابية والمسؤولين الآخرين للاسراع في ايجاد حل جذري للازمة ، وعدم الاكتقاء بحلول ترقيعية تؤدي الى تبادل المجاملات والقبل في حين تبقى مسببات الازمة على حالها. ويبدو ان الحال، اذا ما ظل بيد القوى والاسس التي سببت الازمة ، سيظل على ما هو عليه لتندلع ازمات اخرى . فقد اعلنت القائمة العراقية التي يقودها الدكتور اياد علاوي يوم الاحد الماضي انها ستعود الى المشاركة في اجتماع مجلس النواب يوم امس(الثلاثاء) وستبحث قبل ذلك موضوع عودة وزرائها الى اجتماعات مجلس الوزراء . وارفقت قرارها هذا بجملة شروط ومطالب  القسم الجوهري فيها من اسباب الازمة. الامر الذي يعني ان الامور اذا ما هدأت مؤقتاً فإنها سرعان ما تؤدي الى ازمة جديدة.

في حين ان الامر يتطلب من كل الكتل النيابية المتحكمة بالعملية السياسية التخلي عن النظر الى الامور من زاوية مصالحها الفئوية الضيقة ، والارتفاع الى مستوى المسؤولية الوطنية العليا. وذلك بإدارة حوار وطني شامل يؤدي الى عقد مؤتمر وطني عام واسع ،تشارك فيه كل القوى التي شاركت في العملية السياسية المشتركة في الحكومة ومجلس النواب الآن او خارجهما،ومنظمات المجتمع المدني، للبحث ليس فقط في القضاياالآنية ،بل البحث في جذور الازمة واسبابها. واذا ما تعذر على هذا المؤتمر حل الازمة بما يرضي الجمهور الاوسع من المواطنين ويرسي العملية السياسية على اسس صحيحة وليس على اساس المحاصصة التي ترعى المصالح الضيقة ، فيصار الى الرجوع الى الشعب واجراء انتخابات مبكرة بعد تهيئة مستلزمات تعبيرها عن رأي الشعب . وذلك عن طريق سن قانون انتخاب جديد يلغي التعديلات غير الدستورية التي ادخلها البرلمان السابق ،وتشكيل مفوضية عليا مستقلة حقاً للانتخابات بعيداً عن المحاصصة ، واعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة لكي لا يضيع اي صوت انتخابي ، وتشريع قانون ديمقراطي للاحزاب لكي تكون تحت رقابة الشعب ويحول دون استغلال المال السياسي في الانتخابات ومعرفة مصادر ما تنفقه القوى السياسية لإدارة حملاتها الانتخابية، واجراء احصاء سكاني دقيق تعطل القيام به عدة سنوات ،خصوصاً بعد ما اُعلن عن اكتشاف مليوني بطاقة تموينية مزورة ، وهي التي اعتمدت في اجراء الانتخابات السابقة .

فعن هذا الطريق يمكن وضع حد لتكرر الازمات وتضييع فرص الاعمار والمكافحة الجدية للفساد والارهاب والخروقات الامنية الفظيعة ، وليس بحلول ترقيعية لن تقضي على الاسباب الحقيقية لأزمة النظام المستفحلة.    

 

 

free web counter