| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عبدالرزاق الصافي

 

 

 

 

                                                                                   الأربعاء 18/5/ 2011

 

ترليـــون!

عبد الرزاق الصافي

والترليون هو ما يساوي الف بليون اوالف مليار اي مليون مليون . ومعذرة للقارىء الكريم لهذا الاستطراد في الحديث عما يعنيه الترليون كرقم . فقد قيل ان العرب القدماء لم يسموا رقماً يزيد عن المئة الف . وكانوا قبل استعمال المليون كرقم يقولون الف الف . اما البليون كما يقول الانجليز او المليار كما يقول الفرنسيون فقد دخلا العربية بعد المليون . وواضح من صيغة المليون والبليون والمليار والترليون انها كلها الفاظ اجنبية دخلت العربية .

ولحسن الحظ لم يستطع الجامدون من اللغويين من اعاقة استعمالها او بذل الجهود العقيمة لتعريبها كما فعلوا مع الكثير من المصطلحات العلمية ، متناسين ان اللغة العربية ،ايام كانت بغداد من اهم المراكز الحضارية في العالم ، استطاعت بفضل مرونتها ان تستوعب الكثير من الالفاظ الاجنبية دون عناء او حذلقة .

اما سبب عنوان هذا المقال فهو ما اوردته وكالة الطاقة الدولية من انها تتوقع ان يرتفع الريع النفطي لدول منظمة "اوبك"، في حال استمرارسعر برميل النفط فوق المئة دولار خلال العام الجاري ، الى ترليون دولار . وهو رقم قياسي. وجاء هذا التوقع نتيجة لتجاوزسعر برميل النفط المئة دولار خلال الاشهر الثلاثة الاولى من هذا العام .وقد سجل رقماً قياسياً في الاسبوع الاول من شهر ابريل/نيسان إذ بلغ مئة وستة وعشرين دولاراً للبرميل ، واحتمال استمرار هذا المستوى ، اي ما يزيد عن المئة دولار، خلال العام كله نتيجة الزيادة المستمرة في الطلب على النفط من قبل دول مستهلكة ذات اقتصاد نامي مثل الصين والهند وكورياالجنوبية . هذا فضلاً عن الدول الصناعية المتقدمة ، الى جانب عوامل اخرى لسنا بصدد الاستطراد في ذكرها لانها خارج اهتمام هذا المقال .

ولا شك في ان حصة الدول العربية النفطية من الرقم الفلكي الذي يجسده الترليون دولار هي حصة الاسد . ويكفي ان نذكر ان المملكة العربية السعودية تصدر يومياً اثني عشر مليون برميل من النفط ، قابلة للزيادة تلبية لحاجة السوق عند حصول اي نقص في الانتاج في اي مكان في العالم ، بسبب كوارث طبيعية او اضطرابات سياسية او غير ذلك من العوامل .

والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هل ستؤدي الزيادة في الريع النفطي الى تحسن الاوضاع في البلدان العربية النفطية وغير النفطية . اي هل سينخفض مستوى البطالة المكشوفة والمقنـّعة ؟ وهل سيرتفع مستوى الخدمات من صحة وتعليم وماء صالح للشرب وكهرباء وبنى تحتية ؟ وهل سيجد خريجو الجامعات العربية عملاً ينسجم مع طاقاتهم ومستواهم العلمي وينفع اقتصادات بلدانهم؟وهل سيؤدي ارتفاع الريع النفطي الى تحديث الدول العربية واقتصاداتها وتعليمها ورفاهية شعوبها ؟

ان الجواب بالايجاب على هذه الاسئلة لا يمكن ان يكون دون الاصلاح السياسي والقضاء على الاستبداد والفساد ونهب المال العام ، واتاحة الفرصة للشعب وممثليه من فرض رقابة حقيقية على سلوك الحكومات ومحاسبتها على الطريقة التي تصرف بها الموارد الكبيرة التي تدخل ميزانية الحكومة ووضع حد نهائي لسوء التصرف بالمال العام.

نقول هذا وامامنا مثالان صارخان في دولتين عربيتين هما العراق في عهد صدام وليبيا القذافي .

فقد جرى تبديد عشرات بل مئات المليارات من الدولارات على التسلح والحروب العبثية والارهاب وشراء ذمم المدّاحين والمصفقين والمرتزقة واهملت الصناعة والزراعة والخدمات حتى صار هذان البلدان مثالاً صارخاً للشعب الفقير في البلد الغني.

ولشديد الأسف فإن الوضع في العراق لم يرق الى ما طمح اليه الشعب بعد الخلاص من النظام الدكتاتوري، وذلك بسبب الاحتلال والارهاب والفساد المستشري في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والمالية والادارية . وبسبب من ذلك ضاعت مئات المليارات من الدولارات . ويكفي ان نذكر في هذا السياق فضيحة البحث التي اعلن عنها مؤخراً عن اربعين مليار دولار لا يعرف اين ذهبت ايام كان الحاكم الامريكي بريمر يتحكم بالامور في العراق المحتل.

وهاهو القذافي يذيق الشعب الليبي المكافح الامرين ويتمسك بالسلطة ويستخدم ماكدسه من اموال على استئجار المرتزقة لكبح وقتل ابناء الشعب الليبي المناضل من اجل الخلاص من حكمه البغيض.

وقديما قيل : قليل المال تصلحه فيبقى/ ولا يبقى الكثير مع الفساد . والاستبداد اكبر مرتع للفساد. ولكن الفساد الى زوال بفضل النهوض الذي تشهده الساحات العربية والنضال من اجل انظمة ديمقراطية ترعى مصالح الشعب.        

free web counter