| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

الثلاثاء 20/1/ 2009



معركة انتخابية ذات إبعاد متعددة

عبد الرزاق الصافي

لم تبق إلا أيام قليلة على الحادي والثلاثين من الشهر الحالي ، وهو موعد إجراء الانتخابات لمجالس المحافظات في العراق . وقد استعرت معركة حادة بين المكونات السياسية العاملة في العملية السياسية والتي هي خارجها . نظراً لما لهذه الانتخابات من أهمية في رسم اللوحة السياسية القادمة في العراق . خصوصاً وان هذه السنة هي سنة انتخاب مجلس نيابي جديد . إذ أن نتائج انتخابات نهاية الشهر الحالي ستعطي مؤشراً مهماً لما ستكون عليه نتائج الانتخابات البرلمانية .

أن أعداء العملية السياسية الجارية في العراق من فلول تنظيم القاعدة ، وبقايا النظام السابق ، الذين يحلمون بالعودة إلى السلطة، يسعون إلى تخريب العملية الانتخابية ، ومنع استكمال المؤسسات الدستورية ، ومن بينها مجالس المحافظات التي هي بمثابة حكومات محلية ، للعراق الديمقراطي الاتحادي الموحد المستقل . ولذلك يواصل هؤلاء الأعداء أعمال التخريب والإرهاب والاغتيالات وغيرها من الجرائم بأمل إحباط العملية الانتخابية ، أو على الأقل منع اكبر عدد ممكن من الناخبين من الإدلاء بأصواتهم فيها ، وتعزيز السلبية بين صفوف أبناء الشعب ، وبث المفاهيم الخاطئة عن عدم جدوى المشاركة في الانتخابات .

كما أن حدة الصراعات بين القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية ناجمة عن عوامل عدة ، تقف في مقدمتها الانشقاقات التي حصلت في غالبية الكتل الكبيرة التي خاضت الانتخابات السابقة واستأثرت بمقاعد المجالس في غالبية المحافظات . فالائتلاف العراقي الموحد الذي كان يدعي تمثيل المكون الشيعي في العراقي ،لم يعد موحداً منذ أمد بعيد نسبياً . وزادت حدة الصراعات بين المكونين الكبيرين اللذين بقيا موحدين حتى فترة قريبة ، وهما حزب الدعوة الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء والمجلس الأعلى الإسلامي، وقررا خوض الانتخابات بقوائم منفصلة ، في أجواء مشحونة بالاتهامات المتبادلة بخصوص خرق الضوابط الانتخابية واستغلال النفوذ واللجوء إلى تشويه العملية الانتخابية وشراء الأصوات ، وغيرها من الاتهامات .

ولم يقتصر الأمر على "الائتلاف العراقي الموحد" بل ان التمزق شمل جبهة التوافق العراقية التي تشكل اكبر مكون سنـّي في مجلس النواب . وبروز قوى لم تكن مشاركة في الانتخابات السابقة ، بل كانت خارج العملية السياسية ، وتركت مواقعها السابقة ، وانخرطت في مكافحة قوى تنظيم القاعدة ( وشكلت ما يسمى بقوات الصحوات، التي أعانت أجهزة الأمن والقوات الأمريكية على طرد مسلحي تنظيم القاعدة من محافظة الأنبار) وهي اليوم تعتبر نفسها قوة سياسية تريد أن تحتل مواقعها على الضد من مكون أساسي في جبهة التوافق العراقية هو الحزب الإسلامي . ومن الجدير بالذكر أن جبهة التوافق العراقية هي أيضا لم تبق موحدة إذ انسلخت عنها بعض مكوناتها ، وقررت خوض الانتخابات بقوائم مستقلة .

ومن بين العوامل التي تزيد من حدة المعركة الانتخابية سعي الجهات التي تستأثر باحتلال مقاعد مجالس المحافظات حالياً ، بالحفاظ على مواقعها في ظل الأجواء السلبية التي تحيط بها جراء أدائها السيئ طيلة السنوات الأربع الماضية ، وخيبة الأمل الشديدة التي عمت غالبية الأوساط التي منحتها ثقتها في الانتخابات السابقة ، وعزم هذه الأوساط على استخدام المعركة الانتخابية القادمة لتصحيح الأوضاع والمجيء بعناصر أنظف وأكفأ وأنزه إلى مجالس المحافظات الجديدة .

وجراء كل ما ذكرناه فقد شهدت المعركة الانتخابية، حتى الآن، مظاهر سلبية تنم عن ضعف الثقافة الديمقراطية لدى بعض النخب السياسية ، والابتعاد عن الضوابط المطلوبة لضمان جريان الانتخابات في أجواء حرة بعيدة عن ما يشوهها من عدم احترام الخصوم والاعتداء على دعاياتهم وملصقاتهم الانتخابية وشراء الأصوات بل والاعتداء على حياة بعض المرشحين كما حصل قبل أيام في محافظة بابل ،إذ اغتيل أحد مرشحي القائمة التي يترأسها رئيس الوزراء نوري المالكي.

وفي خضم هذه الأجواء الملبدة والصعبة تسعى القوى الديمقراطية العلمانية ، الساعية إلى بناء الدولة الديمقراطية المدنية ، رغم ضعف إمكانياتها المالية ، مقارنة بالقوى المسيطرة ، إلى تجميع قواها ، وخوض الانتخابات بحماس وهمة عالية من اجل تغيير اللوحة السياسية في العراق نحو الأحسن . والأمل كبير في أن تحقق نجاحات قد لا تبدل اللوحة تبديلاً جذرياً كبيراً . ولكنها تجعل من الانتخابات الحالية خطوة على طريق التغيير المنشود .
 


 

free web counter