| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 23/11/ 2011

 

من المسؤول؟!

عبد الرزاق الصافي

الوضع في العراق يستمر على ماهو عليه من سوء. فأزمة الحكومة المستعصية تحولت الى ازمة نظام، وصار الجميع يستشعر ضرورة معالجتها جذرياً.فالوزارة ناقصة التكوين رغم مرور ما يقرب من سنة على تشكيلها. والخدمات ما زالت متردية . والفساد مستشرٍ في جميع مرافق الدولة: السياسية والادارية والاقتصادية. وسرقة المال العام بلغت ارقاماً فلكية . والامن ما يزال غير مستتب، إذ ما تزال الخروقات الامنية مستمرة. وافظع شيء في ما يخص هذه الظاهرة ان الكثيرين ، بمن فيهم مسؤولين كبار، يعلنون على رؤوس الاشهاد ان جهات سياسية مشاركة في الحكومة متورطة بحماية مجرمين قتلة ، من ارهابيين وغيرهم ،من خلال كونهم من حمايات اقطاب في هذه الجهات، ويتمتعون بالامكانيات،التي تتيحها لهم مراكزهم،بما فيها استخدام سيارات الحكومة، لمواصلة اعمالهم الاجرامية. والبطالة مستمرة بنسبة مرتفعة ،ومن يعيشون تحت خط الفقر ما يزالون يشكلون نحو ربع السكان، وفقاً للاحصاءات الرسمية ، في بلد هو من اغنى بلدان العالم بموارده الطبيعية،ويتوقع ان تكون ميزانيته للعام القادم نحو مئة وعشرين مليار دولارامريكي، وهي ميزانية تعادل ميزانية اربع دول يزيد عدد نفوسها عدة مرات عن سكان العراق المنكوبون بالكتل المتنفذة المتحكمة بالوضع.

والقائمة تطول إذا ما أردنا تعداد كل مظاهر السوء في الوضع مما لم يرد ذكره في ما سبق.

فمن هو المسؤول عن هذه الحالة المزرية؟ اسهل الاجابات هي رمي المسؤولية على المحتل وما ارتكبه من الاخطاء الجسيمة بإعتراف المسؤولين الامريكان انفسهم . والاجابة الثانية هي رمي المسؤولية على المعادين للشعب العراقي والديمقراطية والعملية السياسية الهادفة الى بناء العراق الديمقراطي الاتحادي (الفيديرالي) التعددي الموحد المستقل، من انصار القاعدة وبقايا النظام الدكتاتوري المنها ر، والقوى والجهات التي تخشى من انتقال اشعاعات الديمقراطية العراقية على انظمتهم المستبدة التي تصادر حقوق شعوبها.

ورغم ان الموضوعية تقتضي الاعتراف بصحة رمي مسؤولية الوضع المزري على هذه الجهات ، فإن هذا ينبغي ان لا يحجب المسؤولية الرئيسية للكتل المتنفذة  المتحكمة بالوضع، والمشغولة بصراعاتها اللامبدئية على مراكز السلطة والثروة والنفوذ . فهذه المسؤولية هي بنظر غالبية المراقبين السياسيين المحايدين في الداخل والخارج تقع عليها ، لأن بإمكانها ، لو إرتفعت الى مستوى المسؤولية الوطنية العليا وغلـّبت مصالح الشعب والوطن على مصالحها الفئوية الضيقة ، وقدمت التنازلات المطلوبة للتلاقي والقبول بالحلول الوسط ، ان تسير بالبلد خطوات كبرى على طريق التعافي والقضاء على ما يعانيه من ازمات في جميع مناحي الحياة .

إن هذا الواقع هو الذي جعل الدعوة لإقامة حوار وطني شامل يجمع كل القوى السياسية التي اسهمت في العملية السياسية في الوطن منذ انهيار النظام الدكتاتوري ، وكل من ظل خارج هذه العملية ، ويريد الإسهام فيها ، بإخلاص وتجرد ، تلقى التأييد الواسع من لدن اوساط واسعة من الرأي العام العراقي، وخصوصاً القوى الديمقراطية ذات الجذور العميقة في الواقع العراقي.

ولا بأس في هذا السياق من التذكير بموقف سبق للقوى المشاركة في مجلس الحكم ، ذي الصلاحيات المحدودة ايام سيء الذكر بريمر ..
ان إجمعت عليه ، واحبطت ما كان يريده بريمر، ألا وهو الاستعانة بالقوات التركية لفرض الامن في محافظة الانبار. وكان لها ما ارادت ، من دون الاستعانة بالقوات التركية ، كما كان يريد المحتلون الامريكان. فما الذي يمنع القوى المتنفذة المتحكمة بالوضع اليوم من ان تلتقي على موقف وطني موحد.

  ونظراً للواقع المكرب المتمثل في تشتت القوى وصراعاتها اللامبدئية ، فإن الامل يتجسد في تحريك اوسع اوساط الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني والاستفادةمن العناصر الحريصة على مصالح الوطن والشعب في كل الكتل التي تعلن عن تأييدها للقاء في الحوارالوطني الواسع الذي تدعو له القوى الديمقراطية . فهذا هو طريق الخروج من الازمة الحالية للحكومة وللنظام ككل.

 

لندن 21/11/2011

free web counter