| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 22/2/ 2012

 

قبل القمة   .. بعد القمة !

عبد الرزاق الصافي

اشغلت الكتل النيابية التي تتحكم بالسلطة وتبعد البرلمان عن ان يكون الجهة التي تتولى حل الاشكالات التي تحصل بين الكتل التي تتألف منها الحكومة العراقية ، اشغلت الرأي العام العراقي على مدى الشهرين الماضيين ، بالحديث عن مساعيها المزعومة لحل الازمة المستعصية في ما بينها، والقضاء على التوتر الذي يسود البلاد ويشكل مرتعاً خصباً لزمر الارهاب والتخريب وكل اعداء الشعب العراقي لمواصلة اعمالهم الاجرامية ضد الشعب العراقي ، وقتل المزيد من ابنائه الأبرياء ، وتعطيل اعمال الاعمار وتأمين الخدمات التي يتوق اليها ابناء الشعب.

وكان آخر ما قامت به بهذا الصدد قرارها يوم الاحد قبل الماضي بتأجيل الاجتماع الثالث للجنة التحضيرية للاجتماع الوطني الذي كان من المؤمل ان يتم في اوائل شهرشباط/فبراير الحالي او في وسطه، الى يوم الاحد الماضي،للانتهاء من اعداد ورقة تجمع عليها كل الكتل لتحديد موعد الاجتماع المرتقب ومكانه والمشاكل التي يسعى لوضع حلول لها .

وبرغم ان كل الدلائل كانت تدل على ان الاجتماع الرابع يوم الاحد الماضي ما كان بإمكانه ان يحل اي شيء، لأن الاطراف المدعوة للمشاركة في الإجتماع   كانت قد اعلنت،في غالبيتها، مواقف تجزم بأن الاجتماع غير قادر على انجازماهو مطلوب منه ، فقد استمرت الدعوة لعقد الاجتماع ، وتم بالفعل برئاسة السيد اسامة النجيفي رئيس مجلس النواب.

وكان لا بد من ايجاد ذريعة لتأجيل الاجتماع مجددا ً. ونظراً لإدراك المجتمعين تعذر اتفاقهم في امد محدد لحل الاشكالات في ما بينهم ، بسبب من تمسك كل طرف بوجهة نظره النابعة من الاصرار على المصالح الفئوية الضيقة لكل منهم ، وعدم اعتماد المصلحة الوطنية العليا للخلاص من الوضع المزري الذي تعيشه البلاد، فقد تذكروا ان العراق سيستضيف القمة العربية بعد ما يقارب الستة اسابيع ، ولذا أجلوا اجتماع اللجنة التحضيرية للاجتماع الوطني الى مابعد عقد القمة العربية المرتقبة في اواخرآذار/مارس القادم ! من دون تحديد يوم لهذا الـ"مابعد"، الذي جعلوه موعداً للاجتماع القادم .

ان اقل ما يمكن ان يقال في وصف هذا الامر انه استهتار بمصالح الناس وبعقولهم . فهذه الكتل النيابية المشغولة بمصالحها الفئوية الضيقة ، والتي تعتبر الحكم غنيمة لتعظيم النفوذ والمغانم ، سوف تواصل انتهاج هذه السياسة القائمة على اساس المحاصصة ومراعاة المصالح الضيقة لكل منها ، ما لم تـُجبر على التخلي عنها من قبل اوساط الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني والعناصر التي يصحو ضميرها في كل منها لتلتفت الى المصلحة الوطنية العليا . وإلا فستستمر الازمة بأشكال مختلفة من الآن حتى انتهاء ما تبقى من مدة المجلس النيابي الحالي في العام 2014 . الامر الذي يقول به الكثير من المراقبين السياسيين المتابعين للاوضاع ، ليس بسبب مواقف هذه الكتل فحسب ، بل وبسبب التدخلات الاجنبية التي لا تريد للعراق ان يستقر ولا تريد للتجربة الديمقراطية العراقية ، رغم كل نواقصها ، ان تتعافى ، وتواصل التأثير في المنطقة ، وتشكل نموذجاً يمكن ان تقتدي به الشعوب التي تعاني الحرمان من الديمقراطية ومصادرة حقوقها في العيش في ظل انظمة حكم نابعة من ارادة الشعب.

الامر الذي يلقي مسؤولية كبيرة على القوى الديمقراطية والوطنية الحريصة على مصلحة الوطن والشعب للعمل على الارتفاع بمستوى نضالها لتغيير ميزان القوى الحالي والخلاص من سياسة المحاصصة الطائفية والاثنية والمجيء ببرلمان  تنبثق عنه حكومة تضع المواطن المناسب ، رجلاً كان او امرأة، في المكان المناسب ، استناداً الى كفاءته واخلاصه ، وليس على اساس انتمائه الضيق الطائفي او الديني او الاثني او غير ذلك من الانتماءات الضيقة . فهذا هو طريق الخلاص الحقيقي من الازمات ، وطريق العمل الجاد من اجل مصلحة الوطن والشعب وتأمين الخدمات والاعمار والقضاء على الارهاب والبطالة والفساد ، وكل ما حفلت به السنوات التسع ، وما سبقها من اوضاع عانى منها الشعب طويلاً وآن له ان يتخلص منها.      

 

 

free web counter