| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

الأثنين 21/12/ 2009

 

 ما بعد الخروج من عنق الزجاجة!

عبد الرزاق الصافي

كان اقرار قانون الانتخابات للبرلمان العراقي يوم السادس من هذا الشهر ، في الدقائق الاخيرة التي يسمح بها الدستور، رغم النواقص الكثيرة التي حواها ، مكسباً حققته العملية السياسية في العراق ، لأن هذا الاقرار جنـّب البلاد مخاطر الوقوع في فراغ دستوري ، بكل ما يحمله ذلك من اخطار على العملية السياسية ، والعودة بها الى المربع الاول. وهذا هو ما استهدفته وتستهدفه القوى المعادية للعملية السياسية ، الداخلية والاقليمية ، التي لا يروق لها ان يخطو العراق خطوات جدية نحو ترسيخ الديمقراطية واستكمال بناء العراق الديمقراطي الاتحادي التعددي الموحد المستقل. ذلك انه سيكون قدوة لشعوب المنطقة التي تعاني من الحرمان من الديمقراطية الحقيقية ، او ضعفها ، ومن الاستبداد البغيض بالنسبة للبعض منها .

ولذلك وصفنا اقرار القانون بـ" الخروج من عنق الزجاجة "، الذي تم, كما هو معروف, بضغوط خارجية ، مع الاسف الشديد كما ذكرنا في الإسبوع الفائت .

لقد كان وراء تعثر اقرار القانون ، وتأخره حتى الدقائق الاخيرة تشرذم القوى السياسية والكتل الكبيرة في البرلمان، وسعي كل طرف فيها الى الاهتمام بمصالحه الضيقة ومكاسبه التي حققها في الانتخابات السابقة ، والرغبة في الحفاظ عليها ، بأي ثمن كان ، ولو كان على حساب المصلحة الوطنية العليا .

واليوم بعد الخروج من عنق الزجاجة ، وفشل القوى المعادية للعملية السياسية ، المعادية للديمقراطية ومصالح الشعب من امثال تنظيم القاعدة وبقايا النظام السابق وغيرهما من القوى الارهابية التخريبية ، والقوى الخارجية التي تدعمهما ، وتغدق عليهما الاموال وتزكيهما بإعتبارهما "مقاومة وطنية" مزعومة، فشلها في شل العملية السياسية عن طريق تعطيل البرلمان وإعاقة اقرار قانون الانتخابات ، يراقب ابناء الشعب ، بأسف والم كبيرين ، الى استمرار تشرذم القوى المتنفذة وانغمارها في صراعاتها ، التي اعطت ، وتعطي القوى المعادية للديمقراطية الفرصة لمواصلة نشاطاتها الاجرامية بحق ابناء الشعب ، وتنظيم المجازر البربرية ، التي تمثلت في الأربعاء الدامي في آب/اغسطس ، والاحد الأسود في تشرين الاول/اكتوبر ، والثلاثاء الدامي ايضاً في هذا الشهر، المجازر التي اودت بما يزيد على الالفي ضحية بين قتيل وجريح .

ومما يبعث على الاسف والقلق ايضاً ان الطريقة التي تحقق فيها اقرار قانون الانتخابات ، تهدد باستمرار تجدد الازمة التي شهدتها البلاد جرّاء تأخر اقرار هذا القانون . وذلك لأن اصرار القوى المتنفذة على الابقاء على النواقص والثغرات الي حواها القانون ، سيعيد انتاج برلمان جديد لا يختلف كثيراً عن تركيبة البرلمان الحالي ، وان كان من المحتمل ان تتبدل وجوه ليست قليلة في البرلمان الجديد . ولكن ما سوف لن يتبدل كثيراً هو بقاء توزيع المقاعد على اسس طائفية وقومية ومناطقية ، وليس على اسس انتماءات سياسية وطنية عامة .

الامر الذي يحتم على القوى الوطنية الديمقراطية العلمانية ضرورة العمل الجاد على تعزيز وحدتها وتنسيق نشاطاتها لمواصلة النضال من اجل تخليص العملية السياسية مما يشوبها من نواقص جدية ، ومنع القوى التي ترتكز على تغذية الانتماءات الضيقة من دينية وطائفية ومناطقية ، على حساب الانتماءات الوطنية ، من التحكم بتطور البلاد ، واعاقة عملية بناء العراق الديمقراطي الإتحادي التعددي المستقل الموحد ، وتعزيز امن الوطن والمواطن، واطلاق عملية البناء لإعمار البلاد ومكافحة الفساد المستشري في اجهزة الدولة وغيرها من المطالب العادلة التي طال انتظارها من قبل ابناء الشعب .


 


 

free web counter