| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

الأربعاء  23/6/ 2010

 

يكاد الصبر ان ينفد!

عبد الرزاق الصافي

في اوائل خمسينات القرن الماضي كان الدكتور احمد عزت القيسي طاب ثراه يحاضر في كلية الحقوق العراقية ببغداد في موضوع الطب العدلي ، وهوعـَلَـَم في هذا المجال مشهود له بالكفاءة عالمياً. وكان الدكتور القيسي بغدادياً ظريفاً. وقد سألنا ، نحن طلبته يومذاك،هل تعرفون لماذا يسجـّل شهر تموز/يوليو في العراق اكبر نسبة من جرائم القتل؟ ولما لم يتصدَّ اي من الطلبة ،الذين قارب عددهم المئتين، للجواب ، قال الكتور القيسي : لأنه اكثر اشهر الصيف حرارة، ولأنه ينزل فيه الباذنجان في السوق بكثرة!

تذكرت هذه الطرفة وانا اتابع اخبار ارتفاع درجات الحرارة هذه الايام ، و قبل ان يحل شهر تموز /يوليو هذا العام ، الى حد الخمسين مئوية . ويقترن بهذا الارتفاع الذي قل مثيله او انعدم في الخمسينات، انقطاع التيار الكهربائي في غالبية مدن العراق ،هذه الايام ،على مدى عشرين ساعة في اليوم ! الامر الذي يجعل حياة الملايين من ابناء الشعب الفقراء ومتوسطي الحال جحيماً لا يطاق ، وخصوصاً في المدن الجنوبية وفي مقدمتها البصرة ثاني اكبر مدن العراق، حيث تترافق هذه الحرارة العالية بنسبة عالية من الرطوبة التي تخنق الانفاس ،وعواصف رملية في غالبية المدن في كثير من الاحيان.

ولا يقتصر الامر على الجو الطبيعي الذي لا يطاق ، بل يرافقه جو سياسي خانق جراء استمرار اعمال العنف والتفجيرات الاجرامية من قبل قوى الارهاب من تنظيمات القاعدة وغيرها التي توقع عشرات الشهداء ومئات الجرحى كل اسبوع و استمرار الكتل النافذة في مجلس النواب في المماحكات والصراعات وتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة التي ينتظرها الشعب بفارغ الصبر، لعلها تنهي الشلل او ما يشبه الشلل للماكنة الحكومية ، وتتيح باب فتح التعيينات لاشغال مئة وخمسة عشر الف وظيفة عطلها البرلمان السابق بسبب المماحكات السياسية والصراعات اللامبدئية بين الكتل الكبيرة ، وتضع حداً لاعمال الارهاب والعنف .

ولذا كان طبيعياً ان يتفجر غضب الشعب في البصرة والناصرية وبغداد بمظاهرات صاخبة ضمت الالوف التي تطالب بتوفير الكهرباء. وان يطالب ابناء مدينة كربلا بالسماح لهم بالتظاهر من اجل مطاليبهم وفي مقدمتها توفير الكهرباء.

وقد جوبهت هذه المطالبات بموقف متعسف من جانب السلطات بلغ حداً كبيراً من البشاعة في البصرة تمثل بإطلاق النار على المتظاهرين وقتل وجرح عدد منهم . الامر الذي زاد السخط والتذمر .

والى جانب هذا بادر عدد من الاعلاميين في نهاية الاسبوع الماضي، الى اعلان اعتصام مفتوح يومياً من الساعة السابعة مساء حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل في ساحة الفردوس التي شهدت سقوط الصنم في التاسع من نيسان/ابريل 2003، متحدّين منع التجول الذي يبدأ في الساعةالثانية عشرةمن كل ليلة . وذلك للضغط على النخب السياسية النافذة في مجلس النواب للاسراع في انهاء الازمة المتفاقمة وتشكيل الحكومةالجديدة . وقد حظي هذا الاعتصام بتأييد واسع من لدن ابناء الشعب وفي مقدمتهم المثقفين من كتاب وادباء وفنانين تشكيليين ومسرحيين وغيرهم.

انها ارهاصات جلية لما يمكن ان تحمله الايام القادمة من تصاعد في نضالات الشعب لانهاء الازمةالسياسية الحالية ومواصلة الجهود لتعزيز الديمقراطية ، خصوصاً وان المحكمة الاتحادية العليا اصدرت حكمها بعدم دستورية التعديل الذي اجراه البرلمان السابق،القاضي بإعطاء اصوات القوائم الانتخابية ، وهي بمئات الالوف ،التي لم تحقق القاسم الانتخابي في الدوائر الانتخابية الى القوائم الفائزة دون وجه حق .
وقد تنادت القوائم التي غـُمط حقها في الوصول الى البرلمان للبحث في الخطوات القادمة لاستعادة حقوقها المغتصبة.

وانها لمعركة ستطول ولكن النصر فيها مرهون للقوى الديمقراطية المعادية للطائفية والمحاصصة والمتمسكة بحقوق الشعب قصر الزمن او طال . وكل آت قريب كما يقال.
 

free web counter