| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 21/3/ 2012

 

قبل القمة ... بعد القمة !

عبد الرزاق الصافي

لم يعد يفصلنا عن موعد عقد القمة العربية في بغداد سوى نحو اسبوع واحد. وكان موضوع انعقاد القمة قد شغل الاعلام والرأي العام العراقيين الى درجة كبيرة ، على حساب التعبيرعن المعاناة الكبيرة من نقص الخدمات والفساد والتذمر والقلق من الخروقات الامنية المتواصلة ،التي تهدد بالتواصل حتى انعقاد القمة ،بهدف تخريبها من قبل الجهات المعادية التي تقف وراء هذه الخروقات والجرائم البشعة الناشئة عنها.

وقد تداخل موضوع القمة بالصراع الدائر بين الكتل الكبيرة المتصارعة داخل الحكومة وخارجها لتنفيذ اجنداتها ، مستغلة موضوع انعقاد القمة . فمن المعروف ان القائمة العراقية برئاسة الدكتور اياد علاوي طالبت وتطالب بحل اشكالاتها مع كتلة التحالف الوطني ، و بالخصوص مع ائتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي رئيس الوزراء، والاستجابة لمطالبها قبل انعقاد القمة ، وهدّدت بالتقدم الى القمة بمذكرة تنشر فيها غسيل الوضع في العراق إن لم تتم الاستجابة المطلوبة، وتطالب بأن يكون الوضع الداخلي في العراق على جدول اعمال القمة العتيدة. وبسبب من الاخذ والرد حول هذا الموضوع ، عقدت اللجنة التحضيرية للمؤتمر او اللقاء الوطني خلال مايقرب من شهرين خمسة اجتماعات من دون ان تنتهي الى التوافق على موعد عقد هذا المؤتمر او اللقاء ومكانه وجدول اعماله . وكان ان شكلت لجنة مصغرة تأخذ على عاتقها انجاز مهمة الاتفاق على هذه الأمور يوم الاحد الفائت. غير انه لم يصدر ما يشير الى توفق اللجنة في مهمتهاحتى مساء الاحد المذكور قبل كتابة هذه السطور . الامر الذي يعني ان هذا المؤتمر او اللقاء الوطني بين اقطاب الكتل المتصارعة والرئاسات الثلاث: الجمهورية والبرلمان والحكومة ورئيس اقليم كردستان لن يعقد،على الاحتمال الاكبر، قبل عقد القمة في التاسع والعشرين من هذا الشهر . وان ازمة النظام التي كان من المؤمل ان يتولى هذا المؤتمر ايجاد الحلول لها ستتواصل بعد الإنتهاء من القمة العربية.

لقد صرف العراق حتى الآن ما يقرب من المليار من الدولارات الامريكية في سعيه للنجاح في مجرد عقد القمة . إذ جرى تخصيص حوالي نصف مليار دولار في العام الماضي لتهيئة بغداد لإستقبال القمة . ودفع قبل ايام ما يزيد على الاربعمئة مليون دولارلتسديد ماسمـّي بديون للعمالة المصرية التي كانت في العراق لمجرد ضمان حضور مصر الى القمة .وقد يضطر لدفع ملايين اخرى تكون للفساد والفاسدين حصة فيها كما كان مع ما خصص سابقاً.

إن سعي الحكام العراقيين الى النجاح في عقد القمة ونجاح اعمالها امر له ما يبرره لضمان استعادة العراق لدوره في المحيط العربي ، الذي ظل موقفه سلبياً تجاه العراق طيلة السنوات التي اعقبت سقوط النظام الدكتاتوري السابق .غير ان ما هو اهم من هذا بكثير هو النجاح في انهاء الازمة المستحكمة التي تلف النظام ، وتهدر طاقات ابنائه ، وتعيق الانطلاق نحو الاعمار المنشود وتأمين الخدمات التي حرمت منها غالبية ابناء الشعب وفي مقدمتها الكهرباء والماء الصالح للشرب والعمل للعاطلين وتخفيض عدد من يعيشون تحت خط الفقر البالغ سبعة ملايين انسان إن لم يكن اكثر. وقبل هذاوذاك مكافحة الفساد والارهاب والتخريب والخروقات الامنية المتواصلة .

فإنعقاد القمة ونجاح اعمالها ، رغم اهميته ، إلا انه لن يرقى الى اهمية القضاء على الازمة المستعصية للنظام التي تهدد بعواقب وخيمة ، تتطلب من القوى المتصارعة الارتفاع الى مستوى المسؤولية الوطنية ووضع مصالح الشعب والوطن فوق كل اعتبار.
 


لندن 1
8/3/2012
 

 

 

free web counter