|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء 25/4/ 2012                                 عبدالرزاق الصافي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

..... حتى إشعار آخر !

عبد الرزاق الصافي

بعد ما يزيد على الاربعة اشهر من المداولات بين الكتل المتنفذة وثمانية اجتماعات للجان التحضيرية التي شكلتها تمهيداً لعقد المؤتمر الوطني او اللقاء الوطني او الاجتماع الوطني، فليسمّوه ما شاءوا بعد ان اصر ممثلو الكتل المتنفذة على استبعاد تسميته بـ" المؤتمر الوطني" ليحصروا حضوره على انفسهم، اعلنت اللجنة التحضيرية  قبل اسبوع  عن تأجيل اجتماعها "...حتى إشعار آخر" لتتجنب الاعلان عن فشل جديد في تحديد موعد عقد اللقاء اوالاجتماع ومكانه وجدول عمله، مكرسة بذلك هذا الفشل المتواصل ليس فقط منذ اربعة اشهر او يزيد، بل ما يزيد عن العام واربعة اشهر هي المدة التي انقضت منذ تشكيل الحكومة الناقصة اواخر العام 2010 حتى الآن .

ولم تعد خافية على احد العواقب السيئة على هذا الفشل المتواصل في عقد اللقاء والبحث الجدي المخلص للوصول الى حل للازمة المتفاقمة منذ آذار/مارس 2010 ، وهو اليوم الذي انتهت فيه الانتخابات البرلمانية التي جاءت بالبرلمان الحالي ، العاجز عن ان يقوم بواجبه في البحث عن الحل المطلوب ، هذا الواجب الذي صادره رؤساء الكتل النيابية وزعماؤها داخل البرلمان وخارجه. ان البرلمان ليس غائباً ، بل مشلولاً عن الاهتمام بالقضايا الرئيسية التي تشغل بال ابناء الشعب ، وتمكن الحكومة عن ان تقوم بواجباتها بكفاءة في حفظ الامن وتأمين الخدمات العامة وخصوصاً الكهرباء والماء الصالح للشرب ، ونحن على ابواب الصيف العراقي اللاهب، ومكافحة الارهاب والاختراقات الامنية المستمرة ، وتوفير فرص العمل للعاطلين الذين تصل نسبتهم الى نحو الثلاثين بالمئة ، وهي النسبة التي لا تعترف بها الجهات الرسمية ،والتي تشكل بطالة الشباب فيها الخمسين بالمئة. ولا يمكن اغفال التأثير السلبي للازمة الحكومية ،التي تحولت الى ازمة نظام وليس أزمة الحكومة فقط، على المساعي المطلوبة لمكافحة الفقر الذي يلف سبعة ملايين مواطن بإعتراف السلطات الرسمية منذ عدة سنوات حتى الآن. الامر الذي يشكل فضيحة للحكومة التي زادت ميزانيتها لهذا العام عن المئة مليار دولار ، وهو رقم فلكي لم يسبق له مثيل منذ قيام الدولة العراقية الحديثة ، والذي يعادل مجموع ميزانيات اربع دول !

ان ميزانية هذا العام إذا ما اضيفت الى ميزانيات الاعوام السابقة سيصل الرقم الى الخمسمئة مليار دولار ، كان بإمكانها ان تحول العراق الى جنة عدن لولا الارهاب والتخريب والفساد الذي التهم الملايين والمليارات من الدولارات التي ذهبت هباء ولم يلق الفاسدون والمفسدون جزاءهم العادل .

ان هذا يشكل مأساة حقيقية للجمهرة الواسعة من ابناء الشعب المبتلين بكل هذه السلبيات ، في حين تتمتع نسبة قليلة بموارد البلاد.

فالاحصاءت المعتمدة من قبل مراكز الابحاث الاقتصادية تقول ان الخمس الاغنى من السكان في العراق يستحوذ على ثلاثة واربعين بالمئة من الدخول ، في حين لا يحصل الخمس الفقر إلا على سبعة بالمئة فقط من الدخول . وحتى هذه الارقام لا تجسد مأساة السبعة ملايين انسان الذين يعيشون تحت خط الفقر،الذين يقدر الدخل الشهري فيه للفرد الواحد منهم بسبعة وسبعين الف دينار، في حين ان رواتب ومخصصات الفئة العليامن المسؤولين من رؤساء ووزراء ونواب وذوي الدرجات الخاصة تبلغ الملايين . ولو قسمنا الملايين العشرة ، وهي الرواتب الشهرية لعدد من هؤلاء المسؤولين وبعضهم اكثر ،فسنجد انها تعادل الدخل الشهري لما يقرب من الف واربعمئة وثلاثين مواطناً ممن يعيشون تحت خط الفقر! فأي عدالة هذه؟ بل اي ظلم؟

ان ابناء الشعب يطمحون للخلاص من هذا الوضع المأساوي . ويريدون الخلاص من الازمة ، لكي تكون لديهم حكومة تقوم بواجبها  في توفير الامن والعيش الكريم لهم والخلاص من صيغة الشعب الفقير في بلد هو من اغنى بلدان العالم . ولكي لا يظل هذا الطموح مؤجلاً (....حتى إشعار آخر) !             

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter